الجمعة 09 أُغسطس ,2024 الساعة: 05:23 مساءً
الحرف28- خاص
يسعى متورطون في فضيحة مالية ضخمة تخص مشروع كلية الطب بجامعة تعز المتعثر، إلى انفاذ تعويضات تكبد خزينة الدولة اكثر من 22 مليون دولار لصالح شركة مقاولات مملوكة لوزير سابق في عهد حكومات صالح.
وأفادت مصادر عليمة "الحرف28"، بأن هناك محاولات حثيثة لصرف أتعاب هيئة التحكيم التي قررتها لنفسها وتبلع اكثر من 160 ألف دولار، كمقدمة لإنفاذ حكم الهيئة لصالح شركة المقاولات المملوكة لصهر رئيس هيئة التحكيم، والبالغة أكثر من 16 مليون دولار.
وطبقا للمصادر، فإن رئيس جامعة تعز، محمد الشعيبي عمل خلال الفترة الماضية بشكل حثيث لإقناع وزير المالية برصد أتعاب لجنة التحكيم التي قررتها لنفسها والبالغة أكثر من 160 ألف دولار في موازنة الجامعة.
وقال مصدر وثيق الإطلاع للحرف 28 إن الشعيبي بذل جهوداً مكثفة لصرف "أتعاب" هيئة التحكيم ضمن موازنة الجامعة، وانه أبدى استعداداُ للتنازل عن كل الإعتمادات المخصصة للجامعة مقابل اعتماد المبلغ وتسليمه.
المصادر أكدت أن الشعيبي يهدف من وراء محاولاته اقناع الحكومة تمرير الحكم ضد الجامعة ومن ثم الإعتراف به وانفاذه وليس المبلغ البسيط والذي لا يقارن مع المبلغ الاجمالي.
وبدأت خيوط الفضيحة تتكشف عندما نشر النائب علي المعمري وهو محافظ سابق لتعز على حسابه في منصة ( X)، الإثنين وثائق تتعلق بقضية فساد كبيرة حذر من أنها ستكبد خزينة الدولة أكثر من 16 مليون دولار كتعويضات لمصلحة شركة مقاولات يملكها الوزير الأسبق والقيادي في المؤتمر الشعبي العام أحمد صوفان، وذلك عبر لجنة تحكيم مشكوك في نزاهتها.
ووفقا للوثائق، فإن أقطاب الفضيحة 4 مسؤولين سابقين وحاليين على رأسهم محافظ تعز الحالي نبيل شمسان والمحافظ السابق أمين محمود، والوزير الأسبق في عهد حكومات صالح أحمد صوفان بالإضافة إلى رئيس جامعة تعز محمد الشعيبي.
وكانت مصادر متطابقة قد كشفت ل" الحرف 28" عن أن الشركة تمكنت حتى الآن من الإستحواذ على أكثر من 4 ملايين دولار من خزينة الدولة أثناء فترة رئيس الوزراء المنصرف معين عبدالملك بينما تسعى الشركة لاستعادة مبلغ الضمان البنكي البالغ أكثر من مليون و700 الف دولار وهو المبلغ الذي طالب خبير محلي بمصادرته لعدم التزام الشركة ببنود عقد الإنشاءات لكن هيئة التحكيم التي اختارها الطرفين ب انحازت لمطالب الشركة بشكل كامل ولم تلتفت لرأي الخبير.
والشركة المتورطة بالإحتيال هي شركة الرحاب المملوكة لوزير التخطيط الأسبق والقيادي في المؤتمر الشعبي العام أحمد صوفان في عهد حكومات صالح.
وعٌرف عن الشركة حيازتها عقود مقاولات الإنشاءات الحكومية الممولة بقروض أو مساعدات خارجية بفعل نفوذ مالكها الوزير المقرب من صالح، مثل مباني جامعة عدن وعديد انشاءات حكومية أخرى، رغم ان الدستور اليمني يحرم مزاولة المسؤولين للتجارة، وهي الظاهرة التي كانت منتشرة في عهد صالح كجزء من الفساد الذي دفع منظمات دولية عديدة إلى وصف اليمن بالدولة الفاشلة قبل انتفاضة 2011.
وكما بقية عقود الإنشاءات التي كانت تحوزها الشركة إما بالتكليف المباشر أو المناقصات الصورية فقد حصلت شركة الرحاب على عقد انشاء كلية الطب بجامعة تعز وتم توقيعه في 18 يناير 2011 أي قبل اسبوعين من انتفاضة 11 فبرارير 2011 وهو مشروع ممول من الصندوق السعودي للتنمية بنسبة 49% والحكومة اليمنية.
