معلومات جديدة تؤكد استلام شركة الرحاب اكثر من 4 ملايين دولار باسم مشروع كلية الطب المتعثر وتفاصيل عن دور محافظ تعز في فضيحة " التحكيم"..(تقرير خاص)
الثلاثاء 06 أُغسطس ,2024 الساعة: 07:58 مساءً
الحرف28- تقرير خاص



 ماهو دور محافظ تعز نبيل شمسان في فضيحة الفساد المتعلقة بانشاءات كلية الطب التابعة لجامعة تعز وهل تمكنت شركة الرحاب المملوكة للوزير الأسبق في عهد نظام صالح أحمد صوفان من الحصول على أموال بالإحتيال تحت مزاعم التعويض؟

تقول مصادر متطابقة لـ"الحرف28" إن الشركة تمكنت حتى الآن من الإستحواذ على أكثر من 4 ملايين دولار من خزينة الدولة أثناء فترة رئيس الوزراء المنصرف معين عبدالملك بينما تسعى الشركة لاستعادة مبلغ الضمان البنكي البالغ أكثر من مليون و700 الف دولار وهو المبلغ الذي طالب خبير محلي بمصادرته لعدم التزام الشركة ببنود عقد الإنشاءات لكن هيئة التحكيم التي اختارها الطرفين انحازت لمطالب الشركة بشكل كامل ولم تلتفت لرأي الخبير.

كان النائب علي المعمري وهو محافظ سابق لتعز نشر على حسابه على منصة ( X) أمس الإثنين وثائق تكشف عن قضية فساد كبيرة تشير إلى تورط محافظ محافظة تعز الحالي نبيل شمسان ومحافظ تعز السابق أمين محمود والوزير الأسبق والقيادي في المؤتمر الشعبي العام أحمد صوفان بالإضافة إلى رئيس جامعة تعز محمد الشعيبي.

ووفقاً للوثائق المنشورة فإن جريمة الفساد المبلغ عنها من قبل النائب المعمري تكبد خزينة الدولة أكثر من 16 مليون دولار كتعويضات لمصلحة شركة مقاولات أخلت ببنود عقد انشاء مباني كلية الطب بجامعة تعز، غير أن ما هو واضح الآن ان المبلغ الذي تريد الشركة الإستحواذ عليه يزيد عن 22 مليون دولار وهو ما يزيد عن قيمة المشروع الذي استلمته الشركة مسبقاً قبل أن تفي بالتزاماتها.



والشركة المتورطة بالإحتيال هي شركة الرحاب المملوكة لوزير التخطيط الأسبق والقيادي في المؤتمر الشعبي العام أحمد صوفان في عهد حكومات صالح.

 وعٌرف عن الشركة حيازتها عقود مقاولات الإنشاءات الحكومية الممولة بقروض أومساعدات خارجية بفعل نفوذ مالكها الوزيرالمقرب من صالح، مثل مباني جامعة عدن وعديد انشاءات حكومية أخرى، رغم ان الدستور اليمني يحرم مزاولة المسؤولين للتجارة، وهي الظاهرة التي كانت منتشرة في عهد صالح كجزء من الفساد الذي دفع منظمات دولية عديدة إلى وصف اليمن بالدولة الفاشلة قبل انتفاضة 2011.



مثل بقية عقود الإنشاءات التي كانت تحوزها الشركة إما بالتكليف المباشر أو المناقصات الصورية فقد حصلت شركة الرحاب على عقد انشاء كلية الطب بجامعة تعز وتم توقيعه في 18 يناير 2011 أي قبل اسبوعين من انتفاضة 11 فبرارير 2011 وهو مشروع ممول من الصندوق السعودي للتنمية بنسبة 49% والحكومة اليمنية.

وتبلع قيمة العقد الأصلي ( 20) مليون و (412) الف و( 532) دولار أمريكي، لكن الشركة تقدمت بطلب مبلغ اضافي لقاء " أعمال إضافية وتغييرية معتمدة " بقيمة واحد مليون و549 الف و222 دولار أمريكي ثم لجأت بعد ذلك لطلب زيادة فوارق اسعار بقيمة 2 مليون و356 الف و696 دولاراً، رغم عدم استحقاقها أي زيادة كما يقول رأي الخبير الفني المحلي وفقاً للوثائق.

