معركة مأرب .. آخر ما تبقى من الجمهورية اليمنية..   كيف تسعى قوى اقليمية ودولية إلى إسقاط المحافظة لإعادة صياغة الخريطة الجغرافية والسياسية للبلاد؟ ( تقرير خاص)
الأحد 14 نوفمبر ,2021 الساعة: 05:23 مساءً
الحرف28 - هشام سلطان - خاص


تواجه محافظة مارب، ما يبدو أنها مؤامرة كبيرة، هدفها الظاهر سيطرة مليشيا الحوثي، لكن الواقع أن محاولة  اسقاط مارب  تسعى وراء هدف كبير ينتهي بإسقاط اليمن برمتها وإعادة صياغة خارطتها الجغرافية والسياسية على النحو الذي يخدم أطماع الإقليم. 

وتسعى قوى دولية وأخرى اقليمية كإيران وعربية كالإمارات والسعودية الى إعادة تشكيل خارطة البلاد الجيوسياسية والإقتصادية والإجتماعية، بما  يخدم مصالحها، مستخدمة قوى محلية عديدة. 

يبدأ الهدف بإلغاء المرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الشرعية دون ان تبذل أي جهود مع الإحتفاظ  باستراتيحية الإذعان للتحالف التي اتبعتها  منذ بداية الحرب، وساهمت في تمرير مخططات تمزيق البلاد وملشنتها. 

منذ أواخر 2018، بدأ التمهيد لاسقاط مارب، بتوافق دولي واسع بما في ذلك التحالف السعودي الاماراتي لكن يبقى السؤال كيف حدث ذلك؟. 

التمهيد لاسقاط مارب
فور توقيع اتفاق استوكهولم أواخر 2018، بين الشرعية والحوثيين والذي قضى بإيقاف الحرب في الحديدة وانسحاب قوات الطرفين من المدينة وتسليم مينائها لادارة جديدة تشرف عليها الامم المتحدة، بدأ الحوثيون بالترتيب لنقل المعركة الى مأرب. 

اتفاق استوكهولم لم ينفذ منه سوى هدنة هشة، مكنت الحوثيين من الاستعداد لمعركة أخرى هدفها مارب. 

استمرت الاستعدادات الحوثية لغزو مارب قرابة عام، وكان ذلك بتوافق دول اقليمية ودولية. 

دور المجتمع الدولي والتحالف 
كان اتفاق استوكهولم قد قضى بأن ينفذ خلال أقل من شهرين لكن المجتمع الدولي والتحالف السعودي الإماراتي تغاضى عن ذلك بغية افساح المجال للحوثي للاستعداد لمعركة مارب. 

كانت قوات الجيش حينها في أطراف مديرية نهم شرقي صنعاء المحافظة، وعلى بعد كيلو مترات قليلة من مديرية ارحب المتاخمة لأمانة العاصمة، ومن الاتجاه الاخر كانت تسيطر على محافظة الجوف ومعظم محافظة البيضاء المحاذية لمحافظة ذمار المتاخمة للعاصمة صنعاء. 

والى جانب تغاضي المجتمع الدولي والتحالف عن تنفيذ اتفاق استوكهولم، ساهم التحالف السعودي الإماراتي بشكل مباشر في دعم الحوثيين. 

منع الجيش من التقدم 
خلال العام 2019، حاولت قوات الجيش  مرات عدة مواصلة التقدم باتجاه صنعاء، لكن التحالف منعهم من ذلك بالقوة. 

تقول مصادر عسكرية رفيعة، إن التحالف وجه قيادات الجيش صراحة بعدم التقدم باتجاه صنعاء، لكن بعض القيادات رفضت الانصياع لتلك الاوامر واطلقت عمليات عسكرية للوصول الى مديرية أرحب. 

بحسب المصادر، قوبلت محاولات التقدم للجيش في ميسرة وميمنة نهم، بقسوة من التحالف، حيث شن طيران الاخير غارات استهدفت مواقع للجيش في اوقات متفرقة، وابرزها غارة استهدفت غرفة عمليات للجيش وقتل على إثرها قائد لواء حفظ السلام وركن التوجيه المعنوي فيه وقيادات وافراد آخرين. 

ليس الطيران وحده، فمدفع "جهنم" الحديث - دقيق الاستهداف، ذاتي الحركة - الذي يتحكم به ضباط سعوديون ولا يقترب منه افراد الجيش الوطني الا للمساعدة في اعمال الصيانة، استهدف هو الآخر تجمعات لقوات الجيش أثناء محاولتها التقدم في قلب نهم باتجاه أرحب. 

