السبت 07 أكتوبر ,2023 الساعة: 09:44 مساءً
الحرف 28- تقرير خاص
منذ اليوم الأول للإنقلاب الحوثي الإمامي، اشتعلت شرارة المقاومة الشعبية، على امتداد واسع في أغلب مناطق اليمن، كموقفٍ وطني، وكيانٍ جمهوري، امتدّ جسوره من وحي ثورة سبتمبر الخالدة، في سبيل الدفاع عن الجمهورية.
وانطلقت المقاومة الشعبية في كل ربوع اليمن، قبل تسع سنوات، تقتفي أثر الثوار في مواجهة الظلم والاستبداد، والإمامة والكهنوت، وتتبع الخطى لمواصلة السير نحو مقارعة الإمامة بثوبها الجديد، وإفشال مشروعهم الظلامي.
طوال السنوات الماضية، ثبتت المقاومة في مختلف الجبهات القتالية والعسكرية، وعلى امتداد ربوع الوطن، إلى جانب وحدات وألوية الجيش الوطني التي تشكلت بعد وقت قصير من انطلاق المقاومة.
وفي يوليو الماضي، جرى إعلان توحيد مجالس المقاومة الشعبية في مختلف المحافظات ككيان موحد، تحت مسمى "المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية اليمنية"، بهدف تعزيز أداء المقاومة وتنسيق جهودها لمساهمة فعالة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب مليشيات الحوثي.
ومثلت في محافظات كثيرة النواة الأولى للجيش الوطني.
المقاومة خيار شعب
تظل المقاومة الشعبية، هي خيار الشعب وحاضنة للقضية اليمنية ونهجها الدستوري، في التحرر من الاستبداد، والوقوف أمام العودة لمشاريع التخلف والرجعية البائدة.
يؤكد الشاب أيوب سيف 34عامًا، أحد الشباب الذين خرجوا منذ الوهلة الأولى من الحرب والتحق بصفوف المقاومة الشعبية في تعز، أنّه قاتل في صفوف المقاومة الشعبية تلبيةً لنداء الأحرار وحفاظًا على مكاسب الثورة السبتمبرية الخالدة، ووأد المشروع الإمامي الذي ظهر بحلته الجديدة.
وقال "أيوب" في حديث لـ "الحرف28": "المقاومة الشعبية خيارنا، ونحن فخورين أننا نتنفس المقاومة، ونناضل من أجل التحرير في ميادين الشرف والعز، وهذه معركتنا المصيرية للدفاع عن الثورة الجمهورية، الذي أنطلقت مقاومتنا على أساسها".
وأضاف: "لولا صمود أفراد المقاومة واهتمام قياداتها، لما تنفسنا الحرية في مدينة تعز، وغيرها من المدن التي شعرت بخطر المشروع الإمامي وقاومتها ببسالة واستبسال".
تجسيد للمبادئ الوطنية
يتحدث الباحث والمحلل السياسي ياسين التميمي عن دور المقاومة الشعبية في مواصلة السير للدفاع عن أهداف ثورة 26 سبتمبر، بقوله: "إنّ المعركة من بدايتها الى نهايتها تصب في خانة الدفاع عن الدولة اليمنية باعتبارها التجسيد الخلاق لمبادئ واهداف الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر و11 فبراير".
وأضاف "التميمي" لـ "الحرف28"، "بل إنّها (المقاومة الشعبية) من يجدد ثوب الثورة ويمنحها هذا الألق والحضور في وجدان الشعب اليمني، ويفضح الامتداد القبيح لسلوك الامامة الكهنوتية ويجدد ذاكرة اليمنيين بما حفلت به عقود القرن الماضي من الممارسات الامامية الكهنوتية المتخلفة بحق الشعب اليمني والتي أبقت اليمن خارج حسابات الحضارة الانسانية".
وقال التميمي: "إنّ المقاومة الشعبية هي الهبة العظيمة التي عبرت عن ارادت الشعب اليمني في رفض ومواجهة وإفشال مخططات الجماعة الكهنوتية البغيضة التي تسللت عبر انقلاب تمت تغطيته من خلال الدعم الكارثي الذي قدمته قوى سياسية وشخصيات مخدوعة ويائسة وخائنة لمبدأ الإجماع الوطني".
