الحروب الخفية بين جناحي صنعاء وصعدة الحوثيَين... كيف نجح الاخير بإقصاء الغريم؟..(تقرير)
الأحد 21 نوفمبر ,2021 الساعة: 08:39 مساءً
الثورة نت

يتضمن التقرير: 

- كيف قتل الحوثي منتحل منصب وزير الشباب وسلم حقيقته لصعدة؟
- حروب الحوثي المستمرة للخلاص من شركاء الانقلاب.
- التصفية الجسدية التي طالت المشائخ والقيادات من جناح صنعاء. 

- قائمة تتضمن 90 موقعا هاما في صنعاء احتلها جناح صعدة.

في العام 2004 دشنت مليشيا الحوثي الإيرانية من عزلة مران بمديرية حيدان بصعدة مشروع تدمير الدولة والانقضاض على إرادة الشعب اليمني ببدء الحرب الأولى على الدولة، تبعتها عشرات الحروب راح ضحيتها أكثر من 60 ألف جندي والآلاف من أبناء القبائل، ومئات الآلاف من المهجرين الذين لم يعودوا صعدة حتى اليوم.

حاول اليمنيون بشتى الوسائل إيقاف السعار الحوثي نحو السلطة، وقطع الطريق أمام حروبهم المدمرة بإشراكهم في صناعة مستقبل اليمن عبر مؤتمر الحوار الوطني وحقائب الحكومة 2012- 2014، لكن ذلك لم يسعهم فواصلوا حروبهم وتوسعهم في المحافظات حتى أسقطوا صنعاء في سبتمبر 2014م. 

انقلبت مليشيا الحوثي على مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته، وانقلبت على الدولة، وسيطرت على مؤسساتها، وأصبح عبدالملك الحوثي المتحكم الأول بصنعاء والمحافظات الخاضعة له. 

ورغم استتباب الأمر لزعيم المليشيا لكنه ومعه جناح صعدة المدعوم من إيران، واصلوا هوايتهم المفضلة في الانقلابات ونقض العهود، ليخوضوا حروبًا سرية وعلنية إجتثاثية لشركاء الانقلاب من جناح صنعاء الذين مهدوا طريق القصر، فكان مصير العشرات منهم القتل والتصفية، وعشرات آخرين الإقصاء والإزاحة والإسكات. 

أهم مواقع الانقلاب
باستعراض قائمة من المناصب التي تتبعها موقع "الثورة نت" يتضح تغلغل عائلة الحوثي وجناح صعدة في معظم الوزارات والمؤسسات بصنعاء- إن لم يكن جميعها- وتصاعد نفوذهم خلال السنوات الماضية، في مقابل انحسار مستمر لجناح صنعاء سواء من الحوثيين السلاليين أو من المؤتمر الشعبي المنشق. 

وعلى سبيل المثال إذا كان نصيب رأس مؤسسة من مؤسسات سلطة الانقلاب من المحسوبين على جناح صنعاء؛ فبالضرورة أن يكون هناك موقع مواز في ذات المؤسسة لعنصر من جناح صعدة، إما بمسمى نائب أو وكيل، أو مدير مكتب، أو مستشار، أو مشرف. 

والمشرف منصب خارج هياكل مؤسسات الدولة، أنشأه جناح صعدة الحوثي، لإعطاء دور وظيفي وإشرافي لأتباعهم من المحافظة، بما يسمح لهم التحكم في قرار تلك المؤسسات والرقابة عليها، ويمنحهم في المستقبل أولوية التعيين في تلك المؤسسات في مواقع هامة. 

ورصد موقع "الثورة نت" 90 موقعًا ومنصبًا احتلها جناح صعدة، منذ تشكيل ما يسمّى بـ"المجلس السياسي الأعلى" في 28 يوليو 2016، بخلاف موقع "قائد الثورة" الذي أطلقه زعيم المليشيا على نفسه، والذي يتحكم ويشرف على كل شيء في سلطة الانقلاب. 