بحسب العقد فإن المدة المحددة لتسليم المشروع تنتهي في 20 يناير 2015، لكن الشركة كما تقول الوثائق أوقفت العمل في المشروع بلا سبب مطلع يوليو 2014 ومع حلول موعد التسليم كانت الشركة قد استلمت قيمة المشروع كاملة بمبلغ 21 مليون و435 الف و 24 دولارغير أن نسبة الإنجاز في المشروع لم تتجاوز ال70 في المئة.

ومع اشتعال الحرب التي تسبب بها انقلاب مليشيا الحوثي وقوات صالح على الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، حصلت الشركة على ذريعة واستخدمتها للإحتيال مرة اخرى، وهذه المرة ستجد مساعدة رسمية من رئاسة جامعة تعز ومحافظ المحافظة نبيل شمسان الذي ساعدها للتنصل من التزاماتها الموثقة في العقود والذهاب إلى تمرير مطالبها عبر تحكيم افتقد لعنصر الحياد والنزاهة.

بحسب الوثائق المنشورة في حساب النائب علي المعمري، فقد أحيت رغبة البرنامج السعودي لإعادة الإعمار باستئناف العمل بالمشروع، أمل الشركة مجدداً للحصول على غنائم إضافية من المشروع المتعثر ما أسال لعابها للمطالبة بتعويضات تتجاوز قيمة المشروع الأصلية وتصل لأكثر من 22 مليون دولار.

أفادت مخاطبات البرنامج السعودي للإعمار عبر رئيسه السفير محمد آل جابر خلال العامين الماضيين بأن الجانب السعودي مستعد لاستئناف تمويل استكمال المشروع والبدء بتنفيذه بعد حصر الأعمال المتبقية مع الشركة المنفذة لكنه أكد أن الجانب السعودي لن يتحمل أي مطالب بالتعويضات السابقة باعتبارها من " مسؤوليات الجامعة والحكومة اليمنية" وكانت مطالب البرنامج سرعة البت في الأمر.

وكان استعجال البرنامج يمنح المتورطين فرصة باختصار الطريق، وبدلاً من تشكيل لجنة للتحقق من ادعاءات الشركة من خلال فحص العقد والتثبت من اخلال الشركة ببنوده ومزاعم نهب المعدات، كان المسؤولون المعنيون بحكم مواقعهم مسؤولون وملزمون بالدفاع عن المال العام، هم الطرف الذي استخدمه مالك الشركة للإحتيال والاستحواذ على أموال عامة.

بحسب بعض المصادر التي تحدثت للحرف 28 فإن محافظ المحافظة نبيل شمسان كان له دور محوري لدفع الأمور نحو التحكيم بحجة الرغبة في ترتيب الأوضاع " لاستئناف المشاريع التنموية بالمحافظة " رغم معرفته بمطالب الشركة التي تريد تسوية الوضع على حساب المشروع وتكبيد خزينة الدولة مبالغ طائلة تساوي قيمة المشروع الأصلى كتعويضات، بل أنها لو توفرت ستساهم في انشاء كليات اضافية في الجامعة.

وطبق الوثائق المنشورة فأن مخاطبات البرنامج السعودي لاعادة الإعمار بشأن استئناف المشروع كانت موجهة لوزيري التخطيط والتعاون الدولي والتعليم العالي مع إحاطة بالعلم للمحافظ لكن نبيل شمسان كان متحمساً بصورة استثنائية لانهاء الخلاف مع الشركة بالتحكيم ووجه مذكرة لرئيس الوزراء بتعميد مشارطة التحكيم والمصادقة عليها.

في مذكرة بتاريخ 16 مارس 2023 وجه المحافظ شمسان خطاباً لرئيس الوزراء معين عبدالملك أشار إلى الخطابات السابقة الموجهة بشأن استكمال مشروع مباني كلية الطب بين البرنامج السعودي وجامعة تعز والعمل على إكمال المخالصات اللازمة مع شركة الرحاب الهندسية والتوكيلات والمقاولات المحدودة.

