شعوذة التحالف والشرعية في اليمن !
السبت 05 سبتمبر ,2020 الساعة: 04:36 مساءً

يشهد التاريخ بوجود مسؤولية أخلاقية لبعض دول الاستعمار، فرغم قبح الإستعمار وعدم مشروعيته الا أن الدول الإستعمارية تحملت مسؤوليتها تجاه الدول المحتلة وأحدثت بها نهضة ولو متواضعة تؤسس لعمل إداري وتنظيمي يومي.

فالإنجليز استعمروا الهند وعدن، ففي الهند تركوا إرثا اقتصاديا وثقافيا ولغويا يمكن الاستفادة منه وأحدثوا حالة من الإستقرار وعدم نشر الفوضى.

وكذلك حقق المحتل في عدن مكاسب، لكنه بالمقابل أحدث ارتقاء ببعض مناطق اليمن جنوبا، وتحول ميناء عدن لثاني ميناء بالعالم بعد نيويورك.

واستفاد أبناء الشعب اليمني شمالا وجنوبا وتكون رأسمال وطني وخبرة بالعمل المالي والسياسي والنقابي.

وكما عرفت اليمن الاحتلال، عرفت أيضا التحالفات، مع السوفييت ومصر بستينيات القرن المنصرم، والذي فتح الكثير من الآفاق على المستوى السياسي والإجتماعي خاصة بمجال التعليم، فتخرج الآلاف من الدكاترة والمهندسين والأطباء والضباط والإداريين الذين قادوا اليمن، كما تم تشييد الكثير من المنشآت المدنية والعسكرية ووجدت قواعد عسكرية كانت الأولى على مستوى المنطقة العربية وربما قارة آسيا.

 

ما الذي أحدثه التحالف العربي في اليمن ؟

وماذا يريد؟ وما جوهر نظريته وعقيدته السياسية ؟

وهل دوله مجبرة على تدمير جيرانها ؟

أم أن نشر الفوضى بمحيطها استراتيجية خليجية؟

ولماذا لا تتعلم من سلطنة عمان معنى الاستراتيجية وأخلاقيات التعامل؟

هل أصبنا بلعنة جوار الدول الجديدة كما وصف ذلك الرئيس (فاجاس) رئيس المكسيك بثلاثينات القرن المنصرم؟

حين سئل فاجاس وبلاده غارقة وتعيش حالة من الضياع أجاب :

إن سبب ذلك أن المكسيك قريبة جدا بحدودها من الولايات المتحدة وبعيدة جدا بروحها عن الله!

أولا السعودية :

تعد الدولة الرائدة بالمنظومة الخليجية وهي من تقود عملية (بناء اليمن الجديد) والذي لا يشبهه إلا عمليتي إعادة الأمل في الصومال وإعادة الامل بالبوسنة حيث بلغ عدد القتلى واللاجئين والنازحين بعد إعادة الأمل هناك أضعاف مضاعفة عما قبل الأمل وانتهت بتقسيم دولتيهما لعدد من الكيانات !

إن إعادة الأمل بنسختها اليمنية مائلة كبرج بيزا وبها عور فكري فهي : تنظر باتجاه واحد، وتفكر بمكر بائع القات وليس بعقل مركز الأبحاث، وتمارس الشعوذة السياسية ولكن بملعب به أفاعي وثعالب لا يهمها السحر ولا الوطن، هذه الأفاعي والنخب أغرقت بلادها وعملت على تآكل التحالف وحولت اليمن الى فيتنام.

المشكل الثاني:

(ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) إن هادي أصلع الشعر والفكر، يمارس هو والاحزاب على بلاده ووطنه الشعوذة السياسية بالإدعاء بأن التحالف جاء لحماية الوطن، وحقيقة الأمر أن دول التحالف نفسها تحتاج من يحميها، فواحدة منها جزرها محتلة والأخرى تصلها صواريخ الحوثي صباح مساء وتصيب ليس فقط المطارات ومصافي وخزانات النفط بل انها ضربت نظرية الأمن السعودي بمقتل ورغم كل ذلك يصمم هادي بطلب الحماية لليمن منها!