وتبلع قيمة العقد الأصلي ( 20) مليون و (412) الف و( 532) دولار أمريكي، لكن الشركة تقدمت بطلب مبلغ اضافي لقاء " أعمال إضافية وتغييرية معتمدة " بقيمة واحد مليون و549 الف و222 دولار أمريكي ثم لجأت بعد ذلك لطلب زيادة فوارق اسعار بقيمة 2 مليون و356 الف و696 دولاراً، رغم عدم استحقاقها أي زيادة كما يقول رأي الخبير الفني المحلي وفقاً للوثائق.
بحسب العقد فإن المدة المحددة لتسليم المشروع تنتهي في 20 يناير 2015، لكن الشركة كما تقول الوثائق أوقفت العمل في المشروع بلا سبب مطلع يوليو 2014 ومع حلول موعد التسليم كانت الشركة قد استلمت قيمة المشروع كاملة بمبلغ 21 مليون و435 الف و 24 دولارغير أن نسبة الإنجاز في المشروع لم تتجاوز ال70 في المئة.
وحسب الوثائق المنشورة في حساب النائب علي المعمري، فقد أحيت رغبة البرنامج السعودي لإعادة الإعمار باستئناف العمل بالمشروع، أمل الشركة مجدداً للحصول على غنائم إضافية من المشروع المتعثر ما أسال لعابها للمطالبة بتعويضات تتجاوز قيمة المشروع الأصلية وتصل لأكثر من 22 مليون دولار.
وكان استعجال البرنامج يمنح المتورطين فرصة باختصار الطريق، وبدلاً من تشكيل لجنة للتحقق من ادعاءات الشركة من خلال فحص العقد والتثبت من اخلال الشركة ببنوده ومزاعم نهب المعدات، كان الأشخاص المعنيون بحكم مواقعهم مسؤولون وملزمون بالدفاع عن المال العام، هم الطرف الذي استخدمه مالك الشركة للإحتيال والاستحواذ على أموال عامة.
بحسب بعض المصادر التي تحدثت للحرف 28 فإن محافظ المحافظة نبيل شمسان كان له دور محوري لدفع الأمور نحو التحكيم بحجة الرغبة في ترتيب الأوضاع " لاستئناف المشاريع التنموية بالمحافظة " رغم معرفته بمطالب الشركة التي تريد تسوية الوضع على حساب المشروع وتكبيد خزينة الدولة مبالغ طائلة تساوي قيمة المشروع الأصلى كتعويضات، بل أنها لو توفرت ستساهم في انشاء كليات اضافية في الجامعة.
في مذكرة بتاريخ 16 مارس 2023 وجه المحافظ شمسان خطاباً لرئيس الوزراء معين عبدالملك أشار إلى الخطابات السابقة الموجهة بشأن استكمال مشروع مباني كلية الطب بين البرنامج السعودي وجامعة تعز والعمل على إكمال المخالصات اللازمة مع شركة الرحاب الهندسية والتوكيلات والمقاولات المحدودة.
وعمد المحافظ في هذه المذكرة إلى المغالطة حيث قال إن المشروع كان مقرراً الإنتهاء من تنفيذه وافتتاحه نهاية العام 2015، وكان بذلك يمنح الغطاء ضمنياً للشركة باستحقاقها للتعويض بسبب الحرب، بينما ينص العقد على تسليم المشروع في 20 فبراير 2015 بكل مرافقه لكن نسبة انجاز المشروع لم تتجاوز 70 في المئة وتوقفت الشركة عن اكماله بدون سبب منذ مطلع يوليو 2014.
وحسب تقرير الخبير الفني المكلف من الجامعة فإن الشركة ملزمة بدفع تعويضات تصل الى 4ملايين دولار للجامعة بسبب اخلالها ببنود العقد والمواصفات وعدم انجاز المشروع في وقته المحدد رغم استلامها كافة مستحقات المشروع.
لكن هيئة التحكيم قررت العكس وحكمت بتعويض الشركة وهو ما دفع الادارة القانونية بجامعة تعز الى اتهام الهيئة بالإنحياز التام للشركة والعمل كوكيل لها.
ويرأس هيئة التحكيم التي تولت المداولات في القضية أمين محمود محافظ تعز السابق، وهو صهر مالك الشركة أحمد صوفان، وكانت اجراءات محافظ تعز الحالي قد سهلت مطالب الشركة بالتحكيم رغم وجود قضاء يمني مختص، وتولت النظر في القضية دون الالتفات لنص العقد الذي اكد على مرجعيةالقانون اليمني.
ونص منطوق الحكم على تعويض الشركة بأكثر من 16 مليون دولار كما حكمت الهيئة لنفسها بأكثر من 160 الف دولار اتعاب " التحكيم" وهو المبلغ الذي سعى رئيس الجامعة الشعيبي لتسليمه بهدف تمرير الحكم والإعتراف به وانفاذه.