سعادة .. المرأة التي قذفت بها الحرب إلى المأساة
الخميس 08 سبتمبر ,2022 الساعة: 06:46 مساءً
الحرف28 - متابعات

"أمنيتي الوحيدة أن أحصل بشكل منتظم على دواء الضغط والسكر فقد أصبحت غير قادرة على توفيره وصحتي في خطر إن لم أتناول هذه الأدوية"، بصوت غابت فيها نبرة الحياة والبهجة لخصت الخمسينية سعادة دبوان سعيد مأساة إنسانية تعيشها آلاف الأسر اليمنية في ظل الحرب المستمرة منذ ثمانية أعوام.

تتألف أسرة سعادة من 11 شخصا تسع بنات وولد وأمهم، بدأت فصول معاناتها في عام 2016م بوفاة الأب في منطقة كلابة بمديرية القاهرة بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، حسبما ذكرت منظمة سام للحقوق والحريات. 

تعيش سعادة مع أولادها العشرة في دكان (عبارة عن غرفة على الشارع تستخدم لأغراض تجارية كمحل لبيع المواد الغذائية أو مخزن بباب واحد ولا توجد فيه منافذ للتهوية) فقد اضطرتها الظروف القاسية أن تعيش في هذا المكان بمنطقة سعوان بمدينة صنعاء بعد أن انتقلت إليه من مدينة تعز في عام 2017م.

مأساة إنسانية متعددة الألم فالأم فقدت بصرها بعد إصابتها بشظايا قذيفة عام 2017م سقطت قرب منزلهم في حي كلابة وهو حي في مديرية القاهرة يقع في منطقة تماس شرق مدينة تعز بين أطراف الصراع القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثي.

وتروي ما حصل في ذلك اليوم إذ تقول إنها "عاشت ساعات مرعبة من هول الصدمة حيث كانت تقوم بعملها المنزلي اليومي مثل بقية الأيام تشاهد أولادها وهم يتجمعون حولها في المساء تعمل على توفير ما تيسر لها من إمكانيات مادية على توفير متطلبات المعيشة".

وأضافت "لكن قذيفة انفجرت قرب المنزل حين كانت تجهز لأولادها العشاء خارج المنزل على الحطب نتيجة عدم توفر الغاز فأسقطتها على الأرض وتوزعت شظايا القذيفة في جسدها وأخطر تلك الشظايا التي استقرت في وجهها وبالتحديد عيونها".

وتتابع "لم أفق إلا في المستشفى وغير قادرة على النظر لمن حولي". 

هذه الحادثة حولت سعادة إلى "امرأة غير قادرة على رعاية أولادها كما كانت وأصبحت روحها  مستودعًا للألم والحزن".

فشلت كل المحاولات الطبية الجراحية لجعلها قادرة على أن ترى بعيونها وأصبحت الآن ضريرة أسيرة المرض فهي تعاني من مرض السكر والضغط والكلى، كما تقول.  

في عام 2016 توفي زوجها نتيجة مرضه بالفشل الكلوي.
وبعد إصابتها وفقدان بصرها وسوء وضعها الصحي اضطرت للانتقال للعيش في صنعاء بمساعدة شقيقها الذي استأجر لها دكانًا صغيرًا تعيش فيه مع أطفالها في وضع معيشي صعب وظروف قاسية على كل المستويات، كما تصف.

وتتابع سعادة سرد مأساتها وغصة البكاء تخنقها "حتى إيجار الدكان رغم أنه مبلغ لا يتجاوز 15 ألف ريال يمني أي ما يعادل تقريبًا 13 دولارًا في الشهر إلا أنها منذ ثلاثة أشهر لم تدفع شيئًا وقد تصبح مطالبة في أي وقت بمغادرة المكان؛ نتيجة عدم دفع الإيجار الشهري.

تعيش سعادة مع أولادها في معاناة لا تستطيع أن تجابهها وقد أصبحت غير قادرة على أن ترى من حولها وتعاني من الأمراض المزمنة التي تستخدم لها الأدوية بشكل مستمر والتوقف عن استخدام هذه الأدوية نتيجة عدم قدرتها على شرائها كما تقول يكون له نتائج صحية سلبية عليها مثل الصداع المستمر.

عجزت الأسرة مؤخرًا عن دفع إيجار السكن وكل ما تجمعه إحدى بناتها من الأشغال اليدوية التي تعلمتها لا يكفي في توفير الحد الأدنى من متطلبات المعيشة بأبسط وأقل الأشياء الضرورية إذ أصبحت حياتها هي وأولادها تشبه "الجحيم" كما تصف، في ظل الارتفاع المتزايد في الأسعار وقلة حيلتها مع وضعها الصحي المتدهور، وتكالب الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط عليها نالت من صحتها بالإضافة إلى فقدان نظرها.

سعادة وأولادها العشرة وضعتهم الحرب على هامش الحياة فريسة للوجع والمعاناة مثل المئات من الأسر اليمنية التي تمثل النسبة الأعلى في المجتمع الأكثر هشاشة نفسيًا وصحيًا واقتصاديًا.

ويدور النزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ العام 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق في شمال وغرب البلاد منذ 2014.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم الكثير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.

وما زال نحو 3,3 ملايين شخص نازحين بينما يحتاج 24,1 مليون شخص أي أكثر من ثلثي السكان، إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة التي أكدت مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا.


Create Account



Log In Your Account