الشعوذة الثانية :

إن هادي والأحزاب والتحالف اجتمعوا على الضلال، وسحروا أعين الناس، فقالوا أن هذا التحالف جاء لإعادة الشرعية، لكن المضاف والمضاف إليه بهذه الجملة أن التحالف نفسه يعاني من مشكلة الشرعية.

ففي الإمارات هناك غياب لرأس السلطة وظهور كبير لمحمد بن زايد.

وفي المملكة هناك أيضا صراع على السلطة.

وكأننا أمام دول جمهورية الموز تعيش صراعات سلطوية وإزاحة بالقوة، وبمقارنة الصراع بين الأمراء الأحرار بالستينيات وصراع اليوم، هو نجاح جيل الأحفاد بسجن ومصادرة أموال جيل الصف الأول من أبناء المؤسس نفسه، وهو ما يذكرنا بأسباب سقوط الدولة السعودية الثانية الذي كان بسبب الصراع داخل الأسرة نفسها.

 

ثانيا الإمارات :

هذه الدولة التي تمتلك شركة كبرى (موانئ دبي) أو هذه الشركة التي تمتلك دولة اسمها الامارات أصبحت تدير ما يقارب من ٦٠ ميناء ومحطة بالعالم.

زاد من قوة هذه الدولة عدة عناصر :

- القدرة المالية والمتمركزة تحديدا بأبو ظبي.

- صعود قيادة جديدة بالامارات (محمدبن زايد).

- غياب الدول المحورية بالمنطقة إما بفعل التدمير (العراق سوريا) أو أنها أصبحت تابعة للدول الخليجية نموذج (مصر).

كل ذلك جعل من هذه الدولة لاعب رئيسي وخطير وتتحكم بمصير دول كبيرة خاصة بعد ٢٠١١م.

لاشك أنها مصدر فخر بأن تتحول دولة صغيرة إلى دولة ذات مخالب، استطاعت حتى إخافة الكونجرس الأمريكي الذي عقد جلسة طالب فيها البيت الابيض بضرورة إخراج إدارة شركة دبي من ستة موانئ بأمريكا اللاتينية!

لكن ما تمارسه مع شقيقاتها العربية من خراب ودمار وتبتيك للأنظمة والشعوب أمر غير مقبول وضد منطق التاريخ.

 

الشرعية والأحزاب في اليمن:

أين رئيسنا وأحزابنا وسلطتنا التشريعية مما يحدث من تجريف لليمن أرضا وإنسانا؟

من المؤكد أن العلاقات الدولية ليس فيها أخلاق وأن الدخول بالتحالفات الدولية ليس كالدخول لجمعية هائل سعيد الخيرية، ورغم ذلك كان الظن أن هادي سيكون مثل الرئيس ديجول والذي كان يقيم أيضا خارج وطنه ببريطانيا، ولم يكن يمتلك ما يمتلكه هادي من شرعية، والفارق بينهما ان ديجول أدرك عظمة فرنسا وحجم الدور المطلوب منه فأقنع الحلفاء بأهمية وجوده وفرض شروطه عليهم وحارب بجيوش العالم ليحفظ بلاده،

لكن ما حدث باليمن وشرعيتها كان العكس، إذ تم التضحية باليمن ولم يستطع هادي أم يكون حتى مثل فيصل العراق الذي قال بالفم المليان :

أنا موظف لدى حكومة بريطانيا بدرجة ملك ومن المؤكد أني أداة للسياسة البريطانية، وأن اخفاق الأداة سيكون إخفاق لكم أيضا، وعليكم ترك العراق، فإن أردتم لي ولسياستكم النجاح، فمن الحماقة تسفيهي بأعين الناس وجعلي ألعوبة مكشوفة.


Create Account



Log In Your Account