حصل على نجمة الشرف وكان مدرب الجيش الأول.. القائد "سعيد محمد غانم"
الإثنين 14 أبريل ,2025 الساعة: 09:02 مساءً
محمد عبدالرحمن المسني

قائد الدبابة 26 سبتمبر قائد فصيل الدبابات التي خاضة معارك الدفاع عن الجمهورية في منطقة أرحب، صاحب المقولة "لن يحب أحد الوطن مالم يدرك ماذا يكون الوطن".

لم يكن من السهولة بمكان الكتابة عن رجل بحجم اللواء الركن سعيد محمد عون غانم، صاحب التاريخ الناصح والنزاهة المتفردة في وطن طحنه الفساد وخاض قادته جولات في قتال الإخوة الاعداء الذي لم ينته ولم ينجوا منهم إلا القليل.

الرجل يرفض الحديث عن تاريخيه، وكنت قد طلبت منه ذلك قبل أكثر من خمسة عشر عام لكنه رفض قائلا ما قدمناه لله والوطن وكان أبي رحمة الله يثني عليه دائما كلما ظهر على شاشة التلفاز كقائد للعرض العسكري الذي كان اللواء سعيد محمد نجمه الساطع بصوته الذي يملىء الآفاق صدق ووطنية.

اللواء سعيد محمد غانم من مواليد ذبحان 1946م في قرية الجمجام، درس على يد الأستاذ أحمد عقلان محمد الصليحي، وكان من الطلاب المبرزين  وكان الفقيه يستغرب لذكاءه فقد كان يقوم بمحو الكتابة، وصباح اليوم التالي يعيد كتابة الدرس وكأنه يقرأه من كتاب وأكثر ما كان يتعجب منه الفقيه كيف لولد أمه غير متعلمه ووالده في عدن أن يكون بتلك النباهه وكان والده والمناضل صاحب لقب الشهيد الحي عبدالله غالب عون يمتلكون مطعم الفضاء في عدن الذي قدم الكثير من الدعم للأحرار في عدن، كما كان جده غانم  بحار مع البحرية الفرنسية وهذا سر ثقافة التعلم في هذه الأسرة بحكم الإغتراب.

بعد عودة والده من عدن في أحد زياراته للقرية  نصحه الفقيه أحمد عقلان أن يأخذ سعيد، معه لعدن كونه من الاذكياء وفعلا نزل مع والده ولكن كانت المدارس في عدن لاتقبل إلا من لديهم مخلقة من عدن، وهناك درس على يد فقيه آخر ولذا قرر والده أن يعود للقراءة في القرية ومع إنطلاقة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر سافر إلى صنعاء وهناك كان في أول دفعة للكلية الحربية وكان أول عمل له قائد فصيل الدبابات في أرحب.

وفي أحد المعارك لتثبيت الجمهورية وفي وجود القوات العربية المصرية وكان قائد فصيل دبابات قتالية قائد الدبابة 26 سبتمبر، وحدث أن كان هناك ألغام ولم يكن هناك مجسات فحدث انفجار للدبابة ليتحطم الجنزير فتوقفت الدبابة وبقي المدفع جاهز وعندما رأت القوات في الجانب الآخر  الدبابة توقفت أرادوا اقتحام الدبابة لكن القائد سعيد محمد غانم قرر الضرب ولذا توقف الهجوم المضاد بعد مارأو الدبابة تشتغل فكان هروب الطرف الأخر.
وعندما تواصلت معهم القيادة وطلبت الموقف كان الرد نحن لا نزال ندافع وحصلت شظايا للقائد سعيد في راسه وزملائه، وقررت القيادة العربية إخلاء الدبابة لتدميرها لكي لا تقع في يد القوات الملكية وقالوا سوف ندمرها لكن القائد الشاب رفض وقال لهم إذا دمرت الدبابة  26,سبتمبر (اسم الدبابة) إذن فقد دمرت 26سبتمبر الثورة.

ولذا ارسلوا دبابة إنقاذ لنجدة الدبابة والطاقم 
ومعهم أفراد من صاعقة القيادة العربية دخلوا الدبابة وتم إنتشالها بدبابه الإنقاذ
وبعد هذه المعركة قرر المصريين منح القائد الشاب   نجمه الشرف وهي نجمه لاتعطي لأفراد عاديين ولم تمنح إلا لاثنين هم  الضابط الشاب سعيد محمد غانم وضابط آخر اسمه ماهر المخلافي، منح هذه النجمة في موقع آخر  وتعطى هذه النجمة لكبار القادة في مصر.
وحصل الضابط سعيد محمد غانم على رتبة استثنائية من القيادة اليمنية بعد تلك المعركة.

وكانت نجمة الشرف في مصر لها صفات وامتيازات ولم تكن لدى الضابط الشاب تلك الخلفية وكان همه الوحيد خدمة الوطن.
أثناء حرب السبعين يوم كان يدرس في الاتحاد السوفيتي، وعندما أشتدت الحرب قرر وزملائه العودة لليمن وإيقاف الدراسة للمشاركة في الدفاع عن صنعاء وأثناء ذلك وصل وفد من اليمن إلى موسكو يطلبوا التعزيز بالسلاح.

وصل وفد واطلعوهم  على الأوضاع وأخبرهم الشباب أنهم يريدون العودة للدفاع عن الجمهورية لكن قائد الوفد  المناضل والسياسي حمود بيدر رفض قائلا نحن بخير، عودوا للدراسة فشعوركم هذا يكفي وكأنكم معنا في الميدان.
القائد سعيد محمد غانم لم ينتمي يوما لحزب أو جماعة بل صاحب منهج واضح لخدمة الوطن مهما اختلفت القيادة أو تبدلت.

