الأحد 15 سبتمبر ,2024 الساعة: 01:33 مساءً

متابعات
قالت ورقة تحليلية حديثة، إن السنوات الأخيرة شهدت تنافسًا متزايدًا بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن، وخاصة في محافظة حضرموت، التي تُعدُّ محافظة استراتيجية غنية بالنفط وتشكل ثلث مساحة البلاد.
وأوضحت الورقة التي أصدرها مركز المخا للدراسات أن هذا التنافس ينبع من تطلعات البلدين لتعزيز نفوذهما الجيوسياسي في المنطقة، مشيرة إلى أن حضرموت تحظى بأهمية خاصة بالنسبة للسعودية بسبب امتدادها الحدودي الطويل معها والعلاقات القبلية والاقتصادية المتينة التي تربطها بكبريات القبائل الحضرمية في المملكة.
وذكرت الورقة التي أعدها الباحث في مركز المخا الدكتور "إسماعيل السهيلي" إن الإمارات لم يكن لها ارتباط يُذكر بحضرموت قبل مشاركتها في التحالف العربي في عام 2015، لكنها رأت في ذلك فرصة لتعزيز وجودها السياسي والعسكري في اليمن، من خلال سياسة الانتشار الاستراتيجي خارج حدودها.
وأضافت الورقة أن الإمارات ركزت على السيطرة على السواحل والموانئ والجزر الاستراتيجية في جنوب اليمن لتعزيز نفوذها في المحيط الهندي والقرن الأفريقي، ولتحقيق ذلك، أسست قوات محلية مثل "قوات النخبة الحضرمية" للسيطرة على المكلا والمناطق المحيطة بها، كما دعمت الأجهزة الأمنية وقدمت الموارد لضمان سيطرتها.
وأشارت الورقة إلى أن السعودية، في المقابل، تبنت مجموعة من السياسات والمبادرات لمواجهة النفوذ الإماراتي المتزايد في حضرموت ولتعزيز دور الحكومة الشرعية والمكونات المجتمعية الموالية لها.
وبيّنت الورقة أن الرياض دعمت تشكيل "مجلس حضرموت الوطني" في يونيو 2023 ككيان سياسي يعبر عن طموحات المجتمع الحضرمي، إلى جانب تمويل مشاريع تنموية في المحافظة لتعزيز الاستقرار والتعافي الاقتصادي.
وأوضحت الورقة أن التنافس بين السعودية والإمارات في حضرموت يترافق مع خطوات تصعيدية من الجانبين. ففي حين دفعت الإمارات بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" لرفض تشكيل "مجلس حضرموت الوطني" وتنظيم فعاليات استفزازية، قامت السعودية بدعم الحكومة الشرعية وقوات "درع الوطن" لتعزيز موقفها العسكري والأمني في المحافظة.
وتطرقت الورقة إلى السيناريوهات المحتملة لمسار التنافس السعودي الإماراتي في حضرموت، مرجحة ثلاثة خيارات رئيسية: الأول يتمثل في الإبقاء على الوضع الراهن مع توازن هش للقوى؛ والثاني يتمثل في التوصل إلى تسوية بين الرياض وأبوظبي تضمن مصالحهما ضمن إطار دولة يمنية موحدة؛ والثالث يتمثل في تصاعد التنافس بشكل حاد، مما قد يؤدي إلى مواجهات مباشرة بين القوى المدعومة من الطرفين.
وفي الختام، أكدت الورقة على أن الوضع في حضرموت يبقى معقدًا وحساسًا، مما يستدعي سياسات تهدئة من قبل الأطراف كافة، والعمل على تحقيق تسويات تضمن مصالح الجميع في إطار يمن موحد ومستقر.