تعليم الفتيات
الإثنين 18 أكتوبر ,2021 الساعة: 07:26 مساءً

حدثتني أمي ذات مساءٍ ريفيٍ جميل وهي تحتسي فنجان قهوتها المُرّة أن أمنيتها حين كانت صغيرة أن "تفكّ الحروف" ، ولم يكن بالإمكان تحقيق تلك الأمنية  في منتصف القرن الماضي ، إذ كان الجهل أحد مصائب تلك الفترة ، لكن أن تصبح تلك أمنية إحداهنّ في هذا العصر فالمصيبة أعظم .

 

تشير إحصائيات المركز الوطني للمعلومات إلى وجود تفاوت جلي في نسبة الالتحاق بالتعليم بحسب النوع الاجتماعي ، حيث سجلت نسبة التحاق الذكور (73.9%) مقابل (53.1%) لدى الإناث وذلك بالفئة العمرية (6-15)  وتشير الإحصائيات التي تمت بعمل تعاوني بين الحكومة اليمنية والبنك الدولي إلى أن نسبة التحاق الفتيات بالتعليم في المرحلة الثانوية 23% و 7.5% في المرحلة الجامعية .

 

لتعليم الفتاة ثماراً رائعة بالتأكيد ، فحرمانها  من التعليم يفقد المجتمع نقاط قوة يمكن أن تحدث فرقاً في رقيه وتطوره بشكل عام  ، فالتعليم عاملاً أساسياً في ضمان مستقبل أفضل لهن على المستوى القومي ، وسبيلاً لتمكين البلدان من استغلال إمكانياتها الإنمائية والبشرية ، كما أن هناك ثماراً تمس الفتاة بشكل مباشر أهمها تعزيز الثقة بالذات ، والتحول إلى مربع الإنتاجية ، وحسن رعاية الأطفال ، وإدارة شؤون الأسرة بشكل جيد ، والمشاركة في الحياة العامة بما يتناسب مع طبيعتها وقدراتها ، والتعاضد مع أخيها الرجل في شغل المهام القيادية سياسياً واجتماعياً .

 

يمكن القول باختصار أن فتاة متعلمة تعني مستقبل أفضل لها ولأسرتها ولمجتمعها ، لان حياتها ستكون أفضل اقتصادياً ونفسياً واجتماعياً ، وكونها عنصر فاعل هو علامة صحة للمجتمع الذي تتواجد فيه ، فالجاهل عدو نفسه والمتعلم صديق الجميع ، ويؤكد تقرير صادر عن البنك الدولي أنه "يتجاوز تعليم الفتيات مجرد إلحاقهن بالمدرسة ، فهو يُعنى بضمان تعليمهن وشعورهن بالأمان وهن في المدارس، وإتمامهن كل مراحل التعليم ، وتزويدهن بالمهارات والقدرات اللازمة للمنافسة بفاعلية في سوق العمل، وتعلم المهارات الاجتماعية والعاطفية والحياتية الضرورية للتعامل مع عالم آخذ في التغير والتكيف معه."

 

ان تحقيق الطموح المنشود يلزمه تكاتف الجهدين الرسمي والشعبي للقيام بتدخلات مخططة وهادفة لمعالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي لهذه الظاهرة، ويشمل ذلك برامج وأنشطة توعوية هادفة لتغيير القناعات الاجتماعية تجاه الظاهرة،  فيما يمثل الجزء الأكبر من الحلول الحد من مشكلة الفقر باعتباره المتسبب الأول ، وتعزيز مشاريع التنمية المستدامة ، وإنشاء ودعم المشاريع الصغيرة للأسر الفقيرة ، وتحويل التعليم الى مجان أي بشكل كلي وخاصة في المرحلة الجامعية ، وتوجيه جزء من نشاط الداعمين الدوليين الى معالجة أسباب وأثار هذه المشكلة .

 

ختاماً ..

وأنا أتذكرُ أمنية أمي التي حدثتكم عنها آليتُ على نفسي أن أجعل ابنتي تتجاوز هذه المُعضلة ، وليهنأ قلب أمي حين ترى حفيدتها تحققُ ما منعتها الظروف عن تحقيقه في طفولتها ،  وفي كل صبيحة يوم دراسي تذهب صغيرتي "عائشة" إلى مدرستها أطبع على خدها قُبلة حانية ، لأرى فيها جيلاً كاملاً يصنع مستقبلاً زاهراً مفتاحه التعليم .

 


Create Account



Log In Your Account