الأحد 20 أبريل ,2025 الساعة: 10:10 صباحاً
بين أحضان منعرجات صبر الموادم، يمتد طريق استراتيجي، حصل عليه السكان من أمير سعودي كما يقال، بعد عقود من المعاناة.
لكن هذا الطريق الذي يعتبره السكان منجزا عملاقا للدولة والجمهورية، يعاني الامرين، وينشد يوميا مرثيته المبتورة : "أهلاً بحفرٍ جديدة، يا صحاب!".
لمن يريد أن يشاهد بأم عينيه كيف تنام السلطات، فعليه زيارة الطريق الذي أصبح عنواناً صارخاً للإهمال وغياب المسؤولية.
مع استمرار هذا الوضع، لن يحتاج المرء إلى كثير من التأمل ليتوقع عودة التنقل سيرا على الاقدام او على أظهر الحمير والبغال. هل تريد السلطة منا تطبيق الآيه الكريمة "والخيل والبغال والحمير لتركبوها"، بس المشكلة ان المنطقة ما فيها الا حمير وهذه كم جهدها، هذا اذا لم يفتحوا سوق سوداء لبيعها وبالتالي يصعب الحصول عليها.
طريق صبر هو الشريان الوحيد لمئات الآلاف من البشر وبفعل الاهمال، صار المرور فيه اليوم أشبه بلعبة "الغميضة" مع الماره؛ حفرةٌ هنا، رقعةٌ من الإسفلت المختفي هناك، والقادم سيأتي حتما على شكل قنابل من السيولٍ المدمرة تجرف ما تبقى منه.
من ابرز اسباب تسارع تدهور الطريق، الى جانب غياب الصيانة، هو استغلال بعض المواطنين تجاهل السلطة المحلية لمهامها، في حماية الطريق، وقيامهم بتكسير الاحجار من الجبال المجاورة للطريق لغرض البناء، وجعلوا من الطريق مقالب مفتوحة لاحتواء الاحجار التي يتم دحرجتها من الجبال قبل تكسيرها على ظهر الإسفلت الذي لا حول له ولا قوة ليدافع عن نفسه، وكأنهم يضفون لمسةً دراميةً على مأساة الطريق. وبغياب سلطةٍ تتذكر مهامها، لم يُوقفهم أحد، كما حدث في مقطع الطريق بمنطقة ذمرين، والذي يوضح الفيديو أدناه حجم الخراب نتيجة ذلك العبث.
المفارقة المؤلمة أن هذه الكارثة تحدث على مرأى ومسمع الجميع، دون أي تدخل جاد. المحافظة بدورها غائبة، رغم ان المواطنين لا يطالبون برفاهية أو طريق بمواصفات عالمية، بل بأبسط مقومات السلامة والحفاظ على هذا الطريق الهام.
قبل فترة بسيطة، اعلن عن تدشين مشروع صيانة طريق صبر الموادم بتمويل من السعودية، وبالفعل بدأ العمل في بعض الاماكن من خلال بناء جدران حماية، لكن شرعان ما توقف العمل...لا احد يعلم السبب، ولكن حسب توقعي ان السلطة أيا كانت محلية او مركزية حجزت التمويل، ربما لتمويل مشاريع المهلة التي منحها العليمي للمحافظ.
ما يحدث في صبر الموادم ليس مجرد إهمال فني، بل خلل إداري وأخلاقي في تحمل المسؤولية، علما بأن الطريق لم يعد يحتمل التأجيل أو التسويف، لأنه إن استمر هذا الوضع، فإننا لا نتحدث فقط عن توسع حفر او انقشاع للمادة الاسفلتية، بل عن فقدان الطريق بشكل كلي.