ما عسانا أن نقول عنك يا سبتمبر ..؟
الأربعاء 28 سبتمبر ,2022 الساعة: 01:06 صباحاً

أعتقد بأن الحديث أو التطرق حول الذكرى ال ٦٠ لثورة سبتمبر المجيدة ، هو حديث ذو شجون ، سيما في ظروف كهذه، التي نعيشها اليوم ، حيث أضحت الأمور ليست بتلك الحالة، التي كنا نتمنى أن تكون في وضع أفضل، من ما هي عليه. 

هنالك حالة من الإنكسار لتلك النضالات التي خاضها شعبنا اليمني، على مدى سنوات طويلة، والتي كان لها أن تكلل في نهاية المطاف، بالإنتصار الكبير ، لأولئك الثوار الذين جسدوا بأرواحهم أروع الملاحم البطولية، في كل جبل، وسهل، وواد ، من أجل أن تنتصر إرادة الشعب، في الحرية، والديمقراطية ، والإنعتاق ، من ربقة الهيمنة والإستبداد الإمامي الكهنوتي في شمال الوطن سابقاً، ومن الإستعمار البريطاني في جنوبه آنذاك. 

كان لشعبنا اليمني وقتها أن يسطر إبان تلك المرحلة الماضوية  من تاريخه المجيد، أدواراً بطولية رائعة ، قلما يوجد مثلها على مستوى المنطقة برمتها ، نتيجة لما كان يعانيه شعبنا ، من جور وظلم كبيرين ، ولكن كانت إرادة  جماهيرنا المناضلة  أقوى من تلك الأغلال والقيود، التي فرضت عليه، إبان تلك المرحلة من تاريخ نضاله الأبي ، وبالتالي إذا كنا اليوم نحتفي بهذه الذكرى العطرة، فإننا نحتفي بما قدمته من دور بارز ، في مختلف الصعد، في حياة شعبنا ، والذي كان له الإسهام الأساسي والكبير في الإنتصار لإرادة الأمة، والإنطلاق نحو مرحلة جديدة من البناء والتغيير ، في بنية المجتمع، في جوانبه المختلفة، ليس هذا، بل لقد كان لثورة سبتمبر دورها الريادي في أحداث تحولات عديدة في مختلف المحطات والمنعطفات التاريخية، أكان ذلك على المستوى الإجتماعي، الإقتصادي ، السياسي ، الثقافي ، وإلخ.. 

هذا امر لا يمكن نكرانه البته، وقد قدر لهذه الثورة، أن تخرج اليمن من ذلك السياج ، الذي كان محكوماً عليها بالقيود "الكلابوشكة" والتي جعلت شعبنا حينذاك يعيش في حالة من العزلة الرهيبة، وبعيداً أو بمنأى عن العالم الخارجي، وبالتالي إذا كان لنا أن نشير ، إلى ما أنجزته  الثورة السبتمبرية، خلال مراحلها الماضية، وقبل هذه الظروف العصيبة، من تاريخها المضيء ، والذي كان له عبقه المتميز والرائع، في شتى مناحي الحياة ولكن أقول : أن كل ما حققته هذه الثورة  أضحى اليوم يتلاشى، ويتحول إلى سراب، فيما لم يعد هنالك شيء  يمكن أن يبنى عليه في المستقبل، بل لقد تلاشى الكثير من تلك الإنجازات ، التي تحققت على مر السنوات السابقة ، من عهد هذه الثورة .
إذن ما الذي يمكنا أن نحتفي به، سيما في ظل هذه الأوضاع ، القاسية ، والمثخنة بالجراح ، والآلام الكبيرة ، والتي لا زال شعبنا يعانيها منذ ثمان سنوات ، حتى اللحظة ، جراء تلك الحرب العبثية القذرة، والتي قدر لنا أن نكتوي بنارها دون سبب، في حين كان ينبغي أن تتوقف أوزار هذه الحرب اللعينة والعودة إلى طاولة الحوار والذي يعتبر هو الحل الأسلم ، بدلاً من إطالة أمد الحرب ، والإستمرار فيها ، والذي لم ينجم عنها سوى الدمار والخراب . 

إذن ماذا عسانا أن نقول عنك يا سبتمبر؟
لا شيء، سوى أن نتحسر ونذرف الدموع على ما حل بهذا الوطن، ومواطنيه، الغلابى من أوضاع مكدرة، ومأساوية ، الأمر الذي يجعلنا أن نترحم على أولئك الشهداء ، الذين كان لهم شرف الإنتصار لهذه الثورة ولأبنائه الميامين، والإنعتاق من ذلك الظلام الدامس، إلى نور الحرية والكرامة، ولكن ماذا نقول : لقد أضحى كل شيء محلك سر، ولم يعد هناك ما نؤمل عليه، إلا من خلال رص الصفوف وخوض غمار معركة تحرير شعبية، ضد تلك القوى المليشاوية  الخارجة عن الشرعية الدستورية ، والعودة بالأوضاع إلى ما كانت عليه، قبل هذه الفترة المؤلمة.
 


Create Account



Log In Your Account