تحولات عسكرية كبيرة 
تتواجد في مديرية نهم التي تبلغ مساحتها  حوالي 1800 كيلو متر - ثلاثة اضعاف مساحة عدن- 9 ألوية عسكرية، الكثير من أفرادها تركوا مواقعهم بسبب توقف الرواتب لاشهر طويلة. 

لكن مع منتصف العام 2019، حدثت تغيرات عسكرية، ادت الى تراجع عدد وعتاد تلك القوات. 

بحسب مصادر عسكرية، فإن القوات السعودية قامت بسحب معظم معداتها العسكرية الهامة من نهم والجوف، وتزامن ذلك بسحب الامارات لمنظومة الباتريوت من مدينة مارب. 

في الوقت ذاته، فتحت السعودية جبهات لها في الحدود وبدأت باستقطاب مقاتلين اليها، وركزت على المقاتلين في جبهات الجيش، واغرتهم برواتب عالية، هي أضعاف ما يتقاضونه من الشرعية، علاوة على ان هذه الاخيرة لاتدفع لهم مرتباتهم الا راتبا او راتبين كل عدة اشهر. 

تقول مصادر عسكرية في جبهة نهم، إن القوات المرابطة في الجبهة تناقص حجمها بشكل كبير للغاية ولم يعد يتواجد فيها سوى اعداد قليلة يتناوبون على الخدمة في المواقع. 

انقلاب الانتقالي وهجوم الحوثي 
في اغسطس 2019، نفذ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا انقلابا على الشرعية بعدن وسيطر إلى جانب الاخيرة على ابين وعزز تواجده في شبوة التي كان يسيطر عليها مسبقا، واستدعى هذا الانقلاب توجيه الجيش قواته الى الجنوب للقضاء عليه. 

في ذات الشهر، توجهت قوات الجيش الى شبوة وتمكنت من استعادتها، ومنها الى ابين والتي استعيدت هي الاخرى قبل ان تواصل تقدمها إلى المدخل الغربي لمدينة عدن "نقطة العلم" ، لكنها تعرضت هناك لقصف جوي من الطيران الإماراتي ليضطر الجيش إلى التراجع الى زنجبار عاصمة محافظة ابين ولاحقا الى مدينة شقرة المحاذية للاخيرة، وهي مدينة ساحلية في ذات المحافظة. 

انقلاب الانتقالي وتوجه جزء كبير من الجيش الى شبوة وأبين، كان مخططا له مسبقا من قبل الامارات والحوثيين، والهدف منه تخفيف حجم القوات التي ستواجه المليشيا الحوثية في نهم صنعاء والجوف ومارب، وفقا لمصادر عسكرية رفيعة في الجيش. 

في الاشهر اللاحقة لانقلاب الانتقالي، اشغل التحالف الشرعية باتفاق الرياض الذي وقع في نوفمبر 2019، ولم ينفذ منه سوى مشاركة الانتقالي في الحكومة، وفي التوقيت ذاته كانت المليشيا الحوثية قد أطلقت عمليتها العسكرية في شرق صنعاء. 

سقوط نهم 
أواخر العام 2019، أطلقت المليشيا الحوثية هجوما واسعا على مديرية نهم، وتمكنت من السيطرة على مواقع عديدة في اطراف المديرية من اتجاه ارحب، ومع مطلع العام 2020، كثفت هجومها الذي قوبل بانهيار كبير في صفوف الجيش الذي كان قد فقد العدد والعتاد بفعل استقطاب السعودية الافراد الى جبهات الحدود وسحب اسلحتها النوعية. 

أواخر يناير 2020، سيطر الحوثيون على مديرية نهم باستثناء مواقع قليلة، احتفط بها الجيش بعد دفعه بتعزيزات عسكرية.

سقوط الجوف 
توقفت المعارك أيام قليلة، في شرق صنعاء بعد وصول الحوثيين الى اطراف مارب من خلال نهم، وخلال هذه الفترة لم يقم الجيش باستعادة مواقعه التي فقدها في نهم، بل إنه لم يعزز تواجده في الجبهات الاخرى، ليدشن الحوثيون عملية عسكرية جديدة عنوانها الجوف وتمكنوا من تجاوز خطوط الدفاع الامامية للجيش في الجوف بسهولة كما حدث في نهم، وسط اتهامات بسوء إدارة المعركة وانسحاب مسبق لاسلحة تتبع السعودية. 

