تعز.. "البيان" مدرسة الإنجاز المجتمعي في العزاعز تحمي مئات الأطفال من المخاطر والتسرب المدرسي
الأربعاء 20 سبتمبر ,2023 الساعة: 01:36 مساءً
الحرف28 - مبارك الحيدري - خاص

بنشاط وحيوية، يستيقظ الطفل "ريان رضوان علي شمسان 9 سنوات"، للذهاب إلى المدرسة القريبة من منزله، التي افتتحت مع بداية العام الدراسي الجديد، في إحدى قرى عزلة العزاعز بمديرية الشمايتين، جنوب محافظة تعز.

خلال السنتين الماضيتين، كان الطفل ريان رضوان الطالب في الصف الثالث الأساسي، يقطع مسافة طويلة، للذهاب إلى المدرسة البعيدة عن منزله تصل إلى نحو ستة كيلومتر ذهابا وايابا، يتعرض فيها لكثير من المشاكل والمخاطر ما يجعله متذمرا من التعليم.

أما اليوم لم يعد "ريان"، يقطع تلك المسافات بين حرارة الشمس، ومخاوفه من الكلاب الضالة في الطرقات، ناهيك عن الازدحام في المدرسة التي كان يذهب إليها، خلال دراسته للصف الأول والثاني.

لم يكن ريان الطالب الوحيد الذي يعاني هذه المعوقات والمخاطر في الطرقات والمدارس البعيدة عن القرية، بل معظم أطفال القرية، ما دفع البعض إلى ترك التعليم و التسرب من المدارس.

مدرسة "البيان" جاءت بالمعالجات الضرورية لهؤلاء الأطفال. 

الحاجة إلى مدرسة 

تعتبر قرية "القبلي" أكبر قرى عزلة العزاعز بمديرية الشمايتين جنوب مدينة تعز، وتتكون من أكثر من 50 محلة (50 قرية صغيرة متباعدة) تتوزع على مساحة 16.2 كيلو متر مربع، توجد فيها مدرسة اعدادية وثانوية واحدة. 

كان الطلاب والطالبات يتعرضون للعديد من المخاطر أثناء ذهابهم وايابهم من وإلى المدارس البعيدة منها: مخاطر الكلاب الضالة، والسيول في مواسم الأمطار، وحوادث السيارات وهم يقطعون خط الاسفلت، بالإضافة إلى ما تتعرض له الفتيات من مضايقات في تلك الطرقات، وفقا لشهادة أهالي المنطقة. 

وبحسب الأهالي فإن هذه المخاطر تسببت، بتسرب الطلاب من التعليم وانتشار عمالة الأطفال، وتسرب الفتيات من التعليم وارتفاع معدلات الزواج المبكر.

يقول بشير ملهي، إن الكثير من الطلاب كانوا يواجهوا صعوبات شديدة في الوصول إلى المدرسة الوحيدة في القرية أو إلى المدارس المجاورة في القرى الأخرى، حيث يقطع الكثير من الطلاب مسافة تزيد عن 6 كيلو متر، سيرا على الأقدام يوميا ذهابا وايابا، وهو أمر مرهق على طلاب الصفوف الابتدائية.

ووقفا للأستاذ بشير ملهي، فإن ما قام به صندوق دعم التعليم بالعزاعز، الذي جرى عبره بناء مدرسة البيان بالمنطقة، وضع حلا لمعاناة الأطفال في التخلص من المسافات الطويلة، والمخاطر التي كانت تواجهم.

بناء المدرسة 

أمام هذه المخاطر، كان لابد لمجتمع العزلة من تحمل مسؤولياته في مواجهة المشكلة عبر المكون المجتمعي (صندوق دعم التعليم بالعزاعز) وهو عبارة عن مبادرة مجتمعية أهلية تهتم بدعم التعليم والأنشطة المصاحبة للعملية التعليمية وتوفير المستلزمات، حيث قام بإطلاق مبادرة مجتمعية لحل المعضلة التي تواجه أطفال القرية.

اثمرت جهود الصندوق بالتنسيق مع رجل الخير الحاج "عبد الحميد فارع سعيد" (أحد أبناء العزلة) تمويل بناء مدرسة أساسية في مكان يتوسط محلات القرية، تم تسميتها بمدرسة "البيان"، من الصف الأول وحتى الصف التاسع الأساسي.

مع بداية العام 2022م، جرى اختيار موقع المدرسة في القرية وبالتنسيق مع السلطة المحلية تم تحديد وحجز المساحة المخصصة لبناء المدرسة. 

بدأ العمل ببناء المدرسة في شهر يونيو 2022م على مراحل حتى اكتمال العمل واعتماد المدرسة ودخولها إلى الخدمة الفعلية مع بداية العام الدراسي الجاري 2023/2024م. 

تتكون المدرسة من تسعة فصول دراسية ومعمل وأربعة مرافق (قاعة اجتماعات- إدارة - استراحة معلمين - مخزن)، بالإضافة إلى ستة حمامات، بتكلفة بلغت 270 مليون ريال. 

وبدأ أول يوم دراسي فيها يوم الاحد الموافق 2023/8/27م. وبلغ عدد الطلاب الملتحقين بالمدرسة 350 طالبا وطالبة.

إنجاز مجتمعي 

يعود هذا الإنجاز إلى تكاتف الأهالي وتسخير إمكانيتهم لحل مشكلاتهم التي تواجههم في الحياة، عبر صندوق دعم التعليم الذي تأسس عام 2013، وقدم العديد من المبادرات في ترميم بعض مرافق المدارس، ودفع رواتب المعلمين عندما توقفت رواتبهم، في النصف الثاني من اعوام الدراسي 2016/ 2017، وفي النصف الأول من العام الدراسي 2018، كما مكنهم من الاستمرار في العملية التعليمية بالمنطقة رغم توقفها في محافظة تعز. 

أما فاعل الخير، فقد كان مستاء من الحديث أن المدرسة جرى بنائها على نفقته، بحسب المدير التنفيذي لصندوق دعم التعليم في عزلة العزاعز، ومسؤول العهدة المالية في بناء المدرسة. 

ووفقا للمهندس عبدالسلام عبدالله حزام ، كانت المبالغ المالية المخصصة لبناء المدرسة تورد عن طريقه إلى صندوق دعم التعليم بسندات رسمية وعبر عملية محاسبية دقيقة ينتهجها الصندوق. 

يقول حزام: "الدافع الرئيس الذي دفع فاعل الخير للمساهمة في ميزانية بناء المدرسة، "تخفيف الضغط على بقية المدارس، لأن المدارس الموجودة بالعزاعز لا تفي بالغرض أو لا تتناسب مع عدد الطلاب، وتخليص الأطفال من المخاطر التي تواجههم في الطرقات". 

ويضيف أن بعض المدارس فيها أكثر من ( 1500 – 1700) طالب وطالبة، مشيرا إلى أن هذا يشكل ازدحاما كبيرا في المدارس، في ظل عدم وجود مقاعد كافية للطلاب، بالإضافة إلى المسافات الكبيرة التي كانوا يقطعونها من ثلاثة كيلوا إلى أربعة كيلوا حتى يصلون إلى أقرب مدرسة.

واختتم المدير التنفيذي لصندوق دعم التعليم في عزلة العزاعز، عبدالسلام حزام، بالقول: "نستطيع الآن أن نقول أن العملية التعليمية في القرية حظيت ببيئة مناسبة، وتخلص الأطفال من بعد المسافات ومخاطر الطرقات والازدحام في المدارس الأخرى".


تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي


Create Account



Log In Your Account