التربة .. خواطر زائر
الأربعاء 15 يونيو ,2022 الساعة: 07:17 مساءً

حاضرة بلاد الحجرية كلها، مدينة تعصر التاريخ سياسة وادباً وعلما، عجز عن تطويعها الملوك والزعماء،  وكلما ظنوا انهم قد اناخوها واخضعوها خرجت ترعبهم كطائر الفينيق من بين الرماد والدخان، فيها تجد كل الاطياف والافكار والتوجهات، فيها يحيا ماركس وعبدالناصر وعفلق وحسن البنا وابو الاعلى المودودي، مدينة لا تستكين للطغيان ولا تخضع للاستبداد، حياتها ثورة وتمرد ومجابهة، تعرضت للتخريب والتدمير الممنهج منذ زمن وتعرض ابناءها للتنكيل والتعذيب حتى الموت.

عندما أقول التربة فإنني بذلك أعنيها وما يحيط بها من بلاد،  كالقريشة ودبع وشرجب وقدس والاصابح والاحكوم والاعلوم والصلو، إذ هي قلب كل تلك البوادي والحواضر منذ زمن بعيد، من هذه الجغرافيا خرج آلاف آلاف الرجال ومازالوا يخرجون في كل جيل من الاجيال باحثين وساعين نحو وطن يستوعب جميع ابناءه، وطن تديره الكفاءة وحسن الإدارة والتدبير، من هنا خرج أحمد محمد نعمان زعيم الثائرين ضد نظام الامامة الكهنوتي، ومن هنا صدح الشاعر الفضول بأبيات تهز مضاجع الظالمين وعبر بشعره عن الحب والجمال والسهول والوديان .. 

التربة مدينة الألق الفكري والكوادر الوطنية في مختلف المجالات،  في الطب والهندسة ومختلف العلوم، ولا تنسى الذاكرة بطل فك حصار السبعين يوماً عن صنعاء طيب الذكر الشهيد البطل عبدالرقيب عبدالوهاب ورفاقه ...

والتربة هي قلب بلاد المعافر والتي كانت تضم كل المناطق والمديريات التي ذكرناها آنفاً. وقد كانت هناك مطالبات سياسية واجتماعية بعد الوحدة بين شطري الوطن في بداية التسعينيات لأن تكون وما حولها محافظة جديدة وذلك بغرض الاهتمام بها وتنميتها في مختلف المجالات.

وكان من الأحلام أن تكون فيها جامعة حكومية وهو ما تحقق جزئياً خلال الفترة الماضية، وقد تم رفض هذه المطالب في الماضي من قبل علي صالح ليس من قبيل المحافظة على تعز بجغرافيتها المعروفة ولكن بسبب التبعات الاقتصادية والتنموية التي سيفرضها انشاء محافظة جديدة ولأسباب سياسية. وقد عادت هذه المطالبات خلال الفترة السابقة ولكن لأهداف غير أهداف الماضي.

أهداف سياسية بالدرجة الأولى وهو ما لاقى معارضة من أطراف سياسية ترى انها مستهدفة من هذا التقسيم الأداري الجديد لتعز. واعتقد أن هذا التقسيم لا زال حاضراً وسيتم طرحه أو فرضه في الوقت المناسب .. 

حاليًا؛ تفتقر التربة للكثير من الخدمات الاساسية وكذلك الإهمال المتعمد من الجهات المسؤولة ولا يختلف حالها عن حال مدينة تعز. هناك توسع عمراني وهناك كما يبدو عدم وجود مخططات عمرانية من أجل مدينة حضرية وغير عشوائية. وشوارع المدينة في حالة يرثى لها وبخاصة الشارع الرئيسي الذي يعتبر قلب المدينة.

التربة بحاجة إلى اهتمام وإلى مشاريع تلبي حاجة السكان. ليس سكان المدينة ولكن سكان الحجرية جميعاً.
وكمثال يجب العمل فوراً وبدون تأخير في عملية بناء جامعة الحجرية أو التربة. وحسب ما رأيته في زيارتي لها فإن الموقع الجغرافي لبناء الجامعة متميز جداً. موقع استراتيجي لبناء جامعة متميزة، ويقال أن هناك بعض الاشكاليات التي تعيق البدء بالعمل.
وحسب ما يقال في أوساط المواطنين فإن هذه العراقيل والاشكاليات مصطنعة بغرض عدم بناء جامعة في هذا الموقع. ربما جهات نافذة عسكرياً تريد استغلاله لمصالحها وصراعاتها.

كما أن مدينة التربة بحاجة إلى مطار يسهل عملية السفر من الحجرية الى مختلف المحافظات بدلاً من مطار الحوبان والمعطل بسبب الحرب ويبتعد كثيراً عن الحجرية. كما انها بحاجة إلى الاهتمام بمستشفى خليفة وبناء مستشفيات حكومية فيها. فالحجرية بكثافتها السكانية الكثيفة والمتزايدة بحاجة الى اهتمام في مجال الصحة. الكادر موجود ولكن المستلزمات للعمل غير موجودة كالمباني المخصصة لذلك..

التربة مركز حيوي وهام وجب على السلطة المحلية والحكومة الاهتمام بها وبتنميتها وتوفير الخدمات الاساسية وكذلك تنفيذ مخططات عمرانية تجعل من التربة مدينة نموذجية وهذه مجرد لمحة عابرة عن التربة وعن حالها من خلال أيام مكثت فيها هناك وتجولت في بعض شوارعها وأحيائها ..


Create Account



Log In Your Account