الأحد 17 سبتمبر ,2023 الساعة: 10:55 مساءً
الحرف 28- متابعة خاصة
تدور في العاصمة السعودية الرياض ما يبدو أنها تفاهمات اللحظات الأخيرة بين المملكة والحوثيين ومن خلفهم إيران، لإبرام اتفاق وشيك لا تحظره الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، لإنهاء الحرب والاعتراف بسلطة الحوثيين.
وتحاول الرياض إبرام اتفاق مع الحوثيين وطهران، يمكنها من الخروج من الدور المباشر في الحرب المندلعة منذ 9 سنوات والتفرغ لمشاريعها الداخلية.
ويقول مراقبون، إن المساعي السعودية لن تفضي إلى سلام داخلي دائم بين الأطراف اليمنية، بعد ان عمدت الرياض وابوظبي طيلة سنوات الحرب إلى شرذمة الأراضي اليمنية وبناء تشكيلات مسلحة موالية لها، وسط سباق بين العاصمتين لحيازة النفوذ في ما يطلق عليها المحافظات المحررة، بينما كانت مليشيا الحوثي تحصل على المزيد من التسليح الإيراني والموارد.
وتوجه الحوثيون إلى الرياض نهاية الأسبوع الفائت، تتويجا لسلسلة تفاهمات أجرتها السعودية مع إيران خلال الاسابيع الماضية، وتحدثت وسائل اعلام تابعة لحزب الله اللبناني الموالي لإيران عن اتفاق وشيك سيعلن عنه في الرياض لإنهاء الحرب.
وجاءت هذه التطورات بعد رعاية بكين اتفاقا بين الرياض وطهران في10 مارس الماضي، أدى الى اعادة العلاقات بين البلدين وتبادل الزيارات الرسمية.
من جانب آخر استمرت عمان في لعب دور محوري لتفاهمات الرياض والحوثيين ومن خلفهم ايران خلال الاسابيع القليلة الماضية، كان آخرها زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبصحبته وزير الدفاع خالد بن سلمان حامل الملف اليمني.
ووقعت الرياض والحوثيين هدنة في ابريل العام الماضي، الزمت بها الحكومة الشرعية، رغم هجمات الحوثيين على مناطق حيوية بما في ذلك استهداف منشآت نفطية توقفت على إثرها صادرات النفط.
وتنفرد الحكومة السعودية بالتفاوض مع ايران والحوثيين، وتقرير بنود الاتفاق التي ستعترف بالحوثيين قوة رئيسية في البلاد، دون مشاركة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.
وعقب تفاهمات سعودية إيرانية اوقف الحوثيون هجماتهم نحو الأراضي السعودية بينما كانوا يتبنون هجمات تنفذها ايران كما حدث في استهداف منشآت أرامكو في بقيق وخريص بالمنطقة الشرقية قبل عامين.
وأظهرت الأطراف اليمنية التي تقاتل بالوكالة خضوعا تاما لمموليها الإقليميين، حيث كانت ايران والسعودية والإمارات تتحكمان بقرار الحرب والسلام في البلاد، فضلا عن التصرف بالتشكيلات الموالية لها على النحو الذي يخدم مصالحها.
وعندما زعمت الإمارات مغادرة الاراضي اليمنية نهاية 2019 بالتفاهم مع ايران والحوثيين، أمرت القوات الموالية لها بالإنسحاب من محيط الحديدة، غربي البلاد بمساحة تتجاوز مائة كيلو متر استلمها الحوثي بدون طلقة رصاصة واحدة.
ومؤخرا اعترف طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد التشكيلات المسلحة المنضوية تحت مسمى المقاومة الوطنية أن قرار الحرب والسلم لم يكن بيد اليمنيين منذ بداية الحرب.
وأكد ان البلاد تعيش حالة اللاسلم واللاحرب، وان لا أحد من الأطراف اليمنية يستطيع أن يخوض الحرب بإرادته.
وكان طارق صالح يتحدث في لقاء مع قيادات القوات التهامية نهاية يوليو، عندما قال إن الذين أوقفوا القوات المناهضة للحوثيين ومنعوها من دخول الحديدة، هم انفسهم من فرضوا على الحوثي التوقف عن الحرب، في تأكيد واضح على أن كل الأطراف اليمنية جرى استخدامها في رقعة شطرنج وأنها تؤدي وظائف لمصلحة الآخرين.
وبينما تتحكم إيران بتحركات الحوثي في الشمال حيث تسعى لفرض ايدلوجبة طائفية وإحداث تغييرات ديمغرافي مع اعادة صياغة المجتمع وفرض التشيع، تمعن الرياض وابوظبي في لعبة تمزيق مقابلة في المحافظات التي توصف بالمحررة.
وبعد منع الرئيس الشرعي من العودة للبلاد، اشرفتا على انقلاب ثاني في عدن لطرد الشرعية منها، في أغسطس 2019، ثم قامتا بتصفية نهائية في ابريل العام الماضي بإجبار الرئيس الشرعي على نقل السلطة وشرعتا في خوض معارك تنافسية لفرض النفوذ في المحافظات الشرقية.
وتتصرف ابوظبي بالجزر والموانئ اليمنية كما تريد حيث قامت ببناء قواعد عسكرية في جزر يمنية مع قوى معادية كاسرائيل وهو ما اكدته قناة 24 الإسرائيلية قبل أيام، وسط صمت مطبق للقوى السياسية اليمنية.
ويقول متابعون إن الحرب اليمنية التي راح ضحيتها اكثر من 400 الف شخص ودمرت البنية التحتية، كان هدفها الأساسي تمزيق البلاد والسيطرة على المناطق الحيوية فيها وحرمان اليمن من الالتحاق بالمشروع الصيني الحزام والطريق الذي كان من شأنه ان يحول اليمن الى مركز اقليمي لتجارة الترانزيت ومقصدا للملاحة الدولية.