الدول والشركات الاجنبية تتهافت على معدن ثمين في أفغانستان
السبت 11 ديسمبر ,2021 الساعة: 11:51 مساءً
متابعات

مع تزايد الطلب على الليثيوم الذي يُستخدم في صناعة العديد من الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية وفي الصناعات الصديقة للبيئة بشكل عام، زادت تطلعات الدول التي تمتلك احتياطات مهمة من هذا المعدن النادر، على غرار أفغانستان.

وفي تقرير نشره موقع "مودرن ديبلوماسي" (modern diplomacy) الأميركي، قال الكاتب نيكولاس فرانك بومر إن أفغانستان تزخر بالثروات الطبيعية، ومن بينها إمدادات ضخمة من الليثيوم، وإن إلى جانب حركة طالبان التي تسيطر رسميا على البلاد عددا من الجماعات الأخرى تضع نصب عينيها الثروات الباطنية ومن بينها الليثيوم الموجود في غزنة الواقعة جنوب العاصمة كابل، ولكن هناك مناطق أخرى في أفغانستان غنية بالليثيوم مثل هلمند ودايكندي وأوروزغان.

وذكر الكاتب أن الدول والشركات الأجنبية مهتمة أيضا باحتياطات الليثيوم في أفغانستان، التي يتيح استغلالها العديد من الفرص ولكنه لا يخلو من العقبات.

فأولا قبل كل شيء، تستند جميع المعطيات الخاصة بالمناطق التي توجد فيها احتياطات الليثيوم والتقديرات بشأن حجمها إلى الاكتشافات الروسية التي تعود إلى منتصف الثمانينيات وحتى المعلومات الأولية البريطانية، وهذا يعني أن البيانات الخاصة بهذه المواقع عمرها 40 عاما على الأقل، ولم يقع تحديثها ولا التحقق منها ولا تجميعها على نحو صحيح، ومن الممكن العثور على مزيد من احتياطات الليثيوم في مناطق أخرى، فضلا عن المعادن النادرة الأخرى.

وتقع العديد من رواسب الليثيوم في أفغانستان في مناطق نائية ذات بنية تحتية محدودة، وما زاد الطين بلة الحروب والصعوبات الاقتصادية التي عصفت بالبلاد.

من جهتها، لطالما كانت الصين على استعداد لبعث مشاريع محفوفة بالمخاطر لدعم الاستثمارات الإستراتيجية في دول مثل نيجيريا، لكنها لا ترى أن الأمر يستحق العناء في دولة مثل أفغانستان، ورغم اهتمام الصينيين بالليثيوم، فإنهم مترددون بشأن العمل في أفغانستان. والسؤال المطروح: ما الذي تحتاج إليه أفغانستان لجذب الدول والشركات الأجنبية الراغبة في تعدين الليثيوم؟

لاستخراج المواد الخام، يجب نقل كمية كبيرة من الكتل الحجرية إلى منشآت المعالجة التي ينبغي أن يكون موقعها قريبا من المناجم، ولا بد أيضا من وجود طرق آمنة وبنية تحتية جيدة لضمان سلامة الشاحنات أو القطارات القادمة من المناجم إلى مصانع المعالجة ومنها إلى الحدود للتصدير، وهنا تؤدي البنية التحتية دورًا كبيرًا في الوصول إلى المناطق النائية، حيث توجد المواد الخام.

وأوضح الكاتب أن جميع هذه الأنشطة تحتاج إلى يد عاملة، ينبغي أن يتوفر لها السكن والطعام والمساعدة الطبية والنقل والاتصالات والترفيه والتعليم وغير ذلك من الأساسيات. أما عمليات التعدين، خاصة تعدين الليثيوم، فتحتاج إلى كثير من المياه، وتُعدّ إمدادات المياه والتعدين السليم بيئيا واجتماعيا من الجوانب التي تأخذها العديد من الأسواق وشركات صناعة السيارات والشاحنات في الاعتبار، حيث تخضع منشآت التعدين للمراقبة تجنبا لأي كوارث محتملة.

