صحيفة : كيف عززت الهدنة مكاسب الحوثيين وضاعفت تصدع الشرعية؟
الأحد 07 أُغسطس ,2022 الساعة: 04:47 مساءً
متابعة خاصة

قالت صحيفة القدس العربي، إن الهدنة الإنسانية في اليمن التي ترعاها الأمم المتحدة حققت خلال الفترة الماضية المزيد من المكاسب للحوثيين، في مختلف الأصعدة، فيما لم تحقيق أي تقدم يذكر للحكومة الشرعية، المعترف بها دوليا، بل وأسهمت في مضاعفة التصدّع والانهيار اليومي لبنيتها الشرعية. 

ودخلت الهدنة شهرها الخامس هذا الأسبوع، إثر تجديدها لمدة شهرين إضافيين تنتهي في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر المقبل، والتي 

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، إنه "وفقا لمعطيات الفترة الماضية من عمر الهدنة الإنسانية المتفق على بنودها بين الحوثيين والأطراف الأخرى، من الممثلين بالحكومة الشرعية، حققت جماعة الحوثي المتمردة الكثير من المكاسب على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها، بالإضافة إلى تعزيز سلطتها على الأرض في مناطق سيطرتها". 

وأضافت" تحققت هذه المكاسب الحوثية على حساب مصالح الحكومة الشرعية، إثر الاستجابة الفورية منذ الأيام الأولى لكافة طلبات الحوثيين المرسومة في بنود اتفاق الهدنة من إعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية التجارية، والسماح بدخول المشتقات النفطية والوقود عبر ميناء الحديدة واللذان يقعان تحت سيطرة الحوثيين، فيما لم تستجب جماعة الحوثي لتنفيذ أي من الطلبات الحكومية المذكورة في اتفاق الهدنة والتي كانت الجماعة وافقت عليها سلفا عند توقيع الاتفاق". 

وكانت في مقدمة المطالب الحكومية المذكورة في اتفاق الهدنة رفع الحصار الحوثي عن مدينة تعز، وفتح الطرق الرئيسية المؤدية إليها، غير أن جماعة الحوثي أخضعت هذه المطالب الحكومية للمباحثت والتي تعني دخولها في نفق مظلم لن تخرج منه بنتيجة تذكر، والتي غالبا لا تصل مجريات المفاوضات إلى نتيجة تذكر، كما حصل في المباحثات حول الملفات الأخرى منذ بداية الحرب الراهنة المشتعلة في اليمن منذ نهاية العام 2014 بينما كان الأصل أن دخول الهدنة حيّز التنفيذ بعد مباحثات طويلة حول بنودها والتي يفترض أن يتم تنفيذها بشكل متزامن، كمقايضة بين مطالب أطراف الصراع، بحيث يتم رفع الحضر عن الطيران التجاري عبر مطار صنعاء مقابل رفع الحصار الحوثي عن مدينة تعز وإعادة فتح الطرق المؤدية إليها، وكذا السماح باستيراد الوقود عبر ميناء الحديدة مقابل دفع الحوثيين لرواتب موظفي القطاع العام في مناطق سيطرتها من عائدات النفط المباع في تلك المناطق، غير أنه لم يتحقق من ذلك سوى البنود التي تأتي لصالح الحوثيين فيما لم يتم تنفيذ أي من البنود التي تصب في صالح الحكومة الشرعية. 

وعلى الصعيد الاقتصادي حققت جماعة الحوثي من خلال هذه الهدنة مكاسب مهولة لم تكن تحلم بها من قبل، وكشف وزير الخارجية في الحكومة الشرعية أحمد عوض بن مبارك أن الحوثيين حققوا عائدات اقتصادية تربو عن 100 مليار ريال يمني، من الرسوم الضريبية التي فرضتها على عائدات استيراد الوقود عبر مبناء الحديدة، طبقا للصحيفة. 