تقول مصادر عسكرية في المنطقة العسكرية السادسة إنه مع اقتراب الحوثيون من مدينة الحزم عاصمة الجوف، قامت السعودية بحسب جميع اسلحتها الثقيلة من المدينة، وسحب هذه الأسلحة سهل الى حد كبير استمرار الحوثيون بالتقدم نحو المدينة، في الوقت الذي كان يسهل وقف الحوثيين من خلال طائرات الأباتشي التي توفرت لها بيئة مثالية في مناطق الجوف المنبسطة. 

وأضافت انه علاوة على سحب السعودية لاسلحتها من الجوف، كانت المنطقة العسكرية السادسة تعاني من حرمان كبير من الرواتب، وهو حرمان مضاعف عن بقية المناطق العسكرية، حيث كانت تمضى 6 اشهر واحيانا اكثر بدون راتب واحد، وهذا افرغ الجبهات من الكثير من المقاتلين. 

مطلع مارس من العام ذاته، سيطر الحوثيون على مدينة الحزم وبدأوا شق طريقهم نحو مارب، وقد حدث كل ذلك دون أن تبدي قيادة الشرعية أي ممانعة او رفض لسياسة التحالف الإستنزافية. 

أطراف مارب وتواطؤ قيادات بالجيش
بعد اشهر قليلة من سقوط نهم والجوف، أطلق الحوثيون عملية عسكرية جديدة في أطراف مارب. 
كان الجيش حينها مايزال في حالة تيهان، الامر الذي دفع ببعض القيادات العسكرية المأربية الى الاستعانة بمسلحي القبائل وهو ما حدث، بحسب مصادر عسكرية وقبلية. 

كان الهجوم الحوثي قد بدأ في الاطراف الجنوبية، لكن ما حدث أن القبائل التي توافدت لاسناد الجيش لم تجد السلاح الذي ستقاتل به. 

فحسب مصادر وثيقة، فإنه عندما احتدمت المعارك في مديرية مدغل، طالبت القبائل قيادة الجيش بتعزيزها بذخيرة واسلحة نوعية وافراد، لكن الاخيرة تجاهلت الامر، وقالت إن مسلحي القبائل يطلبون الذخائر والاسلحة ليقوموا ببيعها. 

تقول المصادر إن تجاهل قيادة الجيش المرتهنة للتحالف،  اسناد القبائل، ادى الى عدم قدرة الاخيرة على الصمود امام الحوثيون ليتمكن الاخيرون من السيطرة على مديرية مدغل في اغسطس 2020، ومديرية رحبة في سبتمبر من العام ذاته. 

وواصل الحوثيون تقدمهم في أراضي مديرية جبل مراد المحاذية لمديرية رحبة لتتوقفت المعارك هناك. 
اختراق الجبهة الغربية 
حتى فبراير 2021، كانت قوات الجيش ما تزال تسيطر على اجزاء من جبل هيلان الاستراتيجي، وصرواح والمشجح، لكن في السابع من ذات الشهر، تفاجأت قوات الجيش باختراق كبير لجبهة مارب الغربية، حيث التفت المليشيا عليها من اتجاه وادي ذنة لتضطر إلى الانسحاب من معظم جبهة صرواح. 

ومع اشتداد الضغط الحوثي على باقي مواقع صرواح سقطت كامل مواقع الجيش في هيلان ومواقع كثيرة في المشجح وتقدمت المليشيا الى الكسارة التي ما تزال المعارك فيها حتى اليوم. 

اختراق الحوثيين للجبهة الغربية بمارب، جاء بفعل تواطؤ من قبائل في خولان، بحسب مصادر عسكرية في جبهة صرواح تحدثت لـ"الحرف28". 

المصادر قالت إن القبائل كانت قد ابرمت اتفاقا مع الجيش، نص على ألا تدخل قوات الاخير أراضيها مقابل التزامها بعدم السماح للحوثيين بدخولها، وظل هذا الاتفاق ساريا حتى مطلع فبراير، حيث سمحت القبائل للحوثيين باستخدام اراضيها للهجوم على مأرب. 

