الثلاثاء 11 يوليو ,2023 الساعة: 07:50 مساءً

الحرف28 - متابعة خاصة
تواصل العملة اليمنية انهيارها التاريخي مع عجز حكومي عن السيطرة على القطاع المصرفي في البلاد، بعد أن تخطى سعر الدولار حاجز 1400 ريال للمرة الأولى منذ عامين، الأمر الذي يفاقم الظروف المعيشية الصعبة للملايين الذين أنهكتهم الحرب الدائرة منذ نحو سبعة أعوام.
وصلت قيمة الريال اليمني إلى مستويات انهيار قياسية خلال تعاملات أمس الإثنين، إذ وصل سعر صرف الدولار الأميركي الواحد إلى 1424 ريالاً، بزيادة قدرها 17 ريالاً على تعاملات أول من أمس السبت بحسب مصادر مصرفية في العاصمة الموقتة عدن.
وقال اقتصاديون، وفقا لموقع "اندبندنت عربية"، إن الريال مرشح لفقدان مزيد من قدرته الشرائية أمام سلة العملات الأجنبية، مما ينذر بموجة ارتفاع جديدة لأسعار المواد الغذائية والضرورية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
مع ما يسجله هذا الانخفاض المتتابع تتزايد التحذيرات المحلية والدولية من تفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ عالمياً، ووسط توقعات بمزيد من التدهور خلال الأيام المقبلة جراء غياب المعالجات الحكومية الفاعلة.
وتسعى حكومة معين عبدالملك إلى استئناف صادرات النفط أملاً في رفد خزانة الدولة بالعملة الصعبة للحد من التدهور الاقتصادي، إلا أن خبراء شككوا في مدى نجاحها على إحداث تعاف ملموس مع توقف التصدير وعوامل أخرى.
يقول الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي إن وقف تصدير النفط تسبب في خسارة البلد نحو مليار ونصف المليار دولار، في حين يتحمل البلد أعباء تسرب العملة الصعبة بسبب شراء المشتقات النفطية لتغطية النقص المحلي التي تبلغ نحو 3.4 مليار دولار، بحسب تقرير البنك المركزي الأخير، بالتالي يحصل انهيار متتابع في العملة المحلية.
وتوقف تصدير النفط اليمني منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بسبب هجمات شنتها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران بطائرات مسيرة مفخخة استهدفت موانئ التصدير في محافظتي شبوة وحضرموت (شرق).
وفي إطار معالجاتها لوقف هذا التدهور كانت الحكومة اليمنية قالت مطلع العام الحالي إنها اتخذت قرارات تقضي بإيقاف تراخيص مزاولة أعمال الصرافة لعدد من الشركات "غير ملتزمة قانون تنظيم القطاع".
وشددت على "أهمية اتخاذ كل الإجراءات الهادفة إلى منع الاختلالات والمضاربة في سعر الصرف والإضرار بحالة الاستقرار في السوق، وضرورة المتابعة الميدانية من البنك المركزي للتنفيذ وتقييم الوضع بشكل مستمر، والعمل على التطبيق الصارم لقانون شركات الصرافة، وما يتضمنه من إجراءات الفحص والتدقيق في العمليات المالية أولاً بأول".
غير أن الإجراءات الحكومية لم تثمر عن نتائج ملموسة توقف حالة الانهيار الاقتصادي المتلاحق في البلد المعذب بالحرب والصراعات في حين وصلت القيمة الشرائية للعملة اليمنية أدنى مستوياتها، نتيجة اعتماد البلاد على استيراد السلع الأساسية والكمالية بالعملة الصعبة التي تتم تغطية فارق قيمتها مع العملة المحلية برفع الأسعار، وهو ما يتسبب طردياً في موجات غلاء فاحشة في السلع الأساسية بالعاصمة الموقتة عدن، والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، الأمر الذي يزيد المخاوف من شبح مجاعة تلوح في الأفق المعتم أكثر من أي وقت مضى.
بحسب بيانات اقتصادية صادرة عن وزارة التجارة اليمنية تستورد السوق نحو 80 في المئة مما تستهلكه، وبحسب خبراء اقتصاديين أدت الحرب الدائرة في البلاد منذ ثماني سنوات إلى تقليص حجم الإنتاج المحلي، ليتضاعف حجم الطلب على الاستيراد الخارجي لتغطية متطلبات السوق اليمنية إلى نحو 90 في المئة كحد أدنى.
وعلى خلاف الأمر من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، تستقر العملة المحلية في مناطق سيطرة الحوثيين سواء في قيمة الصرف ولكن هذا الاستقرار لا يلامس أسعار السلع، بعد أن حافظ سعر الدولار الواحد على سعره عند حدود 600 ريال.
يرجع العوبلي ذلك إلى السيطرة الحوثية القمعية على السوق المصرفية التي هي في الأساس تابعة لهم، إضافة إلى ضعف الطلب على الدولار، وهو ما أسهم في بقاء قيمة العملة مستقراً وإن بشكل موقت.
وقال إن الحوثيين حافظوا على سعر الـ600 للدولار ليتسنى لهم الاستئثار بالفارق إلى حساباتهم الخاصة، وخلص إلى أن "هذا الاستقرار وهمي وغير حقيقي، لأنه لا ينعكس على أسعار المواد والبضائع التي يستهلكها المواطن