صناعة الصراع في اليمن (الحلقة الأولى)
الجمعة 18 يونيو ,2021 الساعة: 06:15 مساءً

مع كل تغير دولي بمراكز القوة،  تتزايد وتيرة الصراع في معظم دول العالم، وما يحدثه ذلك من تغييرات كثيرة، من نشوء صراعات الى الحروب بكثير من مناطق العالم،  كما تظهر دول جديدة لم تكن موجودة من قبل وبنفس الوقت تتلاشى دول اخرى من الخارطة الدولية.

فالصراع كما يذهب علماء الاجتماع انه قديم بقدم الانسان نفسه، فحين كان الفرد وحده وجد السلام وعندما وجد الإثنين نشأ الصراع وعندما زاد العدد بدأت التحالفات.

فاليوم يوجد ما يربو على 8 آلاف ثقافة وجماعة وعرق ولغة موزعة بين دول مستقلة تقارب ال٢٠٠ دولة.

الغريب في الأمر أن دولا بها عشرات أو مئات من الطوائف والأديان واللغات واللهجات والثقافات المختلفة، الا إنها تعيش بوئام وسلام، بينما كانت الكارثة أن دولا تكاد تكون متجانسة ١٠٠℅ الا انها أختارت طريق الإختلاف والصراع !

كيف ينشأ الصراع ؟

في البدء تقوم النخب بالتسابق والإستحواذ على أكبر قدر من القوة والموارد،  ومن هنا تبدأ بذرة الصراع.

يغذي ذلك طول بقاء النخب سلطة ومعارضة في الحكم وما يخلفه ذلك من احتكاكات وتراكمات سلبية، سرعان ما تتحول الى عداء، فتبدأ وتيرة الصراع بالتزايد أكثر حين يشعر كل طرف أن مصالحه الخاصة أصبحت غير واضحة وأنها على وشك أن تنتهي وتضيع منه.

وهنا تبدأ الأطراف بمحاولة إعادة خيوط اللعبة ليس على ما كانت عليه سابقا بل وفق شروط جديدة للحصول على نفوذ أكبر من ذي قبل، فتبدا الأحداث بالتصعيد وتكثر الاغتيالات وخاصة للأصوات العقلانية لتبعد من المشهد وتظهر الاحتجاجات والمسيرات والتصريحات المؤججة.

أثناء ذلك تحدث نقله جديدة بالتدخل الخارجي وأحد مظاهره وصول مبعوثين دوليين واقليميين وبقدومهم تهل على الأوطان عمليات قاتلة يتم استخراجها من بئر الاكاذيب المنمقة وكان أشهرها في القرن العشرين وستظل في القرن الواحد العشرين :

               (إعادة الأمل) 

(إعادة الأمل) بالبوسنة (إعادة الأمل) بالصومال (إعادة الامل) باليمن.

إن إعادة الأمل، طلعها كأنه رؤس الشياطين وثمارها حصار وتجويع، كانت أخطر من القنبلة النووية التي القيت على اليابان لفداحة اضرارها وفتكها، لأنها قتلت الحاضر واصابت المستقبل وأهلكت الحرث والنسل.

ولولا تفكك النخب وجشعها ما كان للأمل القاتل دور في الخراب.

في مثل هذه الحالات (الصراعية) عرفت معظم دول العالم نوعين من النخب  :

- النوع الاول:  نخب تعارض استخدام القوة وتدفع بالحل السلمي وتضحي بمصالحها في سبيل الوطن.

- النوع الثاني: نخب دفعت بالذهاب لطريق التطرف الوطني واستخدام القوة لحل المشكلات.

وفي شرح هذين الموقفين،  قدمت لنا إحدى الدراسات شرحا عمليا عنهما حيث أجرت دراسة على ١٢٦ مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية وطلبت منهم الاجابة عن خمسة سيناريوهات تتعلق بحل مشكلات سياسية داخلية وخارجية.

فوجدت ان الذين يتمتعون بقدر عال من احترام الذات نزعوا في الغالب الى معارضة استخدام العنف واللجوء للمؤسسات وصوت العقل.

بينما من اتخذ قرار اللجوء للصراع كانوا أقل احتراما لذاتهم واكثرهم مغامرة.

وبالنسبة لنا في اليمن، للأسف كانت على موعد مع نخب مقامرة عملت على تدمير الوطن والمواطن بالإحتراب الداخلي أو بجلب الخصوم، وكان الفصيل أو الحزب أو الجماعة أو القبيلة أو الطائفة بنظرها أهم من الشعب والحزب أو الجماعة مقدمة على الدولة.


Create Account



Log In Your Account