ففي المجلس السياسي الأعلى- أعلى هرم في سلطة الانقلاب- احتلت عائلة الحوثي موقعي رئيس وعضوية المجلس، فيما يحتل أربعة من جناح صعدة أهم المواقع الوظيفية في المجلس وهي: مدير مكتب رئيس المجلس السياسي، ونائب مدير المكتب، وسكرتير رئيس المجلس السياسي للشؤون الأمنية، ورئيس دائرة الإدارة المحلية بالمجلس السياسي. 

ويتشكل المجلس السياسي الأعلى للمليشيا من 10 أعضاء تم تقسيمه مناصفة بين مليشيا الحوثي الإيرانية والمؤتمر الشعبي العام بصنعاء، على أن يتم تداول منصب رئيس المجلس كل عامين بين الحوثيين ومؤتمر صنعاء، وهو مالم يحصل حتى اليوم. 

وزراء ونواب ووكلاء
أما حكومة الانقلاب التي يرأسها عبدالعزيز بن حبتور فبات جناح صعدة يتحكم في معظم مفاصلها، إذ تشغل قيادات حوثية من صعدة 7 حقائب وزارية هي الاتصالات، والشباب والرياضة، والتربية والتعليم، والداخلية، والإعلام، والنقل، وحقيبة وزير دولة. 

وفي حين يحتل جناح صعدة موقع أمين عام مجلس وزراء حكومة الانقلاب، يتقاسم خمسة من عناصر جناح صعدة أماكن نواب وزراء موزعة على الخارجية، والكهرباء، والخدمة المدنية، والتربية، والإدارة المحلية. 

كما يتقاسم جناح صعدة تسعة مناصب وكلاء وزارات موزعة على وزارات: الاتصالات (وكيلان)، والداخلية (3 وكلاء)، والأشغال، والاوقاف، والشباب والرياضة، ووزارة الزراعة. 

وبات جناح صعدة يستحوذ بشكل شبه كلي على معظم مواقع وزارتي الداخلية والدفاع، والمواقع الأولى والثانية في وزارات الاتصالات، والتربية والنقل، ومواقع الدرجة الثانية في وزارات الكهرباء، والأشغال، والأوقاف، والخارجية، والخدمة المدنية، والزراعة، والصحة. 

أما في وزارة المالية فاكتفى جناح صعدة بالاستحواذ على المنصبين الأول والثاني في البنك المركزي اليمني، والموقعين الأول والثاني في بنك التسليف الزراعي، والموقع الأول في بنك الإسكان، وموقع المشرف في مصلحة الضرائب.
وفي ووزارة الداخلية يتقاسم جناح صعدة - معظمهم من عائلة زعيم المليشيا - 12 موقعاً هي: الوزير، والمفتش العام، ووكيل الوزارة لقطاع الأمن والشرطة، ووكيل الوزارة لقطاع الموارد، ووكيل الوزارة لقطاع الأحوال المدنية، ورئيس جهاز الأمن والمخابرات، ووكيل جهاز الأمن والمخابرات، ووكيل جهاز الأمن القومي، ووكيل جهاز الأمن السياسي، ورئيس مصلحة الأحوال المدنية، ووكيل مصلحة الاحوال المدنية، ومدير عام الخدمات الطبية بالداخلية، وممثل الداخلية لدى مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية. 

وفي حين أبقى حوثيو صعدة على وجود صوري لمنتحل وزير الدفاع محمد ناصر العاطفي بحكم انتمائه لمحافظة صنعاء المحاذية لمناطق التماس مع مأرب، استحوذ جناح صعدة على بقية المواقع الهامة في الوزارة. 

ورصد "الثورة نت" في هذا السياق 11 منصباً سيطر عليه جناح صعدة في وزارة الدفاع هي: رئيس الأركان، ورئيس هيئة الدعم اللوجستي، ومديرا دائرتين، وثلاثة قادة مناطق عسكرية، وقائد الحرس الجمهورية، وقائد القوات الجوية، واستخبارات ألوية الحماية الرئاسية، ورئيس المؤسسة الاقتصادية اليمنية، ورئيس مصلحة خفر السواحل، وأمين عام المتاحف. 