بحسب المصادر، تسلل الحوثيون من اتجاه وادي ذنة والتفوا على مواقع الجيش الخلفية في صرواح ما اضطر الاخير الى الانسحاب من معظم المواقع، ومحاولة منع تقدم مسلحي المليشيا أكثر لكن ذلك لم يحدث حيث واصل الحوثيون تقدمهم حتى وصلوا الى  معسكر كوفل الاستراتيجي، وسيطروا عليه وقاموا بتأمينه بشكل كامل. 

استمرت الهجمات الحوثية في غرب مارب بهدف الوصول الى اطراف المدينة وتركزت الهجمات على جبهة الكسارة لكن دون تحقيق تقدم رغم انها شنت اكثر من 300 هجوم، وقتل من افرادها قرابة 8 آلاف شخص، بحسب احصائية رسمية للجيش. 

طيران التحالف وتعزيزات الجيش
في الوقت الذي كانت فيه قوات الجيش تستميت لمنع الحوثيين من التقدم غربي مارب، كان التحالف يقوم باستهداف مواقع وآليات وتجمعات المليشيا لكن برغم ذلك واصل الحوثيون التقدم، ليبقى السؤال.. ما الذي كان يحدث بالضبط ؟.

مصادر عسكرية تحدثت لـ"الحرف28"، قالت إن ضربات التحالف كانت بمثابة "اسقاط واجب" او "ذر الرماد على العيون". 

وأوضحت ان قيادة الجبهة كانت تطلب من التحالف مساندة الجيش في صد هجوم حوثي او للتغطية عند هجوم له، لكن ما كان يحدث هو ان طيران التحالف يأتي وينفذ ضربة هنا وضربة هناك، وهي ضربات لاهداف غير مهمة غالبا، ثم يغيب عدة ساعات ويعود وقد سيطر الحوثيون على مواقع جديدة. 

بالمقابل، يقول احد افراد الجيش، كان يقاتل في جبهة الكسارة، طلب عدم ذكر اسمه، انه خلال محاولته هو وآخرين من زملائة التصدي لهجوم حوثي، في احد المواقع، وجدوا انهم بحاجة لتعزيزات، فطلب قائدهم تعزيزات من مارب، لكن التعزيزات تلك لم تصل الا بعد اسبوع، مع ان وصولها لا يستغرق ساعات قليلة، وكان الحوثيون حينها قد سيطروا على الموقع وقتل معظم من كان فيه بما فيهم شقيقه وعدد من أقاربة. 

لقد استمرت الهجمات الحوثية حوالي 8 اشهر في غرب مارب لكن لم يحققوا اي تقدم. 

نقل المعركة الى الجنوب 
في الوقت الذي ظن الجميع فيه ان المليشيا الحوثية انكسرت على أطراف مارب الغربية، وبدأت سلطات شبوة تفكر جديا باستعادة منشأة بلحاف لتصدير الغاز المسال القادم من مأرب، من سيطرة الإمارات، حدثت تطورات متسارعة قلبت الموازين. 

أولى الثغرات، اطلاق قوات الجيش عملية عسكرية واسعة لاستعادة البيضاء وحققت العملية تقدمات كبيرة حيث وصلت الى اولى مناطق مدينة البيضاء عاصمة المحافظة، لكن ذلك التقدم لم يستمر بل تحول الى نكسة. 

قامت قوات الانتقالي في يافع، بقطع خط الامداد عن الجيش، ومنعت وصول تعزيزات لقوات العمالقة التي كانت تشارك في العملية العسكرية، كانت قادمة من الساحل، وهو ما مكن الحوثيين من استعادة اطراف مدينة البيضاء وبعدها مديرية الزاهر معقل المقاومة في المحافظة. 

لاحقا وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة من مأرب الى البيضاء، لكنها انسحبت في اليوم التالي دون ان تخوض اي معارك، بتوجيهات من قيادة الجيش، وهو ما مكن الحوثيون من تحقيق تقدم متسارع في مديريات المحافظة. 

بالعودة الى موضوع بلحاف، ومع ضغط سلطات شبوة لطرد الامارات من بلحاف، ما تسبب بزيادة التوتر بين قوات الجانبين، تدخلت السعودية وطلبت مهلة شهرين لاقناع الامارات بمغادرة بلحاف، وهو ما وافقت عليه سلطات شبوة. 

كانت المهلة التي طلبتها السعودية محل ارتياب كبير من المتابعين للمشهد، فالانسحاب لن يستغرق سوى أيام. 

