الثلاثاء 23 مايو ,2023 الساعة: 08:06 مساءً
لا ريب بأن اليمن ، كانت قد تعرضت سابقاً للعديد من الإشكالات والصراعات طوال الحقب والعهود وحتى الآن ، الأمر الذي جعلها محط أنظار العالم، لكون اليمن تحتل أهمية كبيرة ، على مستوى جنوب الجزيرة العربية، ناهيك عن المنطقة برمتها ، وأمر كهذا يعود لكونها تزخر بموقع جغرافي هام.
هذه الميزة جعلتها محل اهتمام عن غيرها ، من الدول المجاورة لها سواءً في القرن الأفريقي ، أم الدول الأخرى ، الواقعة بالقرب منها ومن ذلك دول الجزيرة.
بحكم إمتداد مساحتها على البحر الأحمر ، والبحر العربي ، فضلاً عن ما تحتويه من جزر عديدة، متناثرة هنا وهناك ، والتي تقدر بنحو ١٥٠ جزيرة.
إذن مسألة كهذه ، لم تقتصر على هذا الحال ، بل إن اليمن تحتوي على ممرات مائية بحرية هامة، تشمل كل من باب المندب ، جزيرة ميون ( بريم سابقاً ) بالإضافة إلى خليج عدن، وعلى هذا السياق أستطيع القول ، بأن اليمن ظلت في حالة إشكالات عديدة ، جراء موقعها الهام ، فضلاً عن توسطها بين الشرق والغرب ، وبالتالي هو ما كان لأمور كهذه تأثيرات كبيرة ، سيما على أوضاعها السياسية، والإقتصادية، وغيره.
ولكن رغم ذلك فقد تمكنت من أن تتجاوزها والتغلب عليها، وذلك بإتخاذها سياسة مرنة ومستقلة عن الآخرين وهذا ما ساعدها، بأن تشق طريقها بعيداً عن التحالفات، وهيمنة الدول الأخرى، على قرارها السياسي ، والإقتصادي ، بقدر ما كان لها توجهاتها السياسية الخاصة ، ودون إملاءات من أحد .
وهذا ما جعل منها أن تتبوأ مكانة هامة ، وكبيرة بين دول المنطقة ، وكذا الدول الأخرى ، في آسيا وأفريقيا.
وهكذا جرت الأمور على هذا الحال ، حتى الآونة الأخيرة ، من قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، وما تعرضت لهما من مؤامرات عديدة ، على مستوى الشطرين ، وهذا ما هو معروف للقاصي والداني ، ولا نريد أن نتطرق أو نستعرض تلك الأحداث التي مرت بهما الثورة اليمنية ، شمالاً وجنوباً ، لأن هذا سيقودنا إلى كشف أو توضيح أمور كثيرة، ونحن في غنى عنها ، ولذلك ما يهمنا هنا هو ما تعانيه اليمن ، من أحوال متكدرة ومأساوية في الوقت الحاضر.
ويعود أمر كهذا لما يحاك ضدها ، من مؤامرات خبيثة وقذرة ، أكان على المستوى الداخلي أم الخارجي ، الأمر الذي كان يستوجب من القوى الحية في هذا الوطن التنبه له، من الوهلة الأولى، لكن للأسف لقد ظلت الأوضاع تسير دون أن تكون هنالك دراية أو يقظة لها.
فيما هناك من عمل ويعمل ليل نهار، الإيقاع بهذا الوطن ، وهذا ما حصل فعلاً إبتداءً من تلك الأحداث المؤلمة والمؤسفة ، والتي تمثلت بقتل العديد من الرؤساء، والقادة اليمنيين شمالاً وجنوباً .
ناهيك عن تأجيج الصراع بين الشطرين ، أثناء تلك الفترات الماضية، بقدر لم يتوقف الأمر على هذا، بل بقت الأوضاع على ذاك الحال، حتى قيام الوحدة اليمنية ، فيما يدرك الجميع بأن هذا المنجز ، كان قد شكل إنعطافة جديدة، في تاريخ الشعب اليمني حينذاك .
إن مُنجزاً كهذا ، لم يُسلم من التآمر عليه، بل لقد سعت تلك القوى الخارجية، وبكل ما تملكه من وسائل وإمكانيات إلى إجهاضه وإسقاطه والقضاء عليه، حتى لا ينمو ويكبر.
