الصحفي "المياحي" أحدث الضحايا....كيف تتحول الكلمة إلى "جريمة" في محاكم حوثية استثنائية ؟
الثلاثاء 20 مايو ,2025 الساعة: 06:04 مساءً
الحرف28 - خاص

أعربت منظمة سام للحقوق والحريات عن قلقها البالغ إزاء استمرار محاكمة الصحفي اليمني محمد المياحي أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة صنعاء، ووصفت ما جرى خلال الجلسات الأخيرة بأنه "انتهاك صارخ لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان". 

وحذرت سام في بيان لها، من تصاعد استخدام القضاء الاستثنائي كأداة لتقييد حرية الصحافة وتكميم الأصوات المستقلة. 

وأكدت "سام" أن جلسة المحاكمة الأخيرة عكست تجاوزات قانونية جسيمة، من أبرزها إحضار الصحفي مكبلًا بالأصفاد، ومثوله واقفًا خلف القضبان، في مشهد يتنافى مع الكرامة الإنسانية وينتهك بشكل صريح أحكام قانون الإجراءات الجزائية اليمني، الذي يحظر المعاملة المهينة ويشدد على صون حقوق المتهم أثناء المحاكمة. 

ونقلت المنظمة عن المحامي عمار علي ياسين، محامي الدفاع عن المياحي، أن القضية تُنظر أمام محكمة أمن الدولة – وهي محكمة استثنائية محل اعتراض واسع من منظمات محلية ودولية، سبق أن دعت لإلغائها. 

وأوضح أن الصحفي يواجه تهمًا مبنية على نشاطه الإعلامي، رغم إقرار السلطات بأنه يعمل في المجال الصحفي، إلا أن القضية أُحيلت إلى المحكمة الجزائية المتخصصة تحت ذريعة ارتباط منشوراته بجهات مناوئة للسلطة القائمة. 

وأضاف المحامي أن الفريق القانوني قدم دفوعًا أولية تطعن في اختصاص المحكمة، إضافة إلى دفوع ببطلان إجراءات النيابة وقرار الاتهام، مؤكدًا أن إجراءات الاعتقال والتحقيق شابتها مخالفات فادحة، شملت اعتقالًا دون إذن، وتفتيشًا غير مشروع، وتأخيرًا في الإحالة للنيابة تجاوز المدة القانونية. 

وأشار ياسين إلى أن "المياحي" يقبع في الحبس منذ أكثر من ثمانية أشهر، أي ما يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المنصوص عليها في قانون الصحافة اليمني، الذي لا يجيز في أقصى أحواله معاقبة الصحفي بالسجن لأكثر من سنة في حال إدانته، مطالبًا بالإفراج الفوري عنه بموجب أحكام القانون. 

واعتبر المحامي أن المرافعة التي أجريت في الجلسة الأخيرة أظهرت بوضوح غياب الفهم القانوني لطبيعة العمل الصحفي، حيث فسّرت النيابة أقوال المتهم بشكل خاطئ، وتجاهلت السياق الإعلامي لمحتوى منشوراته. 

وأضاف أن النيابة العامة استعانت بلغة فضفاضة في لائحة الاتهام، محمّلة الصحفي مسؤولية الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد، في سابقة خطيرة تهدد حرية التعبير. 

من جهتها، شددت "سام" على أن استمرار محاكمة الصحفي أمام محكمة استثنائية، وغياب المعايير الدنيا للمحاكمة العادلة، يمثل خرقًا صريحًا للمادة (10) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل الحق في حرية الرأي والتعبير دون خوف أو ملاحقة. 

وأضافت المنظمة أن أداء النيابة العامة خلال جلسات المحاكمة عكس انعدامًا للحياد المهني، وتوظيفًا سياسيًا للعدالة، مما يقوّض ثقة المجتمع في استقلال السلطة القضائية، ويكرّس استخدام القضاء كأداة لإسكات الأصوات المعارضة. 

وفي ختام بيانها، طالبت منظمة "سام" السلطات المعنية بـالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي محمد المياحي، وضمان مثوله أمام قاضيه الطبيعي، وتمكينه من الدفاع عن نفسه في إطار احترام مبدأ العدالة وسيادة القانون. 

كما دعت المنظمة الهيئات الحقوقية الدولية، ونقابات الصحفيين، إلى التحرك العاجل لمراقبة مجريات المحاكمة، والضغط من أجل وقف الملاحقات القضائية ذات الطابع السياسي ضد الصحفيين في اليمن، مؤكدة أن حرية التعبير ليست جريمة، بل حجر أساس في أي نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان.



Create Account



Log In Your Account