وقال بن مبارك مطلع الأسبوع الماضي إن "الرسوم الجمركية والضريبية على هذه المشتقات النفطية التي تحصلتها ميليشيا الحوثي في ميناء الحديدة بلغت 105 مليار ريال يمني تكفي لتغطية الجزء الأكبر من المرتبات الشهرية لموظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين المدنيين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، إلا انها استمرت في جبايتها وحرمان الموظفين منها". 

وأوضح أن" عدد سفن المشتقات النفطية، الداخلة إلى ميناء الحديدة، بلغت حتى تاريخ 21 تموز/يوليو، 26 سفينة باجمالي أكثر من 720 ألف طن من المشتقات النفطية إضافة إلى سبع سفن أخرى تم استلام ملفاتها من مكتب المبعوث الخاص". 

وأشار إلى" تسيير 20 رحلة جوية بين صنعاء وعمان ورحلتين بين صنعاء والقاهرة حتى تاريخ 22 تموز/يوليو 2022 نقلت أكثر من 10 ألف مسافر رغم العراقيل التي اختلقتها ميليشيا الحوثي". 

وبعيدا عن الجانب السياسي، لم تحقق الهدنة في جانبها الإنساني أي نتائج تذكر، إلا فيما يتعلق بإتاحة الفرصة أمام المسافرين الحوثيين بالسفر الخارجي عبر مطار صنعاء الذي يقع تحت سيطرة الحوثيين، حيث لا يستطيع أي مسافر غير موالي أو غير متماشي مع الحوثيين من السفر عبر مطار صنعاء، حيث يخشى العديد من الراغبين في السفر خارجيا من السفر عبر مطار صنعاء، نظرا لأن الحوثيين اتخذوا منه بوابة لاختطاف واعتقال من يرونهم مخالفين لهم أو غير مرضي عنهم، وتعجّ قوائم الممنوعين من السفر عبر مطار صنعاء بأسماء الكثير من النشطاء وغير المرغوب بهم، وفقا لقول مصادر ملاحية لـ"القدس العربي". 

وعلى الصعيد العسكري استغل المتمردون الحوثيون الهدنة الإنسانية لمضاعفة الاستعدادات العسكرية سواء البشرية أو التقنية، بالآليات العسكرية وغيرها، وهو ما كشفه العرض العسكري الضخم الذي نظمه الحوثيون لوحدات من قواتهم المسلحة في العاصمة صنعاء، قبيل الموافقة على تمديد الهدنة الإنسانية بيوم الأسبوع الماضي.

العرض العسكري الحوثي كان بمثابة رسالة موجهة لمبعوث الأمم المتحدة ولأطراف النزاع المسلح مضمونها بأنهم يتفاوضون من مصدر قوة على بنود الهدنة وأنه لن يتم الموافقة على أي شيء إلا ما يمليه الحوثيون على أطراف النزاع وعلى المبعوث الأممي على حد سواء، خاصة وأن الحوثيين كانوا يصرون على إضافة بنود جديدة لصالحهم كشرط لموافقتهم على تمديد الهدنة لفترة إضافية.

كان مبعوث الأمم المتحدة يطمح إلى تمديدها لفترة ستة أشهر، غير أنه أخفق في اقناع الحوثيين بذلك، واضطر إلى التراجع عن هذا الطموح بالتوصل إلى حل وسط عبر تمديدها لفترة شهرين فقط بشروطها الحالية دون اجراء أي تعديل على بنودها الراهنة. 

وتعد السعودية أحد الأطراف الرئيسية في هذه الحرب، بحكم تزعمها لقيادة التحالف العسكري العربي في اليمن، تحت مبرر استعادة الحكومة الشرعية إلى اليمن، فيما يعتقد أن هذه الهدنة الإنسانية التي ترعاها الأمم المتحدة، تأتي تمهيدا لتسوية الملعب السياسي لكافة أطراف الصراع اليمني للدخول في مباحثات الحلقة الأخيرة في مسلسل إغلاق ملف الحرب في اليمن، وبالتالي قدمت الرياض والحكومة الشرعية تنازلات كبيرة مقابل اقناع الحوثيين على الدخول في الهدنة، كخطوة أولى في مسار جهود احلال السلام ووقف إطلاق النار في البلاد.



Create Account



Log In Your Account