الثلاثاء 25 مارس ,2025 الساعة: 12:06 صباحاً
كشف الصحفي أحمد ماهر، وهو معتقل سابق في سجون المجلس الانتقالي الجنوبي، عن أوضاع وصفها بـ"المأساوية" يعيشها عدد من المعتقلين في سجن "بئر أحمد" بالعاصمة المؤقتة عدن، خاصة من أبناء المحافظات الشمالية.
وأوضح ماهر، في شهادة نشرها على منصة "إكس"، أن هؤلاء المعتقلين محتجزون منذ سنوات دون محاكمات أو تهم واضحة، ويعانون من أوضاع إنسانية قاسية، مع غياب أي دعم قانوني أو إنساني.
وأشار ماهر إلى وجود عنبر خاص داخل السجن يُعرف بـ"عنبر 6"، مخصص لأسرى الحوثيين والمعتقلين الشماليين الذين تم احتجازهم من نقاط التفتيش أو الشوارع العامة.
ووفقاً لشهادته، فقد كان أسرى الحوثي يتلقون دعماً مالياً شهرياً، إضافة إلى معاملة خاصة مقارنة بالمعتقلين الآخرين، وكان لهم ممثل داخل السجن يُدعى "عبد الواسع السقاف أبو هيثم"، الذي لعب دورًا في تنظيم شؤونهم وتقديم الدعم لهم.
وأضاف أن هؤلاء الأسرى الحوثيين أُفرج عنهم لاحقاً ضمن صفقات تبادل، بينما لا يزال المعتقلون الآخرون محتجزين دون أي أفق لحل وضعهم.
أما الفئة الثانية، التي وصفها ماهر بـ"الأكثر بؤسًا"، فتشمل معتقلين لا تربطهم أي علاقة بالحوثيين، تم احتجازهم بسبب أصولهم الشمالية.
وأوضح أن هؤلاء الأشخاص يواجهون ظروفًا معيشية قاسية داخل السجن، حيث لا يُسمح لهم بالزيارات، ولا يحصلون على أي دعم مالي، كما لا يتم عرضهم على المحاكم أو تحمل النيابة العامة مسؤوليتهم.
وأضاف أنهم يعتمدون على المساعدات القليلة التي قد تصلهم بطرق غير رسمية، أو يدفعون رشاوى للحصول على امتيازات بسيطة مثل إجراء مكالمات هاتفية قصيرة مع ذويهم.
وسرد ماهر تفاصيل عن بعض المعتقلين، مشيراً إلى وجود 20 شخصًا فقدوا أهليتهم العقلية نتيجة ظروف الاحتجاز الطويلة، و13 آخرين من كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عامًا، إضافة إلى نحو 80 شابًا اعتُقلوا من نقاط تفتيش أو أثناء قيامهم بأعمال اعتيادية، مثل استخراج جوازات سفر أو التنزه.
وأوضح أن هؤلاء المعتقلين يعانون من العزلة والإهمال، حيث تمر عليهم الأشهر دون أن يسمعوا أي أخبار عن مصيرهم أو إمكانية الإفراج عنهم.
وأكد الصحفي أن هؤلاء المعتقلين يشعرون بالخذلان والإهمال من جميع الأطراف، مشيرًا إلى أنهم يتساءلون باستمرار عن موقف حكومة صنعاء والشرعية، ويتطلعون إلى أي بادرة أمل لحل قضيتهم.
وقال إن بعضهم يعاني من أوضاع صحية متدهورة، بينما يعيش آخرون في ظروف غير إنسانية بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية.
وتؤكد تقارير حقوقية بأن المجلس الانتقالي الجنوبي، المسيطر على أجزاء من جنوب اليمن، يدير سجون سرية تُمارس فيها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب.
تقارير متعددة، منها تقرير لجنة التحقيق الوطنية، وثّقت شهادات لمحتجزين في سجون عدن الخاضعة لسيطرة المجلس، تشير إلى تعرضهم لمعاملة غير إنسانية ومهينة.
من أبرز هذه السجون، سجن "بئر أحمد" في عدن، حيث يُحتجز العديد من الأفراد دون توجيه تهم رسمية أو محاكمات عادلة.
وكان الانتقالي قد اعتقل الصحفي أحمد ماهر في 6 أغسطس 2022 من منزله في عدن على خلفية نشاطه الإعلامي وانتقاده للأوضاع المعيشية والأمنية في المناطق الجنوبية.
تعرض ماهر للإخفاء القسري لمدة شهر قبل ظهوره في مقطع فيديو مسجَّل تحت الإكراه، يُدلي فيه باعترافات تتهمه بأعمال تهدد أمن الدولة.
في 28 مايو 2024، حُكم على ماهر بالسجن لمدة أربعة أعوام بعد محاكمة وُصفت بأنها جائرة، حيث وُجهت إليه تهمتا نشر معلومات كاذبة وتزوير وثائق هوية. خلال فترة احتجازه، أفادت تقارير بتعرضه للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لإرغامه على الاعتراف بالتورط في هجوم على مركز الشرطة في مارس 2022.
بعد قرابة عامين من الاعتقال، أُفرج عن أحمد ماهر في يناير 2025، عقب قرار محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة في عدن بتبرئته من التهم المنسوبة إليه. جاء هذا الإفراج بعد ضغوط من منظمات حقوقية محلية ودولية نددت باعتقاله وطالبت بإطلاق سراحه فورًا.