الإثنين 28 مايو ,2018 الساعة: 12:41 صباحاً
لذلك كان إختراع الدولة كفكرة يعد تطور تاريخي على صعيد تحويل مفهوم السلطة من كونها إمتياز شخصي إلى كونها ممارسة وظيفية مؤسسية محكومة بسلطة القانون، وهو ما يعني فض حالة الإشتباك القائم بين الأشخاص الحاكمين بذواتهم وبين السلطة العامة، بينما أتت الثانية ( الدولة المدنية) كتطور لاحق بهدف معالجة الإحتقان الإجتماعي حين بدأ المجتمع الإنساني يتطور ويعبر عن نفسه بمكونات سياسية وحزبية تحمل مشروعا سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا وتسعى في نفس الوقت إلى حيازة السلطة العامة لاسيما تلك المجتمعات التي حققت تقدما على صعيد مفهوم الحرية بالمعنى الواسع القائم على شرعية الأنا والآخر المغاير والمعارض ( المجتمع الاوروبي نموذجا ) لذلك كان نظامها السياسي ( أي الدولة المدنية) نظام ديمقراطي يعكس حالة التعدد القائم في المجتمع .
ما يجب أن يلاحظ أن هذا الإنتصار لمفهوم السياسة في المجتمع الأوروبي قام في الواقع على أساس صلب ومتين بحيث تزامن النجاح في تأسيس مجال سياسي عام مستقل عن سيطرة الدين والسلطان مع وجود نظام ثقافي ومعرفي مدني مترسخ في ثقافة الجماعة ومتأصل في سلوك الأفراد ( ثقافة سياسية مدنية) هذا إذا لم يكن الأول نتيجة طبيعية لوجود الثاني في حياة المجتمع .
تقول التجربة التاريخية في اليمن إنه أكثر المجتمعات التي أحتكر الدين والسلطان مجاله السياسي العام وما زالت مكوناته الفاعلة في قاع المجتمع تقدم الدين مشروع سياسي بل وتحول الدين من عقيدة روحية إلى عقيدة سياسية كما هو الحال مع مشروع المسيرة القرآنية والمشروع السلفي وكذلك مشروع التيار السروري أو بقاء حركة الإخوان داخل حزب الإصلاح .