وعن دور المقاومة الشعبية في مقاومة الإمتداد الكهنوتي المتمثل بجماعة الحوثي يقول "التميمي": "لقد خاضت المقاومة الشعبية حربًا مشرّفة في مواجهة الآلة العسكرية الضخمة، بعد أن وضعها المتآمرون بين يدي الانقلابيين وآلت فيما بعد إلى الجماعة الكهنوتية، ونجحت المقاومة رغم كل ذلك في رفع الكلفة البشرية والمادية للانقلاب وحصدت الكتائب العقائدية المقاتلة ضمن الجماعة الكهنوتية، ودمرت ترسانتها، وأبطلت مفعول الخيار العسكري وقدرته على الحسم الميداني".
واحديّة الأهداف والمصير
من خلال المعطيات الواردة على الساحة الوطنية، يتبيّن جليًّا العلاقة الوطيدة بين ثورة 26 سبتمبر وبين المقاومة الشعبية، وهو ما أكده الكاتب الصحفي والمعتقل السابق لدى جماعة الحوثي يحيى عبدالرقيب الجبيحي، بقوله: "هناك علاقة كفاح ضد الإمامة بين ثورة 26 سبتمبر وبين المقاومة الشعبية، وكلاهما ينطلقان من توجهات وأهداف موحدة في جوهرها وفحواها".
ويعتقد "الجبيحي" أنّ مقاومة اليوم الشعبية أوسع وأشمل، كونها تواجه الإمامة وبعض أعداء اليمن ووحدته الوطنية بآن واحد. مشيدًا بالدور الذي لعبه قادة المقاومة علي الساحة الوطنية وعلى رأسهم الشيخ حمود سعيد المخلافي.
وأكد الصحفي يحيى الجبيحي في حديث لـ "الحرف28"، أنّ قادة المقاومة كانوا على اطلاع مسبق بأنّ تحرير تعز ومأرب وغيرها من المناطق اليمنية المحررة، من الإماميين الجدد، إنما يعني لهم ذلك، الدفاع عن أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، تمامًا كما دافع عن ذلك قادة وجيش ثورة 26 سبتمبر والشعب اليمني كله خلال الفترة التي أعقبت قيام الثورة، والتي واجهت الأعداء من الداخل ممثلًا ببقايا الإمامة، ومن الخارج ممن يرغبون ببقاء اليمن أرضًا وشعبًا، متخلفًا وفقيرًا ومحكومًا من أرذل وأسوأ خلق الله". على حدّ تعبيره.
المجلس الأعلى للمقاومة.. ميلادٌ جديد
وفي يوم 29 يوليو من العام الحالي، دخلت المقاومة الشعبية عهدٌ جديد في محطات تاريخ النضال الوطني، في حُلّة جامعة لمجالس المقاومة في مختلف المحافظات، وكان ميلاد المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، في مؤتمرٍ تشاوريّ عقدته المجالس تحت شعار "معًا لاستعادة الدولة وحماية المشروع الوطني"، والذي أجمع على اختيار الشيخ حمود سعيد المخلافي رئيسًا للمجلس، والشيخ عبدالحميد عامر نائبًا له، وعضوية العديد من القامات الوطنية.
وقال ياسين التميمي، "إنّ المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية هو الصيغة التي أملتها ظروف وتحديات المرحلة الراهنة، التي تشهد انحدارًا مخيفًا للالتزامات الوطنيّة من جانب معسكر الشرعية، وانعكس بشكل سلبي على الموقف السياسي ويهدد المعنويات الراسخة للمقاومة والجيش الوطني في ميادين القتال، الأمر الذي استلزم التفكير باعادة الزخم الى المعركة الوطنيّة ضمن مسار المقاومة الشعبية، كما عهدناها في فترة ما بعد الانقلاب الغاشم على العملية السياسية في 21 سبتمبر 2014، وهو الموقف الصلب الذي عرف بعدم انصياعه لحسابات السياسة وإملاءات المؤثرين الخارجيين".
وأكد "التميمي" أنّ من أهم انجازات المقاومة أنها عطلت مخطط تسليم الدولة والجغرافيا اليمنيتين وما عليهما ومن فيهما من موارد وبشر للجماعة الكهنوتية، واستحدثت جبهات لمواجهة الانقلاب الكهنوتي وأعادت تجميع قوى الشعب اليمني وتهيئتها لخوض المعركة الوطنية المشرفة التي أعادت رسم الحدود المبدئية بين المشروع الوطني والمشروع التدميري الكهنوتي ومن يعمل في إطاره من المخدوعين والمنتفعين وبائعي المواقف.