أما وزارة الاتصالات التي تعتبر أبرز مورد اقتصادي لمليشيا الحوثي، فقد استحوذ جناح صعدة على موقع الوزير، ووكيل الوزارة لشؤون الرقابة، ووكيل الوزارة المساعد، ونائب مدير عام المؤسسة العامة للاتصالات، ورئيس مجلس إدارة شركة يمن موبايل. 

ويسيطر جناح صعدة في وزارة الشباب على موقعي الوزير ووكيل الوزارة، وفي التربية موقعي الوزير، ونائب الوزير، ومستشار الوزير، وفي وزارة النقل يستحوذ جناح صعدة على موقع الوزير، ورئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية، ورئيس الهيئة العامة للنقل، ورئيس المركز الوطني للأرصاد. 

وفي الكهرباء يتقاسم جناح صعدة موقعي نائب الوزير والذي بات في مقام الوزير نظرا لشغور المكان بعد عزل وزيرها وعدم تعيين بديل عنه، إضافة إلى رئيس المؤسسة العامة للكهرباء، أما في وزارة الأشغال فيتقاسمون مواقع وكيل الوزارة لقطاع الطرق، ورئيس المؤسسة العامة للطرق، ورئس المؤسسة العامة للإسمنت. 

مواقع تمنح الثراء
وحرص جناح صعدة وعلى رأسه زعيم المليشيا خلال السنوات الماضية على التغلغل في المؤسسات والهيئات الحكومية التي يعتقد الحوثيون أنها تمنح المعينين فيها الثراء السريع، وتمكنهم من السيطرة على القرار المالي. 

وقام جناح صعدة بالاستحواذ على أكثر من 15 مؤسسة وهيئة إيرادية هي: البنك المركزي وبنكين مختلطي، وشركة يمن موبايل، والمؤسسة العامة للاتصالات، والمجلس الأعلى للإغاثة، والهيئة العامة للأوقاف، والمؤسسة الاقتصادية اليمنية، والخطوط الجوية اليمنية، ومركز مكافحة الألغام، والمؤسسة العامة لصناعة الاسمنت، والهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري، والمؤسسة العامة للكهرباء، وصندوق تنمية المهارات، ومصلحة الضرائب. 

ولم يتوقف جناح صعدة عند الاستحواذ على مواقع سلطة الانقلاب في المجلس السياسي والحكومة وهيئاتها ومؤسساتها، بل قام بتوزيع عناصره على مواقع تحكمية في السلطات المحلية في المحافظات الأخرى. 

وفي السياق قام جناح صعدة بتعيين ثلاثة وكلاء لأمانة العاصمة ومستشار، ورئيسان لمحكمتين من محافظة صعدة، وتعيين وكيلين لمحافظة الحديدة، ووكيل لمحافظة حجة، و 3 مدراء أمن لمحافظات إب والجوف وصنعاء، وسبعة مشرفين لمحافظات الحديدة، والمحويت، وذمار، وريمة، والجوف، وصعدة. 

إضافة إلى ما سبق فقد قام جناح صعدة باستحداث مؤسسات وهيئات الغرض الوحيد منها هو توظيف أقطابه من صعدة، حتى وإن كانت تلك المؤسسات تؤدي نفس الدور الوظيفي، كما هو الحال في هيئة التصالح والتسامح، وهيئة المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي، ومجلس التلاحم القبلي. 

تضييق دائرة التحكم
ومن بين 94 منصباً تغلغل فيها جناح صعدة في سلطة الانقلاب، تتقاسم عائلة الحوثي ومصاهريها 30 موقعاً هاما بنسبة 32 في المائة من قائمة المواقع التي احتلها جناح صعدة، موزعة على 28 موقع لعائلة الحوثي، وموقعين لمصاهيرها، وهما مهدي المشاط (زوج شقيقة زعيم المليشيا) ويوسف المداني (زوج بنت مؤسس المليشيا). 

ويتجه زعيم مليشيا الحوثي لتضييق دائرة التحكم في سلطة الانقلابيين وحصرها تدريجيًا على عائلته، مستبعدًا الأقطاب المؤثرة بما فيها تلك المنتمية لصعدة، والتي شاركت في تأسيس المليشيا إلى جانب الهالك حسين الحوثي. 