خلال المهملة، واصل الحوثيون تقدمهم باتجاه شبوة، ومع وصولهم أطراف بيحان، توقف طيران التحالف عن مساندة الجيش. 

بحسب مصادر عسكرية في محور بيحان، فقد عزز المحور بالكثير من قواته الى مارب، ودفع بتعزيزات أخرى الى أطراف بيحان على الحدود مع مديريتي ناطع ونعمان بالبيضاء. 

بعد تجاوز الحوثيين ناطع ونعمان قاموا بالتواصل في بيحان، واثناء ذلك، تفاجأ الجيش بتواجد مسلحي الحوثي في مديرية عين، وهي مديرية خلف بيحان ومحاذية لمديرية حريب مارب. 

بحسب مصادر محلية، فإن الحوثيين دخلوا الى مديرية عين سرا بدون سلاح، وهناك اسقبلهم مشائخ قبليين موالين كانوا على صلة بالإنتقالي ووفروا لهم السلاح اللازم، واثناء توغل الحوثيون في بيحان خرج مسلحي الجماعة في مديرية عين وخاضوا مواجهات ضد وحدات من الجيش هناك. 

ماحدث في "عين"، جعل الجيش يفقد قوته وينسحب من معظم المديرية، لكن الحوثيون واصلوا تقدمهم باتجاه عين وتمكنوا من السيطرة عليها، وايضا على معظم مديرية عسيلان، في ذات اليوم. 

في اليوم التالي من سيطرتهم على بيحان وعين، توجهوا الى مديرية حريب اولى مديريات جنوب مارب، وهناك لم تكن تتوفر سوى مقاومة محدودة. 

تقول مصادر محلية لـ"الحرف28"، ان الحوثيين توغلوا من مديرية حريب دون اي مقاومة ووصلوا الى مركز المديرية، وذلك بدبابة وعشرة اطقم وعدد من المدرعات فقط. 

بحسب المصادر، اندلعت معركة عنيفة في مركز المديرية بين وحدات محدودة من الجيش والحوثيين، استمرت من التاسعة صباحا وحتى العاشرة والنصف وانتهت بانسحاب الجيش وسيطرة الجماعة على المديرية. 

خنق مارب 
رغم عشرات الغارات اليومية التي يعلن التحالف تنفيذها ضد الحوثيين، الا ان الاخيرين لم يتوقفوا عن التقدم حيث سيطروا على العبدية بعد حصار دام عدة اسابيع، ولم تتدخل الشرعية او التحالف لمنع سقوط المديرية. 

استمر التقدم الحوثي وسيطروا على مركز مديرية الجوبة القريبة من المدينة عاصمة المحافظة، وقطعوا خط الامداد عن مديرية جبل مراد ليضطر الجيش والقبائل هناك على القبول بعرض الحوثيين "تسليم المديرية مقابل السماح بالخروج". 

مع هذا التقدم، خرجت الاحزاب السياسية في مارب ببيان هو الاول من نوعة، اتهمت التحالف بسوء إدارة المعركة، وفي الوقت ذاته هاجمت الشرعية وقالت إنها فشلت على مختلف الاصعدة العسكرية والسياسية والإقتصادية، محليا واقليميا ودوليا. 

مع استمرار المعارك في مارب، لم يخرج المجتمع الدولي للتدخل لوقف الزحف الحوثي كما كان يحدث عندما كان الجيش يتقدم باتجاه صنعاء والقوات المشتركة باتجاه الحديدة. 

يقول مراقبون ان التحالف والمجتمع الدولي شاركا بشكل مباشر في معركة اسقاط مارب، وانهما ينتظران سقوطها كليا ليفرضوا معادلة سياسية جديدة. 

فرض معادلة جديدة
بسقوط مارب، سيدخل الحوثي المفاوضات كطرف منتصر، وبالتالي، سيتم الغاء المرجعيات الثلاث. 

وترتب المبادرة الخليجية الفترة الانتقالية للرئيس واقامة مؤتمر الحوار الذي عقد بين 2013 و2014، قبل انتقال السلطة عبر الانتخابات وذلك خلال عامين تبدأ من انتخاب هادي رئيسا في 21 فبراير 2012، فيما نصت اهم مخرجات الحوار على اقامة حكم فدرالي، بدلا عن المركزي. 

والى جانب ذلك، قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والذي نص على تسليم المليشيا الحوثية السلاح للدولة وتسليم العاصمة صنعاء للشرعية. 