وعمد المحافظ في هذه المذكرة إلى المغالطة حيث قال إن المشروع كان مقرراً الإنتهاء من تنفيذه وافتتاحه نهاية العام 2015، وكان بذلك يمنح الغطاء ضمنياً للشركة باستحقاقها للتعويض بسبب الحرب.

لكن ما أورده المحافظ في مذكرته يخالف بنود العقد التي الزمت الشركة بتسليم المشروع في 20 فبراير 2015 أي قبل الحرب بأكثر من شهر دون اكتراث بأن الشركة لم تف بالتزاماتها وان الأشغال في المشروع لم تتجاوز الإنجاز فيها 70 في المئة بحسب تقرير الخبرة الفنية رغم استلامها مستحقات المشروع كاملة.

في نفس المذكرة يبدو المحافظ مجرد وسيط ناقل لرغبات الرحاب ومالكها، حيث أبلغ رئيس الوزراء بأن الشركة أبدت رغبة في التصفية والمخالصة النهائية بإحالة الموضوع للتحكيم على ان يتم البدء باستكمال تنفيذ المشروع عبر البرنامج السعودي بمجرد التوقيع على "مشارطة التحكيم".

وطالب المحافظ رئيس الوزراء "بالتعميد والمصادقة على الإجراءات التي تم اتخاذها ليتم على ضوء ذلك مباشرة البرنامج السعودي للبدء باستكمال اجراءات تنفيذ المشروع تحقيقاً للمصلحة العامة وخدمة أبناء تعز ".

حماس المحافظ لم يفتر، وقد كان لزاماً عليه كما يقول في نفس المذكرة " القيام بإجراءت وخطوات عملية تنهي اشكالية المخالصة مع المقاول".

في مذكرة لاحقة سيبدو المحافظ فاعلاً أصلياً في ترتيبات صفقة " التحكيم " ففي تاريخ 9 ابريل 2023 سيوجه نبيل شمسان خطاباً لرئيس جامعة تعز يطالبه بتسمية محكم بديل للجامعة لاستكمال إجراءات التحكيم حول عقد مشروع إنشاء كلية الطب.

وقد اظهر الرجل حرصاُ قانونياً لافتاً حين سبب رغبته باستبدال المحكم الذي تم اختياره وهو القاضي محمد سلطان ناجي " لعدم صلاحية عضويته كونه يشغل منصب رئيس النيابة بتعز" مستدلاً بقرار النائب العام بالجمهورية " بمنع اعضاء النيابة من ممارسة أعمال التحكيم".

حرص المحافظ على مراعاة قرار النائب العام كما بدا في المذكرة ، تلاشى تماماً حين جرى ترك الأمر للشركة لاختيار رئيس هيئة تحكيم تربطه صلة قرابة عائلية بمالك الشركة وهو المحافظ السابق امين محمود، و سيظهر تأثيرهذه القرابة من خلال الإخلال بسير إجراءات التحكيم، والإنحياز التام لمصلحة الشركة.

رغم ان العقد المبرم مع الشركة نص على مرجعية القانون اليمني، ما يشير حصراً إلى قانون المناقصات والمزايدات كإطار مرجعي لأي نزاع، فقد ذهبت هيئة التحكيم عبر رئيسها لاختيار خبير لأردني لا يعرف المشروع ولم يعاينه ولم يزر موقع الأشغال ولا يعرف المحافظة، دون علم الجامعة.

وتشير بعض المعلومات إلى ارتباط الخبير الأردني بأردنية أخرى مكلفة بتمثيل الشركة في قضية التحكيم ما يعني أن الشركة بتواطؤ رئيس الهيئة قاما باسناد مهمة التقييم الفني لشخص يعمل لمصلحة الشركة ضداً على مطالب ممثل الجامعة ودون علمه، والغى تماماً مرجعية القانون اليمني في حل النزاع، لأن نصوص القانون وفقاً لرأي الخبرة الفنية المحلية المكلفة، يحمل الشركة تبعات عدم استكمال تنفيذ المشروع في وقته المحدد

