متى ستستيقظون أيها الحمقى؟
الإثنين 06 أبريل ,2020 الساعة: 05:50 مساءً

السعودية تركت تعز جزء من اختصاص الإمارات تسليحا وإشرافا عسكريا طيلة أربع سنوات من الحرب.

فعلت ذلك عمدا، واستخدمتها لمحاصرة تعز وضربها من الداخل بصناعة الأذرع الإرهابية والتشكيلات الموالية لها ومحاولة تفكيك الألوية حديثة النشأة واستقطاب بعضها، ليسهل لاحقا الإطاحة بكل تضحياتها.


حرص الحليفان على إبقاء تعز محافظة لاستنزاف الجميع، وتأديب نزعتها الثورية، واطالة أمد الحصار والعذاب، وإنتاج فصول من مآسي الفقر والإنهاك الإقتصادي، حتى تصل الى لحظة استسلام ليفعل التحالف مايشاء.

في نفس الوقت اندفعت الإمارات للسيطرة على الساحل، والإبقاء على مليشا الإرهاب الإيراني كبرزخ جغرافي مسلح يفصل الساحل التعزي عن المحافظة ليسهل لها العبث هناك كما تشاء.

وقتها منعت محافظ المحافظة علي المعمري من زيارة المخا، وتحدث حينها كيف سعت لفرض أحزمة أمنية خارج سيطرة السلطة الشرعية، وكان ذلك جزءا من دوافع ضغطها لتغييره.

لقد أعادت أبوظبي كل المسوخ الذين قاتلوا مع الحوثي صالح ضد الشرعية ومكنتهم من مفاصل مدينة المخا والساحل، واعتنت بوجه خاص برجال صالح المخلصين في شبكة عصابات التهريب، ذائعة الصيت.

فعلت كل شيئ لمنع أي وجود للسلطة الشرعية هناك، ولم تجد شخصا مخلصا لمخططاتها أكثر من ذلك الرجل الذي قاتل اليمنيين الى جانب الحوثيين وإيران، كتفا بكتف، طيلة 3 سنوات.

إنتظرت الإمارات قرصانها الجديد، طارق شخبوط، شريك جريمتها الكبيرة في انقلاب سبتمبر 2014 ، أشهرا ، بعد تحرير سواحل تعز، كي يعلن انشقاقه المزعوم عن الحوثي، فأهدته كل تلك المناطق التي استعادتها تضحيات المقاومة الشعبية بمختلف أطيافها والمقاومة التهامية، وألوية العمالقة والمقاومة الجنوبية.

طيلة هذه الفترة ضغطت أبوظبي لإعلان المخا محافظة جديدة، وأحيانا اقليما مستقلا لوضع يدها على باب المندب والميناء وخطوط التهريب الدولية، وسلخ الساحل وميناء المحافظة التاريخي عن تعز لمساندة حصار الحوثي للمدينة..

هذه الفكرة اختمرت أكثر بالتفاهم مع المحافظ السابق أمين محمود الذي جاءت به خلفا للمعمري، وكان بمثابة الخاتم بإصبع حمود الصوفي ومن خلفه أجهزة المخابرات الإماراتية.

هل تتذكرون إعلانه الشهير المخادع عن إطلاق عملية تحرير لتعز عبر وكالة الأنباء الإماراتية؟

لقد أطلق عملية أخرى في الداخل لإثارة الإنقسامات وإسناد الملثمين وكتائب الإغتيالات التي قتلت قرابة 300 ضابط وجندي في الجيش.

حاول إظهار الجيش بالمتمرد، وذهب باندفاع محموم لتشكيل ألوية عسكرية جديدة لمصلحته الشخصية والإمارات.

لقد قاتل محمود بكل إخلاص لإبقاء تلك العصابات في المدينة، ليسهل ذلك على حليفته تأليب العالم على تعز باعتبارها معقلا للإرهاب!

بعد طرد كتائب الإغتيالات العام الماضي، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عناصر ينتمون للقاعدة كانوا يقاتلون مع " دولة ابو العباس" المدعومة إماراتيا في المدينة القديمة.

أحد هؤلاء كان عنصرا سعوديا مع زوجته، وقد أرسلت السلطات السعودية رتلا أمنيا لاستلامه من السلطات في تعز بتنسيق وزارة الداخلية اليمنية في عدن، وطلبت التكتم الشديد وعدم إذاعة الخبر.

(نشر الحرف28 الخبر بعد الواقعة بشهر أو أكثر ضمن تقرير صحفي عن اختطاف قائد الشرطة العسكرية العميد جمال الشميري).

كانت الرياض حريصة على إبعاد حليفتها عن تهمة دعم الإرهاب. في  الوقت نفسه كانت أكثر حرصا على حرمان الأجهزة الأمنية والسلطات العسكرية بتعز من نشوة إنجاز القبض على عنصر إرهابي سعودي مهم.

أذعنت سلطات تعز بكل خضوع للرياض، مقابل صفقة خائبة ووعود ذهبت أدراج الرياح.

عقب طرد كتائب الإمارات من تعز، استلمت السعودية ملف المحافظة من حليفتها، وأصبحت تعز جزءا من اختصاص الرياض العسكري، وقد زار أكثر من وفد سعودي تعز ووعد بتقديم الدعم العسكري للتحرير.

حتى اللحظة لا زال وعدا!

لقد اتفق الحليفان عمليا على تقسيم تعز.

ستتولى السعودية الإبقاء على المدينة محاصرة بنفس الكيفية القائمة، وقد أعادت تسويق الوهم الذي باعته للشرعية طيلة سنوات الحرب، بالدعم والتسليح.

