الخميس 27 يناير ,2022 الساعة: 11:29 مساءً

الحرف28 – تقرير خاص
"تحوّل هذا الصرح التعليمي إلى مكان ما يشبه المعسكر: فعاليات تحث على الجهاد، تجسس على الطلاب وتعليق صور ضخمة لأسلحة وشخصيات تقود الحرب"، هكذا تُلّخص سهى المشهد الماثل في جامعة العلوم والتكنولوجيا الخاصة منذ استولت جماعة الحوثي على مركزها الرئيس في صنعاء.
منتصف يناير/ كانون الثاني 2020، سيطر الحوثيون على الجامعة الخاصة الأكبر في اليمن، بعد أن اعتقلوا رئيسها حميد عقلان وقاموا بتعيين عادل المتوكل أحد الموالين للجماعة.
وهذه ليست الجامعة الوحيدة التي استحوذ عليها الحوثيون منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء أواخر 2014، فمنذ ذلك الوقت شرعت الجماعة في الاستيلاء على المؤسسات والمدارس الخاصة المملوكة لخصومها، كما صادرت عقارات وأملاك الكثير من اليمنيين.
للوهلة الأولى لسيطرتهم على الجامعة سعى الحوثيون المدعومون من إيران إلى فرض قرارات جديدة على الطلاب تتعلق بالرسوم الدراسية وأخرى "تنتهك خصوصيات الطالبات" وفق سهى، وهو اسم مستعار لطالبة في الجامعة فضلت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي لأسباب أمنية.
إحدى القرارات "الغريبة والمتشددة" كما تصفها سهى في حديثها للحرف28، تتمثل في تحديد نوعية الملابس والمظهر الخارجي للطالبات. إذ أصدروا قرارا بمنع وضع "مساحيق التجميل، وإظهار الشعر أو استخدام البخور".
"الأمر لم يقف عند هذا فحسب، بل تم إنشاء كيانات جديدة تدين بالولاء للجماعة مهمتها تنظيم فعاليات تحث الطلاب على الجهاد والالتحاق بالجبهات لقتال من يسمونهم بالمرتزقة" تقول سهى، لافتة إلى أنه يتم إلزام الطلاب على حضور تلك الفعاليات التي تقام في الجامعة بشكل منتظم.
عشرات الفعاليات أقامها الحوثيون في الجامعة فضلًا عن تحويل بعض المباني إلى مراكز صيفية تُقدم فيها ما تسمى بـ "الدورات الثقافية والعسكرية"، وفق طلاب أفادوا الحرف 28 في أحاديث منفصلة أُجريت معهم عبر الهاتف.

صورة لإحدى الفعاليات التي أقامها الحوثيون بجامعة العلوم في صنعاء
"الهوية الإيمانية، ويوم الشهيد، ويوم الولاية، ويوم عاشوراء، وذكرى مقتل الإمام زيد، وبدر الدين الحوثي، ويوم 21 سبتمبر، ويوم القدس" هذه مسميات لفعاليات تقام بانتظام في فناء الجامعة يقول أحد الطلاب، مشيرًا إلى أن تلك الفعاليات تهدف إلى خدمة أجندة الحوثيين وتوجهاتهم.
يتخوف الطلبة من تعرض الجامعة للاستهداف والقصف من قبل التحالف العربي لا سيما بعد قيام الجماعة في إحدى فعاليتها التي نظمتها بكلية الطب بالجامعة بنشر مجسمات لصواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة وصورا لقتلى من الجماعات الموالية لإيران في اليمن والعراق بما فيهم صورة أبو مهدي المهندس الذي قُتل مع القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الإيراني اللواء قاسم سليماني في ضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد في العراق.

صور في كلية الطب بالجامعة لقتلى من الجماعات الموالية لإيران في اليمن والعراق
وتُصرف على هذه الفعاليات مبالغ مالية كبيرة يتم تمويلها من "ملتقى الطالب الجامعي" في حين تعاني بعض أقسام الكليات التطبيقية من نقص شديد في الأجهزة والمعدات، وفق معلومات متطابقة حصل عليها الحرف28.
والملتقى هو كيان تم استحداثه عقب استيلاء القيادي الحوثي صالح الشاعر المقرب من زعيم الحوثيين على الجامعة، ويتلقى تعليماته من قبل علي يحيى شرف الدين نائب وزير التعليم العالي في حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليًا.
يتكون الملتقى من 794 طالبا يُطلق عليهم بـ"الطلاب المجاهدين" تم تأهليهم "ثقافيًا وعسكريًا" ويتوزعون على فروع جامعة العلوم بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في محافظات تعز والحديدة وإب وذمار، وفق تقرير سري رفعه الملتقى للقيادة العليا في الجماعة.
مهام وأنشطة الملتقى تتمثل في "جمع قاعدة بيانات عن طلاب الجامعة بمن فيهم المنتسبين الجدد وإلحاقهم في دورات تدريبية، ومنع أي تظاهرات تهدف لإفشال الحوثيين"، بحسب التقرير الذي وصل الحرف28 نسخة منه.
ومن المهام أيضًا "القيام برصد أي تحركات للمظاهرات وإبلاغ الجهات المعنية في الجامعة والعمل على منعها قبل وقوعها، إلى جانب تنظيم الفعاليات الخاصة بالحوثيين وحشد الطلاب للمشاركة فيها، والإشراف على كافة حفلات وفعاليات الجامعة".

مجسمات لصواريخ وطائرات مسيرة أمام كلية الطب بجامعة العلوم في صنعاء
ويشرف على الملتقى كلًا من محمد الوادعي ورائد الشاعر المقرب من القيادي الحوثي صالح الشاعر المدرج على قائمة العقوبات الأمريكية بسبب دوره في تقديم الدعم اللوجستي للجماعة ومنها الحصول على أسلحة مهربة، وإشرافه على مصادرة الحوثيين لممتلكات في اليمن تقدر بأكثر من 100 مليون دولار.
وتعتبر "العلوم والتكنولوجيا" أكبر وأهم جامعة أهلية يمنية، تأسست عام 1994 ويبلغ عدد الطلاب الملتحقين بها في جميع فروعها (عددها 6) ما يقارب العشرين ألف طالب، وتصنف بأنها أفضل جامعة محلية من حيث جودة التعليم.
وتحتل الجامعة المرتبة 117 في تصنيف الجامعات العربية والأولى في تصنيف الجامعات اليمنية فيما يتعلق بمعايير الانفتاحية والتميز للعام 2019 وفقا لموقع التصنيفات العالمي للجامعات المعروف بـ"يبوميتركس".
يشار إلى أنه في سبتمبر 2020، أعلنت جامعة العلوم والتكنولوجيا نقل مقرها الرئيس من العاصمة صنعاء، إلى مدينة عدن (جنوب)، بعد اعتقال رئيسها وتعيين إدارة جديدة بالقوة من قبل الحوثيين.
وفي مطلع العام 2021، أقرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، قرار إدارة جامعة العلوم نقل مقرها الرئيس في عدن، وعدم الاعتراف بالشهادات الصادرة من جميع فروعها في المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.