لم يكن كل ذلك مصادفة، فقد أطلق سفير المملكة المتحدة ، حاملة القلم في الملف اليمني بمجلس الأمن دعوة الى إلغاء قرار مجلس الأمن، واستبداله بقرار آخر يراعي المتغيرات على الأرض، على نحو يشير الى اتفاق دولي على تمرير الحوثيين وشرعنة سيطرتهم، فضلا عن إعادة تشكيل الخارطة السياسة والجغرافية للبلاد بعد ترسيخ انقلابي صنعاء وعدن. 

بإلغاء المرجعيات الثلاث سيسعى الحوثيون لاعادة صياغة يمنهم الخاص في ظل مساعي سعودية للتفاهم مع إيران ظهرت إشاراتها الأولى باستئناف العلاقات التجارية بين البلدين. 

الأرجح أن الحوثيين سيمضون بتوافق مع بريطانيا ومن خلفها أمريكا للوصول الى حدود المملكة المتوكلية، الحدود الشطرية السابقة بين الشمال والحنوب، باستثناء الساحل الغربي لمحافظة تعز واجزاء من ساحل الحديدة، بينما ستسعى الامارات الى انتزاع اقليمين لصالحها الاول في الساحل تحت ادارة طارق صالح والثاني في الجنوب "عدن، ابين، الضالع، لحج"، تحت ادارة الانتقالي، فيما ستنفرد السعودية بإقليم حضرموت لتتمكن من مد انبوبها النفطي من شرق اراضيها الى بحر العرب، عبر محافظة المهرة. 

غير أن شهية الحوثيين عقب الانسحاب المفاجئ للقوات المشتركة بقيادة طارق صالح، من محيط مدينة الحديدة زادت أكثر، فاطلق محمد البخيتي تصريحا عبر قناة الجزيرة قال فيه إن " تحرير اليمن ليس أكثر من مسألة وقت "، مع استمرار تكثيف الحوثيين هجماتهم على مأرب واعلان حسن نصر الله أن السيطرة على مأرب هدف إيراني سيغير المعادلة في المنطقة. 

لكن يمن الحوثيين ومن خلفهم إيران ليس معروفا على وجه التحديد أين سيستقر. 

بموازاة ذلك، ليس واضحا ما إذا كانت الترتيبات الأمنية التي بذلتها القوى الكبرى عبر وكلائها تحت الطاولة في وقت سابق، ستحافظ على نفس الإستراتيجية. 

فبالإضافة الى القواعد العسكرية الاماراتية  في ميون والإسرائيلية الإماراتية في سقطرى ، هناك قواعد بريطانية وامريكية وفرنسية. 

لكن ذلك ليس كل مافي الأمر، فالارجح أن دولا  أخرى تسعى لنفوذ من نوع ما غرب وشرق وجنوب البلاد بحجة حماية الملاحة الدولية. 

وربما يعصف الإتفاق القريب بين واشنطن وطهران، بكل ذلك، فيصبح الحوثي وإيران أصحاب الإمتياز الحصريين، وهو ماظهرت بوادره من خلال تصريحات خبير أمريكي الاسبوع الفائت دعا بلاده الى الاستعداد للتعامل مع اليمن كبلد خاضع لإيران. 

المؤكد أن هذه الفاعلية الحوثية الإيرانية تغذت من ضعف الشرعية التي أصابت الناس بخيبة أمل كبيرة، سياسة التحالف التي سعت الى ملشنة البلاد وإضعاف الجيش الشرعي وشن حرب اقتصادية كبيرة بالسيطرة على الموانئ ومنع استغلال الموارد النفطية والغازية ماتسبب بانهيار تام للعملة وتفافم المجاعة. 

ليس معروفا ما إذا كان تسليم محافظة الحديدة للحوثيين بصورة مباشرة من قبل القوات الموالية للإمارات هو آخر فصول التفاهمات الإماراتية السعودية الإيرانية، لكنه من المؤكد يصب في مصلحة الحوثيين لزيادة الضغط على مأرب واسقاطها، فالتحالف الذي تقوده واحدة من اكثر الدول تسليحا في العالم، يرفض إمداد جيش الشرعية بالعتاد الثقيل ويمنعها من إستيراده، لتتمكن المليشيات من محاصرة آخر قلاع الجمهورية والرابط المتبقي لملامح الجمهورية اليمنية.



Create Account



Log In Your Account