حتى اللحظة ترفض القيادات العسكرية الحديث عن هذا الأمر، فهي تعتقد أن السعودية هي المخلص المنتظر، بينما تستمر الرياض بإعادة بث الأوهام نفسها للجيش وتخدير قيادات الشرعية حتى يتم ضرب كل شيئ مرة واحدة.

مقابل ذلك كثفت الإمارات بناء الألوية العسكرية لطارق عفاش في الساحل وتزويدها بمختلف أشكال العتاد، وهناك 3 ألوية عسكرية اضافية تتلقى التدريبات في عدن وتستعد للالتحاق بمعسكرات " النازحين " في المخا.

كل يوم تدفع الإمارات بأسلحة وعتاد لطارق عفاش.

قبل أكثر من شهر فقط سلمته 12 مدفع هاوزر جديد مشحمة، فضلا عن الأطقم والمدرعات ومختلف الأسلحة.

رحلات سفن السلاح الإماراتية لا تتوقف صوب ميناء الزيت ببريقة عدن، رغم زعم السعودية أنها تسلمت ملف المدينة عسكريا وأمنيا.

أما ميناء المخا فقد صار قاعدة عسكرية إماراتية مغلقة منذ استعادته من الحوثيين، ولا أحد يعرف ماذا تفعل هناك تلك الدولة التي أشهرت عداواتها لليمن بأكثر الصور دموية حين قتلت وجرحت300 ضابط وجندي على مشارف عدن.

يحدث ذلك بغطاء دعائي مكثف من خلايا المخبرين وشغيلة الوسائط الإحتماعية، عن "مخططات تركيا وقطر والاخوان"، لكأن قطر وتركيا تسيطران على أجواء البلاد وموانئه وجزره ومطاراته وسواحله.

تكرار ممل وساذج لتبرير  المشروع التدميري الذي مولته ابوظبي بتواطوء سعودي، لتمكين الحوثي وصالح من صنعاء في 2014.

وهي محاولة لإختراع عدو متوهم لا وجود له فعليا على الأرض، للتغطية على ما تفعله الإمارات والسعودية على الأرض من عبث وتخريب في البلاد، باستثمار الانقسامات الأيدلوجية البغيضة.

يقوم طارق من جهته منذ فترة، بالاستعداد لغزوته الكبرى، بتوزيع الأسلحة وتنفيذ مخطط كبير لضرب تعز من الظهر مسنودا بحملة واسعة من خلايا وإعلام ممول وأطراف سياسية باتت تعمل كحليف للإمارات ولطارق بشكل صريح.

هل تابعتم مشاعر التضامن مع طارق عفاش بسبب تحذيرات المعمري من مخطط إثارة حرب بينية في تعز وعملية التوطين المسلح؟

المؤكد أن ثمة اتفاقا بين أبوظبي والرياض لدور قادم سيلعبه طارق عفاش ليس في صنعاء بل في تعز أولا.

هذا ما قاله الضابط السعودي حسن الشهري في ندوة بجامعة سعودية في ديسمبر الماضي، حيث سيتولى "اخوة السعوديين " في الهضبة الزيدية" استعادة تعز وصنعاء وحجة!

هناك إجراءات تمضي بخطوات مدروسة ومعطياتها على الأرض واضحة، حيث يجري إضعاف الجيش وقتله معنويا ومنع العتاد الثقيل عنه وبناء جيش قرصان شخبوط في الساحل وتفكيك جيش المقاومة.

بحسب اتفاق الرياض بين الشرعية والمجلس الإنتقالي، والكلام للشهري، " يجب حل الجيش الوطني من وزير الدفاع الى أصغر جندي"!

كل شيئ واضح على الأرض، ولا يحتاج لتهويمات واستدعاءات من وحي المؤامرة. وستقع الرياض في الحفرة كعادتها، لكن تعز ستكون قد سبقت الجميع.

فقط، أولئك الذين أدمنوا خداع أنفسهم طيلة خمس سنوات من الحرب، مازالوا يكررون الأخطاء والخطايا للمرة الألف و ينتظرون الدواء من سم العقرب نفسه!

الأرجح أن جرائم مليشيا الحوثي وهجماته أمس واليوم جاءت في هذا السياق، والتخادم بين الطرفين إن لم يكن التحالف، معطياته واضحة.

أبرمت ابوظبي تفاهمات مع ايران، وتبادل علني للزيارات، رغم أن الصورة كانت واضحة، فالعلاقات بين البلدين لم تنقطع وظلت ايران الشريك التجاري الأكبر للإمارات طيلة فترة الحرب، بينما تحدثت تقارير أممية عن تقديم خدمات وتهريب اسلحة عبر الامارات للحوثيين!

بالإضافة لتحالفهما الوثيق في انقلاب 21 سبتمبر، وما تلاه من انشقاق عقب مقتل رأس الأفعى صالح، فقد صار طارق ذراعا مخلصا للإمارات، مقابل إخلاص نصفه الآخر، الذراع الإرهابي الآخر لإيران ، فهل أعاد الجارين: أبوظبي وطهران، الحلف الضمني بين الذراعين؟

إذا استمرت حالة الاسترخاء والتسليم بأقدار التحالف في تعز، أخشى أننا سنصحو وقد صار الحوثي وطارق يجلسان الى طاولة واحدة لتوزيع كعكعة تعز، وخلفهما أبوظبي وطهران.

متى ستستيقظون أيها الحمقى في قيادة المحافظة المنكوبة ؟


Create Account



Log In Your Account