إشتعال الحرب وهذا فعلاً ما حدث آنذاك ، سيما بعد إشتعال الحرب بين مؤسسي الوحدة، وبالتالي هو ما ترتبت عليه آنئذ من إنعكاسات سلبية كبيرة، كان لها أن تؤثر في بنية النظام السياسي القائم، والذي لم يتعاط حينها برؤية ثاقبة ومستنيرة، بقدر ما كان التعاطي مع أوضاع كتلك بطريقة غير مناسبة، أو ما يطلق عليه بموقف الإستقواء والمنتصر والكثير من الإشكالات وهذا ما قاد الأمور بعدئذ، إلى أن تتوسع المشاكل أكثر فأكثر ، أفضت في الأخير إلى بروز العديد من التناقضات ، وكذا الصراعات في وسط المجتمع ، الأمر الذي أدى عندئذ إلى حدوث تصدعات في النسيج الإجتماعي الواحد ، ولازالت مستمرة حتى الآن.
في حين ندرك، بأن هنالك من يعمل على الدفع بأمور كهذه، إلى الأمام لكي يوجد أو يخلق مفاهيم ذات صبغة أو نعرات مناطقية وقروية .
هناك من أشاع الفرقة وهذا لا ريب ما دأبت عليه، تلك القوى الخارجية بهدف تحقيق مآربها الدنيئة ، فيما أمر كهذا هو واضح وبين للعيان ، حيث أن دول الجوار أستطاعت فعلاً أن توجد الفرقة والشقاق بين اليمنيين ، كما أنها لا تزال تدق على ذلك الوتر ، حتى تحقق كامل أهدافها، وإن كانت تريد أن تظهر نفسها بأنها تسعى لحل المشكلة اليمنية،كما لوحظ ذلك، والذي تم على أثره الإفراج على عدد من الأسرى بين الجانبين.
في حين يأتي أمر كهذا ، بعد التقارب، بين السعودية وإيران مؤخراً، والذي على ضوئه تم عودة العلاقات بينهما، بعد أن كان للصين دور في هذا الشأن، الأمر الذي ترتب عليه آنئذ، أمور عديدة، منها عودة سورية إلى الحضن العربي ، فضلاً عن السعي لحل المشكلة اليمنية.
ولكن أمر كهذا بالنسبة لليمن،كما أرى لا زال بعيداً، لأن السعودية، إذا كانت تريد أن تحل المشكلة اليمنية، كان ينبغي عليها أن تقوم بدعم حكومة الشرعية وكذا تقوية مركزها في المفاوضات وغيره، بدلاً من التحدث نيابة عنها، وبالتالي هذا يعطي منحى آخر، بأن السعودية ستظل تراوح في مكانها دون أن تفعل شيئاً، فيما الطرف الآخر يتم التفاوض معه والذهاب إليه بصورة مستمرة.
لذلك نرى بأن الحرب ستبقى مشتعلة رغم الإتفاق على التهدئة، لأن هنالك العديد من المناطق لا زالت محاصرة حتى الآن، ومن ذلك تعز ، الحديدة ، البيضاء مأرب وإلخ.
وعلى هذا السياق، أود القول : بأن الأوضاع ستظل على ماهي عليه دون حلحلة لها، ما دام هناك من لا يهمه أمر اليمن، بقدر ما يهمه مصالحه، وهذا ما يلمس حقاً حيث أن كلاً من السعودية والإمارات، تسعيان إلى إحتواء اليمن والسيطرة على أراضيه، وجزره، ومياهه البحرية، والإستئثار بثرواته وإمكانياته الطبيعية والمأدية .
أمام هذا كله نجد بأن قوى المجتمع المدني ، بأحزابه ، ومنظماته ، وإتحاداته ، تقف متفرجة على ما يحصل من إنتهاك سافر لليمن، ناهيك عن التدخل في شؤونه الداخلية، بغرض حرف توجهاته عن مساره الصحيح ، كي تظل تحت وصاية الآخرين وهذا ما يحدث فعلاً.
ولذلك أود القول في الأخير بأنه كان يستوجب من كل قوى المجتمع المدني في هذا الوطن، بمافيها السياسية، بأن تتحمل مسؤولياتها الوطنية والتاريخية، وذلك بالعمل على وحدة اليمن والحفاظ على مكتسباته الوطنية، ولكن للأسف شيئ كهذا لم يحدث.
نحمل كل ما حدث لليمن تلك القوى السياسية والإجتماعية، والتي ظلت بعيدة عن الأحداث طوال الثمان السنوات الماضية وحتى اللحظة دون أن تضطلع بدورها الفاعل ، كما كان يتطلب منها، ولذلك فهي الآن مسؤولة عن ما وصلت إليه اليمن ، من أوضاع كارثية لا يمكن معالجتها إلا بضربة عصا سحرية من السماء.