الوقت والثقة
يستغرق إنشاء وتشغيل منشأة لتعدين ليثيوم تكون خاضعة للمراقبة نحو 7 أعوام، وإذا كانت بيانات الاستكشاف مشكوكا فيها، يجب إضافة سنتين لاستكشاف المنطقة ومواردها، ولن تكون هذه الاستثمارات الضخمة في الدراسات الجيولوجية وفي التكنولوجيا والعمالة والوقت مجدية إلا إذا كان ممكنًا تشغيل المنشأة بأمان لأطول مدة ممكنة، أي طوال عقود.

ولضمان استفادة جميع الأطراف من المناجم، لا بد من استمرار عمليات التوريد والنقل وبيع المعادن والمواد الخام، ولا يمكن تحقيق كل هذا إلا في بيئة آمنة ومستقرة. وفي حالة أفغانستان، من غير الممكن توفير البنية التحتية المطلوبة ولا السلامة ولا الإمدادات المستمرة لتحقيق عملية ناجحة اقتصاديًّا، هذا دون ذكر المراقبة اللازمة لعمليات التعدين.

وأشار الكاتب إلى أن عمليات التعدين الحالية في أفغانستان تُنجز على نطاق مصغر وتعدّ وسيلة لبيع المواد الخام مثل الليثيوم عبر قنوات ثانوية، من دون تقيد بأسعار السوق أو طرح أي أسئلة. وقد تمثل هذه القنوات فرصة لـ"تنظيم الدولة" وغيره من "الجماعات الإرهابية"، ولكنها بالتأكيد ليست خيارًا مناسبًا للحكومة الأفغانية على المدى البعيد، حسب الكاتب.
لا يوجد نقص في العرض
قبل 100 عام، توقّع كثيرون أن تشهد أسواق النفط ذروة في العرض، لكن شركات النفط وجدت مزيدًا من الاحتياطات في مناطق جديدة في شتى أنحاء العالم، واليوم زاد الحديث عن ذروة في الطلب على النفط من المرجح أن تحدث قبل ذروة العرض، وينطبق الأمر ذاته على الليثيوم، فعلى الرغم من أن العديد من المحللين يقولون إن هناك بالفعل نقصًا في الليثيوم، فإن ذلك ليس صحيحا، وفي الواقع إن إمدادات الليثيوم مرتفعة والطلب عليه في ازدياد.

وفي الأعوام القليلة الماضية، عُثر على العديد من مواقع الليثيوم الجديدة التي يمكن الوصول إلى كثير منها بسهولة، مثل احتياطات ولاية أيوا، ونهر الراين في أوروبا، وفي العديد من البلدان مثل الصين، وفي معظم بلدان أميركا الجنوبية.

وأكد الكاتب أن الطلب على الليثيوم في تزايد مع توفر كمية كبيرة من الإمدادات، وذلك يعني أنه ليست هناك حاجة إلى التنقيب عنه في المناطق النائية وغير المستقرة مثل أفغانستان. وبعد أن بلغت أسعار الليثيوم أعلى مستوياتها في أواخر 2018، انخفضت تدريجيًّا لتصبح مستقرة نسبيا حاليا.

وأوضح الكاتب أن نماذج البطاريات الجديدة تتميز بحجم أكبر في حين تحتاج إلى كمية أقل من الليثيوم، وفي السنوات العشر المقبلة، ستصبح عملية إعادة تدوير البطاريات أهم مصدر لليثيوم. ويعني كل ما سبق أن احتياطات الليثيوم في أفغانستان ليست كنزا نادرا، بل تستطيع الشركات بسهولة الحصول على الليثيوم (وغيره من المعادن النادرة) من مصادر بديلة، فضلا عن أن معظم البلدان والشركات تدرك جيدًا المخاطر التي تنطوي عليها ممارسة الأعمال التجارية في أفغانستان. ونتيجة لذلك، فإن الكاتب يرى أن الصين لن تتجه نحو أفغانستان، ولن تفعل أي دولة أخرى ذلك.
المصدر : مودرن دبلوماسي، الجزيرة 


Create Account



Log In Your Account