يَقُوْلُوْنَ: "انْتَحَر!!! ...
الأربعاء 04 يناير ,2023 الساعة: 09:40 مساءً

 هربًا مِنَ الجريمةِ التي لا تُغْتَفر؛ قالوا:" انتحر"!

" أسامةُ".. " أسامةُ"..... خُلِق ليعيشَ ملء هذهِ الحياةِ.... فكلُّ الحياةِ مجموعةٌ فيهِ.
 يقولونَ انتحرَ ! كانَ أقربُنا للحياةِ؛ فكيفَ للحياةِ أنْ تنتحرَ؟ كيفْ؟

       تحفظتِ السفارةُ عن ذكرِ أسبابِ الوفاة؛ وقامت بالواجب وزيادة على نفقة ذوي المغدور وشقيقاتِه العشرِ، إنّما ليتها لمْ تلغمِ البيانَ الذي أصدرته بهذهِ الجملة :
" احترامًا لخصوصية القضية وإكرامًا لحرمةِ المتوفَّى ومراعاةً لأسرتِهِ في مصابهم تتحفَّظ السفارة عن ذكر أسباب الوفاة ..."
 وسرَّبُوا أنَّه انْتَحَر!... وأغْلقوا القضية...فما الخبر؟... يَعْلمُ اللهُ ما الخبر! 

   كيفَ للوردِ أنْ يتقدَّمَ بنفسه لمقصلة الجلادين؟؟ ... إنّما جاء ليكملَ بإصرارٍ تفوُّقه في " دريسدن" الألمانية؛ ولم ينتبه لمشانق العنصرية المنصوبةٌ فيها؛ هذه وسائلُ الإعلامِ عامرةٌ بالأخبار بشهادة وزيرة داخليتها الوقورة نانسي فيزر 

      وليت السفارة لم تلطِّخْ بيانها بهذه العبارة المتفجِّرة وكأني بهم يطبِّقون مقولة السيميائيين بأننا " نتحدث لنخفي ما نريد" إنما أخفوا عجزهم وتخاذلهم ! 
           قال أسامة لشقيقاته:  "سنلتقي كلنا في كانون " في بيتنا العتيق ونستدفئ بالذكريات " ... اغتال النازيُّون اللقاء والذكريات والأحلام  ... في كانون عادت الشقيقات ولم يعد إلا جسدُ أسامة مسجَّىً في تابوت...
    
     اضطر أسامة للعمل هناك تسديداً لأقساط الدراسة ومجابهة ظروف الحياة ولم يشكُ من شيء إلا من مضايقة مديره في العمل المتغطرس العنصري في مدينة النازيين الجُدد!  
 أحرقَ قلوبَنا النازيُّون الجُدد .. كما أحرقوا العالم في حروبهم العالمية 

 أسامة كان وصية أمه لشقيقاته العشر قبل أن تغادر الدنيا وهو في الغربة يدرس، غادرت بذكرى طيبة زرعتها في كل بيوت الحي وفتيات وأبناء صالحين كانوا مضرب الأمثال في كل شيء ، ما زلت أتذكر رائحة طبيخها " الأرز والسمك المملَّح" ولي ذكريات عشتها في هذا البيت الكريم .

      " محمد ، عبدالله ، أنور" أشقّاء المغدور به "أسامة" كانوا في سني تقريباً وأصدقائي ، ولم يختلفوا عن شقيقاتهم و" أسامة" فهم النوابغ والأذكياء، تضجُّ بهم منصّات التتويج في المدارس والجامعات ولا يختلف أحد على حسن أخلاقهم وسيرتهم العطرة ... فتاريخ الأسرة وسِجلُّها العائلي يؤكدان على السلامة النفسية والصحة العقلية.
 فكيف لأسامة أن ينتحر؟!

       ذات جمعة التقيت أسامةَ بعد الصلاة بعد أن عاد من السعودية بتفوُّق، وتميُّز جعله يحصل على عضوية نقابة المهندسين في المملكة، حدثني عن أحلامِه عن دراسته وعن المستقبلِ الذي كان يلمعُ في عينيه! كانت الحياةُ كلُّها فيه؛ فكيف له أن ينتحر؟ كيف ؟... ويوم الجمعة أيضًا قُتِل بعد أن صلّى الجماعة  في "مجمع مروى الشربيني" وكان كعادته مبتسماً ...
 ويقولون:" انتحر" ! 

     السيد أحمد محمد البيتي "والدهم" أورث أبناءه كلّ أخلاقِه ، لا تراه إلا مبتسماً لا يحمل الحقد طيب العشرة يبادرك بالسلام والمزاح الخفيف استطاع من بقالته الصغيرة في ركن المنزل أن يخرج الأطباء والصيادلة والمهندسين، ليقوم بعدها بتحويلها إلى صيدلية وخدمات بناته الطبية والاستشارية المجانية لكل أبناء الحي دون استثناء.
يقولون " انتحر" . هل فتشتم في دفاتره عنه في عيوننا، عيون شقيقاته وأهله وشيخ ينتظر عودة ابنه كل صباح.
 


Create Account



Log In Your Account