اليمن .. من التقاسم إلى التقسيم
الثلاثاء 23 أكتوبر ,2018 الساعة: 08:09 صباحاً

إن دور أي مؤسسة رئاسية لا يقتصر على التعيينات والمراسم البرتوكولية  بل إن الدور الأصيل والرئيس، هو السهر على حقوق المواطن وأمنه، وليس هناك معني آخر للقيادة سوى أنها تعني القوة الساكنه التي تجمع الناس وتجعلهم كيانا واحدا حيا.


 (يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ ).
والكلمة الصحيحة أيضا مع أي تشكيل وزاري جديد، ليس مؤهل رأس الحكومة أو العمر أو المدينة بل هو مدى توافر الإراده السياسية وحقيقة قدرة وأمانة المسؤول على تحقيق ذلك ، فمن قبل التاريخ الميلادي والمفكرون يتحدثون عن وظائف النظام ودور الرئيس، واليوم هناك ما يعرف بالسياسة بقدرات النظام، أي نظام، من مدخلات ومخرجات والتي منها :
أ- القدرة الاستخراجية: 
 والتي تعني قدرة النظام على تعبئة وتحريك الموارد المادية والبشرية، وكيف يستطيع النظام التعامل مع ثروات وموارد البلد الماديه، وكذلك قدرته على جعل الأفراد يعطون كل مالديهم من مجهود وإبداع ومن يقوى على احتمال  دفع الموارد:   الشمال  أم الجنوب ؟ وعلى، من يعتمد في ذلك : مراهقين ومغامرين أم القوي الأمين .
 ب-القدرة التنظيمية: 
وتعني الأداء السياسي في تنظيم المجتمع وإدارة مجالات الإنتاج والخدمات والرقابة على سلوك الأفراد وضبطها وصولا الى الإهتمام برعاية الأطفال والنساء الحوامل.
 ج-القدرة الرمزية:
وتشير الى الحفلات الرسمية والأعياد القومية والحفاظ على الآثار القومية والمكتسبات النفسية لمواطنيه، من كرامة وعزة وهيبة والتغني بشجاعة وعلماء البلد،  وهل يستخدم النظام رموز وأمثال وطنية ولغة يفهما شعبه.


 - هلاك حكومات من قبلكم


إنما أهلك الذين من قبلكم من الحكومات أنها كانت تغزو مع القوي الفاجر، فكان فجوره على المواطن وقوته لنفسه في نهب وسلب البلد.
 إن الكلمه السحرية والقول الفصل في فشل أي حكومه ليس فشلها فقط في الجانب السياسي والإقتصادي الذي يمكن تداركه في بضع سنين،  بل بتوجيه سلوك الأفراد والجماعات في الاتجاه نحو قيم الأخلاق واحترام القانون،  خاصة لشعب عريق مثل الشعب اليمني الذي يتوق وينتظر لمن يأخذ بيده.
فقبل الوحدة كنا دولتين بشعب واحد، وبعد الوحدة شعب واحد ولكن بدولتين.
 وبعد 2011 أرجعت البصر كرتين،  لكنه كان ينقلب خاسئا وهو حزين فلم أرى لا دولتين ولا شعب وإنما كما قال احد اللبنانيين : هناك أوطان متعددة تتخلق لكل منها عاصمة ومركز وقوة وشعب وهناك ألسنة الناس تلهج : نحن وهم،  وكل ما كان سيئا متخلفا ومتخفيا أصبح يتبوأ سدة الصدارة،  وهناك طرق و جسور ومباني ومقرات للأحزاب وعناوين كثيرة وفنادق ومطاعم وهناك بطيخ مرصوص كالأهرام لكن ما ليس يرى هو الوطن..


 ثانيا: من التقاسم الى التقسيم

1- التقاسم :

تقوم نظرية التقاسم على فلسفة أنها تزيل مخاوف المتصارعين وتعمل كإسفنجه تمتص جروح ما بعد الحروب،  وقد عرفت اليمن المعاصر التقاسم مرتين:  الأولى بعدالوحدة 1990 حتى 1994 بين صانعي الوحدة،  ولكنها فشلت في ترميم الجروح وتقريب المسافات وبناء الدولة القوية  ورغم ثبوت فشلها سابقا،  وكان المجتمع اليمني لا يزال أكثر تماسكا وأقل تعددا إلا أنه تم استدعاء تلك النظريه لمرة ثانيه بعد 2011 م، وتقريبا نفس أبطال مهندسي التقاسم الأول عادوا لكن مع تغير بسيط بالمواقع والأدوار والجميع كان حاضرا وشاهدا لحفلة التقاسم والعشاء الأخير !!


2- التقسيم :


نظرية جديدة وبديلة للتقاسم والتي أثبتت فشلها بأكثر من دولة وأنها لم تعمل بكفاءة. فإن الحل برأي هذه المدرسة هو :
 تقسيم السلطة، لا تقاسم السلطة، وتغيير القواعد السابقة  بأخرى تشجع على التعاون، مثل تغيير النظم الانتخابية وإقامة نظام فيدرالي.


وفي اليمن بدأت فكرة تقسيم السلطة بشكل رسمي في مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في  18 مارس 2013 حتى21 يناير 2014م والذي صيغ لأجل تجنيب اليمن الصراع المسلح، وقد نجح هذا المؤتمر بكل شيء إلا بالحفاظ على اليمن.

فتم اختيار 565 عضوا كممثلين لكافه المكونات اليمنيه وتم تقسيمهم على 9 ورش عمل.

وشرط قبول أي قرار ،  الحصول على 90% من أصوات المشاركين،  فإن لم يتوفر، يكتفى بنسبه 75% في المرة الثانية وإذا لم يتم، فيكون الرجوع الى لجنة التوفيق، فماذا حدث بهذا الحفل التنكري؟
 لم نتوافق على قضية من القضايا بل حلت معظم القضايا بلجنة التوفيق، المكونه من رئاسة المؤتمر وروؤساء فرق العمل ولم يتم حسمها من خلال الموتمر والذي تحدث عن أسسها ولم يفصل فيها، مثل : أسس الدولة  من فيدرالية وعدد الأقاليم وتوزيع الصلاحيات بين الحكومة الإتحادية والأقاليم....الخ
 
سؤال الأسئلة :
 هل يمكن أن ينجح التقسيم ويتحقق في ظل غياب الدولة ومؤسساتها،  وما حقيقة مهمة الحكومة  الجديدة هل التقسيم والفدرلة؟ وكيف سيتحقق ذلك بدولة رئيسها وحكومتها خارج البلد وبلا مؤسسة تشريعيه وبلا جيش موحد قوي؟

 كل ذلك يجري لبلدي في ظل عوامل ثقافية جديدة ولاعبين جدد مما زاد من تعقد المشهد وصعوبة إدارة الصراع!


Create Account



Log In Your Account