عاش بين الشوك والمسامير ونجا من المكائد والمؤامرات، فلم تكن الحياة سهلة خاصة في أوضاع متقلبة وجمهورية لم ينجوا قادتها من الصراع البيني.

تولى عدة مناصب لكن أكثرها أثر في تربعة مناصب قيادية، كانت في معسكر خالد ابن الوليد فقد أدار  القوة بكل نجاح وبراعة ومهنية.

هناك بدأ تركيز الرئيس السابق علي عبدالله صالح عليه بسبب إخلاصة للعمل.
وفي تنفيذ مشروع تدريبي حضره الرئيس صالح كان من ضمن المشروع عمل مفرقعات واثناء مرور الرئيس صالح كاد أن يقع فيها لولا تدخل الضابط سعيد محمد غانم الذي أنقذه من المفرقعات والاسلاك وكان هذا الحادث سبب جعل الرئيس صالح يثق به تماما وأنه ليس من المتائمرين عليه والرافضين لحكمه.

كان معسكر خالد بداية الثقة والظهور له.
الغريب في الأمر أن الرئيس صالح كان يعرف بأمر المفرقعات كما قيل حين ذلك وربما كان ذلك الحادث اختبار للضابط المشهود له بالنشاط والانضباط.

كان اللواء سعيد محمد غانم، وامين أحمد نعمان ووهبي علي اسماعيل من أبناء ذبحان الذي التحقوا بالجيش ولكن الاثنين الآخرين كانوا من المركز الحربي في تعز وتخرجوا مع ابن قريتهم في صنعاء فيما يسمى بدفعة الثورة بعدها سافر الضابط الشاب إلى مصر ليأخذ الدورة التأسيسية في مدرسة الدروع.
في أحداث اغسطس كان في القاهرة ونجى من تلك الأحداث الأليمة.

كان  معسكر خالد ابن الوليد  القوة الضاربة لمواجهة أي عدوان في الساحل وقوة احتياط واختاروا ضباط وكان سعيد محمد غانم أبرزهم وعين أركان حرب المعسكر وقد أعد الكثير من  الكوادر من الدرجة الممتازة وقد كان أيضا محل إعجاب الرئيس الشهيد  ابراهيم الحمدي لما لمس منه من حنكه واقتدار ومهنيه في عمله. 
وقد كان اختياره لمعسكر خالد مع ضابطين من  المركز الحربي في تعز من المبدعين وهما شرف محمد أحمد ومحمد خلف من البيضاء لتدريب القوات في معسكر خالد الذي كان يحظى بعناية الرئيس الأسبق صالح.

تدرج اللواء سعيد محمد غانم في المناصب القيادية حتى وصل إلى منصب نائب رئيس الأركان لشؤون التدريب قبل الوحدة المباركة ليشغل بعدها مستشار وزير الدفاع وكان يحظى باحترام الجميع من القيادات العسكرية في الشمال والجنوب.

حصلت حادثة في الكلية الحربية أثناء تدريس الطلبه حيث استخدموا الالغام الحية فحدثت غلطة راح فيها ضحايا كثر فقرر الرئيس صالح إستبعاد كل الضباط العسكريين المسؤولين عن الحادث وإحالتهم لدراسات مدنية وهنا كانت وقفة للواء سعيد محمد غانم، حيث طلب فيها من الرئيس صالح مراجعة القرار واعطاء فرصة للضباط لكي يدرسوا كمدنيين لكي يكون تخرجهم مع زملاءهم وبحيث يصبحوا ضباط إداريين مما أثار إعجاب الرئيس صالح به وشجاعته وحكمته وطلبه التسامح مع زملاءه فكلفه بعمل كل مايلزم لإعادة الأوضاع لطبيعتها ورفع المعنويات لدى الضباط الذي تأثروا بالحادث. وفعلا درس الضباط الذي تحولوا لدراسات مدنية إلى المعهد القومي وكانوا من أنجح الاداريين بعد ذلك في الجيش.
واستمر اللواء سعيد محمد غانم مدير للكلية عام كامل لتطبيع الأوضاع مع احتفاظه بمنصب نائب رئيس الأركان.

وقد أحدث اللواء سعيد محمد غانم آثار في كل المناصب التي تولاها.

كان هناك عرض عسكري كبير بمناسبة اليوبيل الفضي لثورة السادس والعشرين من سبتمبر وكان قائد العرض العسكري الذي حضرة العديد من القادة من خارج اليمن.
كان الرجل مدرك لأهمية العرض ولذا اعد خطة لتنفيذ لهذا العرض الهام وتمت 
عملية تنظيم العرض العسكري حدثت غلطة لولا حنكة اللواء سعيد محمد غانم لحدثت كارثة ففي يوم العرض توقفت دبابة أمام المنصة وفي لمح البصر تدخلت دبابة أخرى لتقطر التي توقفت بما أثار إعجاب الضيوف العسكريين من الخارج حيث  قال رئيس أركان دولة مشاركة من الضيوف العرض معد بشكل دقيق والدليل أننا لم نشعر بتوقف هذه الدبابة ولا يعمل ذلك سوى خبراء.

وإلى وقفة أخرى في سفر هذا النضال لرجل عرف بالنزاهة والمهنية ويحظى بتقدير الجميع.

يعد الرجل بحق أحد مؤسسي الجيش اليمني ويصفه البعض بأنه مدربه الأول، أدى واجبه الوطني بنزاهة نادرة وكفاءة واقتدار قبل ان تطاله يد التهميش مثل آلاف غيره.

توفي اللواء القائد محمد سعيد غانم يوم الإثنين الموافق 14 ابريل 2025 بعد معاناة مريرة مع المرض والنكران.


Create Account



Log In Your Account