ودشن زعيم المليشيا مخطط إقصاء أقطاب صعدة باستبعاد عبدالله عيظة الرزامي، وصالح هبرة، ويوسف الفيشي الغير منتمين للسلالة الهاشمية، واللذين شاركوا في تأسيس المليشيا، بينما صار زعيم المليشيا وعائلته يستحوذون على المناصب الأولى المتحكمة في قرار سلطة الانقلاب. 

كما استبعد زعيم المليشيا أي تواجد لغير المنتمين لعائلته في المجلس السياسي من أبناء صعدة، حيث استغل مقتل صالح الصماد لإزاحة صعدة من أعلى هرم سلطة الانقلاب وحصر مناصبها على عائلته، بتعيينه زوج أخته مهدي المشاط رئيسا للمجلس خلفا للصماد. 

كما أزاح زعيم المليشيا المقعد الذي كان مخصصًا لشركائه من صعدة، ممثلا بيوسف الفيشي، وعين بدلا عنه إبن عمه محمد علي الحوثي، لتصبح حصة صعدة في أعلى هرم المليشيا المتمثل في المجلس السياسي الأعلى بيد عائلة الحوثي كليا. 

ولايزال موقع رئيس المجلس السياسي حكراً على حوثيي صعدة منذ 6 سنوات، ولم يتم تسليمه لشريك الانقلاب - مؤتمر صنعاء- بحسب الاتفاق القائم على تبادل موقع رئيس المجلس كل سنتين. 

ولاستمرار سيطرة عائلة الحوثي على موقع رئيس المجلس، أقدم الحوثيون في 17 يوليو الماضي على الانقلاب على الاتفاق مع المؤتمر، وإقرار تثبيت مهدي المشاط في رئاسة المجلس لـ21 سنة قادمة. 

حروب وتصفيات وإقصاء
وفي سياق حرب صعدة السرية ضد شركاء الانقلاب شن حوثيو صعدة في 2 ديسمبر 2017 حرباً ضروسًا وسط العاصمة، ضد مؤتمر صنعاء، أبرز الشركاء المؤثرين في جناح صنعاء المساند لانقلاب الحوثيين، انتهت بالتخلص من رئيس المؤتمر الشعبي العام وأمينه العام اللذين استشهدا في 4 ديسمبر 2017. 

وشكل الرئيس السابق علي عبدالله صالح العائق الأكبر أمام جناح صعدة، طوال أربع سنوات من الانقلاب، حيث حال بقاء الرئيس السابق في صنعاء دون تمكن زعيم المليشيا من الاستفراد بالقرار، وبدء التخلص من جناح صنعاء. 

وبعد حسم جناح صعدة لمعركته مع صالح انتقل زعيم المليشيا لتنفيذ حملة انتقام واسعة استهدفت شركائه من جناح صنعاء في الحكومة، عمل من خلالها على توسيع نفوذ عائلته ومقربيه، وتوطيد أركان تواجدهم وتأثيرهم على حساب شركائه الآخرين. 

ومن أهم الوزارات التي قام جناح صعدة بتوسيع نفوذه فيها بعد التخلص من صالح (الداخلية والدفاع والاتصالات) والتي كانت جميعها من نصيب مؤتمر صنعاء. 

وبعد أن استتب الأمر لجناح صعدة بالاستحواذ على أهم المفاصل التي كانت بيد المؤتمر الشعبي العام بصنعاء، انتقل جناح صعدة لعمليات التصفية الجسدية والإقصاء لشركاء جريمة الانقلاب المنتمين لجناح صنعاء بما فيهم المنتمين للأسر السلالية. 

ورصد موقع "الثورة نت" في تقريرين منفصلين خلال عامي 2019 و2020 قيام الحوثيين بتصفية واغتيال 24 شيخاً قبلياً- في جرائم دامية متفرقة- جلهم ممن مهدوا لصعدة طريق الوصول إلى صنعاء، فضلاً عن جرائم القمع والاعتداء واقتحام المنازل التي طالت عشرات المشائخ الذين استغنت عن خدماتهم وباتوا ينتظرون مصيرهم المحتوم



Create Account



Log In Your Account