تقول الإدارة القانونية بجامعة تعز بحسب عريضتها المقدمة إلى المحكمة التجارية، إن هيئة التحكيم شعرت بحرج موقفها واضطرت لاحقاً تحت ضغط الجامعة لتعيين خبير فني محلي، انتهى تقريره بعد نزوله الميداني ومعاينة المكان إلى أن الشركة ملزمة بتعويض الجامعة بحوالي 4 ملايين دولار ومصادرة الضمان البنكي، وانتفاء أي مشروعية لمطالب الشركة بالتعويض باستثناء بند واحد متعلق بشحنات مواد، كما بين تلاعبها بالمواصفات المطلوبة لبعض أشغال المشروع.

لكن هيئة التحكيم لم تلتفت لتقرير الخبير المحلي واعتمدت ما قرره الخبير الأردني، كما تجاهلت رأي احد اعضاء الهيئة بالزام الشركة بدفع أكثر من 2 مليون دولار للجامعة، واتهمت الإدراة القانونية الهيئة بالعمل كوكيل للشركة، ما يوجب عزلها والغاء إجراءاتها.

ولم يحضر أي صوت للمحافظ في هذه المعركة للوقوف مع الإدارة القانونية للجامعة، في حين تولى رئيس الجامعة محمد الشعيبي مخاطبة رئيس المحكمة التجارية بمحافظة تعز "سحب طلب العزل والتنازل عنه" وبالحاح شديد كرر في مذكرته بتاريخ 31 يناير 2024 للمحكمة الطلب " بشطب العزل وذلك لانتهاء أسبابه "، وكان ذلك تعبيراً عن رغبة رئيس الجامعة بتمرير التعويض وتكبيد الجامعة التي يرأسها أكثر من 16 مليون دولار.

رئيس الجامعة محمد الشعيبي الذي قرر ان طلب عزل هيئة التحكيم " انتهت اسبابه" لم يبد أي أسباب، بينما لم يحرك المحافظ شمسان ساكناً حيال تجاوزات هيئة التحكيم وتخلي رئيس الجامعة عن مسؤولياته في الدفاع عن حقوق أهم مؤسسة تعليمية في المحافظة، وتواطأ مع الشركة لكي تحصل على تعويضات بالإحتيال وغير مستحقة.

المؤكد حتى الآن بحسب معلومات مصادر متطابقة للحرف 28 هو أن الشركة استطاعت الحصول على 4 مليون دولار قبل التحكيم، لكن هذه المصادر لم توضح كيف تمكنت الشركة من الحصول على تلك المبالغ من خزينة الدولة، ومن هي الأطراف التي سهلت لها الوصول إليها.

غير أن الشركة التي تعلم أنها تستحوذ على أموال غير مشروعة من المال العام، تطالب بالحصول على أكثر من 16 مليون دولار إضافية بتنفيذ قرار هيئة التحكيم، كما تسعى لاستعادة ضمان بنكي بقيمة تزيد عن 1 مليون و700 الف دولار، من المفترض أنها أصبحت جزءً من اموال الجامعة بسبب مخالفة الشركة بنود العقد وعدم استكمال تنفيذ المشروع.

تقول بعض المصادر إن المحافظ تلقى بلاغات عديدة تؤكد وجود الكثير من المعدات التي ادعت الشركة انها نهبت ومازالت في موقع المشروع، وكانت توجيهات المحافظ الإحتفاظ بها للجامعة، في تصرف وصف بالغريب.

لكن إذا كان المحافظ شمسان قد تجاوز اختصاصاته لتسريع " التحكيم" وتسهيل تعويض الشركة، فلماذا اختفى حين جرى تجاوز القانون وتحويل التحكيم إلى فصل من العبث العلني واهدار المال العام؟

فمنهم شركاء الشركة في الإيقاع بواحدة من اهم المؤسسات التعليمية في البلد وتكبيد خزينة الدولة خسائر مالية فادحة بعشرات الملايين من الدولارات.

يقول علي المعمري عضو مجلس النواب في منشور على صفحة ( X) إن أبطال جريمة الفساد هذه "مسؤولين حكوميين سابقين وحاليين".


Create Account



Log In Your Account