الخميس 15 أُغسطس ,2024 الساعة: 08:42 صباحاً
الحضارة التي تمتلك قوة مفرطة للدمار ثم تقتل به الضعفاء وتدمر الشعوب بدون قانون وبدون (احم ولا دستور) وبلا أي رادع اخلاقي، ليست حضارة انسانية، هي نزوة وحشية تنتمي لعالم السباع، ستنقرض وهي تحرق نفسها بقوتها المفرطة ضد الاطفال والنساء، فصناعة الفجائع وزراعة الأحزان عند الأمهات ليست قوة ولاحضارة ولاهم يحزنون.
والانتشاء بهذا الفعل كإنتصار هو، علامة ضعف وخواء حضاري وبداية سقوط محتوم
ولايفيد الحرص على المعاني الأخلاقية بالتصريحات اللفظية، بينما اليد ملطخة بالدماء تذبح الضعفاء باسلحتها التي تمد بها القتلة الذين تشجعهم بالحماية من العدالة والعقوبة و الردع في المحافل والمنظمات الدولية... امريكا نموذجاُ !!
والمظاهرات التي تقودها النخبة وطلاب ومدرسي الجامعات الأمريكية ضد هذا المسلك ليست من اجل عيون (غزة) بل من اجل عيون امريكا و تنطلق من الإحساس بخطر هذه الوحشية ضد بلادهم كدولة عظمى، وهو احساس سوي يجعل هولاء يرون أن الأسلحة التي تقتل الأطفال وتمزقهم اشلاء انما تشرع بتمزيق الدولة العظمى وتضربها في العمق وتحيل ضميرهم ووجودهم الحضاري الى أشلاء منثورة في مهب الأيام، ولهذا يصرح بعض مثقفي امريكا أمام صمود غزة (أنتم تدافعون عنا ايضاً )!!
فنشوء الحضارات والدول العظمى تبدأ مشبعة ببعدها الأخلاقي مصحوبة بالقيم الإنسانية والروافع الروحية، وهذا ما يقف وراء القوانين النظرية للمجتمع الدولي المتعلقة بحقوق الانسان والشعوب وقوانين الحروب التي تطبق بشكل أعور، للأسف، بسبب قصور في بناء الضمير الدولي والنفاق المتعمق في روح هذه الحضارات المزيفة.
وعندمع تتخلى هذه القوة عن هذا البعد وتمارس عكسه بشكل مقرف دون مراجعة أو رادع فإنها تبدأ الهبوط التدريجي نحو السقوط الى الهاوية والتلاشي كما تلاشى السابقون ولن يعدم الزمان أسبابا متدرجة و ربما سريعة لهذا السقوط وسيصنع التاريخ خانة سوداء ومشوهة تليق بهم مع لوحات تقرأها الأجيال والشعوب لمن يريد الإعتبار والإستفادة من دروس التاريخ الذي بالغالب يتكرر بسبب طغيان الإنسان وذاكرته المهزوزة بالأطماع ونوازع الإستعلاء بغير حق.
لأول مرة بسبب المجازر والإبادة في (غزة ) يجري صراع (حضاري) في امريكا بين طغيان القوة العمياء وإبصار النخبة والطلاب لمآلات الأمور يتعلق ببقاء امريكا وزوالها من خارطة القوة والأيام شديدة المكر بالأقوياء المغفلين والطغاة المغرورين بالقوة وادعاء الربوبية والقوة المطلقة.
وللايام خبرة في مسح الإمبراطوريات بسهولة ساخرة.
إنهم يتحولون رغم ضخامتهم الى أضحوكة للزمن ومسخرة للتاريخ بعد أن كانوا يغطون الآفاق.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.