المدارس الخاصة.. التجارة المُربحة وطرق التعليم البائدة
السبت 02 سبتمبر ,2023 الساعة: 02:40 مساءً

الاسبوع الفائت، ذهبت إلى إحدى المدارس في مدينة تعز لتسجيل طفلي ذو الخمسة أعوام في روضة الأطفال، لكن المدرسة فاجأتني بإعتذارها عن قبول طفلي، كون الطاقة الاستيعابية قد اكتملت وكوني تأخرت!

ذهبت مُسلمًا، مُستسلمًا لاتحمّل حوالي 150,000 ألفًا، من خلاف أجرة الباص التي تناهز نفس المبلغ..
 فقط لأن هذه المدارس توفر الحماية للطفل من (عيال السوق) وعدم توفر البديل، وإلا فلا تدريس في هذه المدارس يستحق كل هذا ولاتختلف هذه المدارس كثيرا عن المدارس الحكومية في اتباع طرق ووسائل التعليم التقليدية كالتلقين!

لكن رغم ذلك وردائة المخرجات لهذه المدارس وتكاليفها ، إلا أننا نجدها مزدحمة نتيجة للإقبال الكبير عليها، ولعل السبب هو فقدان الثقة بالمدارس الحكومية وتدهور العملية التعليمية فيها تدهور كبيرا!

إن التدريس في المدارس الخاصة يفتقر إلى أبسط وسائل وأساليب التدريس الحديثة، ويكاد يكون لافرق بينها و المدارس الحكومية قبل التدهور بسبب الحرب وإنقطاع مرتبات المعلمين..

فصول مزدحمة ومعلمين ومعلمات حديثي التخرج بلا خبرة إلا ما ندر،  يعتمدون اسلوب التلقين التقليدي في تدريس الطلاب، 
مما يجعل العبئ الأكبر في تعلم الطالب ملقًا على عاتق الوالدين!

يَدْرس وَلَدِي الأكبر في الصف الرابع هذا العام، ومنذ الصف الأول وأكثر الجهد في تعليمه الدروس تبذله وَالِدَتهُ وأنا في البيت، بل إن بعض الآباء يضطر إلى تدريس طفلة لدى مدرس خاص في المساء!!
وكأنك (يابو زيد ماغزيت)!

لقد لاحظت العجب العجاب في طرق التدريس!
فمثلا في تدريس اللغة الإنجليزية، تعتمد هذه المدارس على التلقين، حتى أني أعاني من معاناة طفلي في جعله يحفظ كلمات اللغة الإنجليزية كتابة ونطقا كفرض من معلمته، رغم أن ذلك خلافا لما في المنهج!!
هذا فقط ما تجيده المدارس الحكومية والخاصة؛ التلقين والحفظ!
أي تدريس هذا ؟!
لقدى عفى الزمن على هذا الأسلوب الخاطئ والغير مُجدي!

طبقا لتجربتي المتواضعة في التدريس وتخصصي في اللغة الإنجليزية-قسم التربية، 
فإن طرق التدريس الحديثة، توصي بتعليم الطفل في هذه المرحلة المبكرة من عمره،اللغة الإنجليزية، عن طريق الأنشطة، الألعاب،المشاهدة، والتطبيق العملي بالممارسة،
 بينما في هذه المدارس مازالت الطرق التقليدية، البدائية هي السائدة!
تماما كما يحدث في المدارس الحكومية،
التي تعليم اللغة الإنجليزية اعتمادا على النص والتلقين والحفظ، دون أي تطبيق أو ممارسة، والنتيجة؟!
 أذكى طالب يجيد اللغة الإنجليزية يكون فقط على ورقة الاختبار؟!

إن اسلوبًا كهذا يجعل الطفل يشعر بالملل، ويتشكل لديه انطباعًا بصعوبة هذه اللغة وحصصها المُمِلة، وبالتالي إنخفاض الدافع وقابلية التعلم لديه..

إن اللغة وسيلة للتواصل والكلام، وبالتالي فإن الطفل يستطيع أن يتعلم بجانب لغته الأم، لغات أجنبية أخرى بسهولة،ضمن بيئة تجبره على ممارستها واستخدامها، وتحفز لديه الدافع وحاجة التخاطب والتواصل.

 وإذا قارنا ذلك مع واقعنا، فجُل ما يتعلمه الطفل في اللغة الإنجليزية هو حفظ النصوص والكلمات وترديدها وربما فهم بعض القواعد، وسرعان ما ينسى ذلك،
 دون أن يكتسب المهارة في استخدامها!
على الأقل هذا ما لاحظته أنا ويلاحظه الكثير،
فكيف إذًا سيتعلم الطفل اللغة الإنجليزية!!
هذه المشكلة المتأصلة والأزلية في المدارس الحكومية، تكاد تكون هي نفسها في المدارس الخاصة اليوم!

وإذا عدنا إلى أسباب ذلك، فأولها عدم الإهتمام بالمعلم وتطويره، لأن ذلك يعني تخصيص إنفاق أكبر من قبل هذه المدارس على التدريب..
بينما ماهو واقع الآن هو أن أقل راتب في هذا البلد..هو راتب المعلم!
وغالبا ما تلجأ هذه المدارس إلى توظيف معلمين حديثي التخرج، بلا خبرة، لأن هؤلاء لديهم الاستعداد لقبول أي راتب!

كما أن جودة التعليم تقتضي تقليل أعداد الطلاب في الفصول الدراسية، وهذا يعني  إنخفاض نسبة الربح، والتعارض مع الجشع ومبدأ الاستغلال والكسب حد التخمة!
فما الحصيلة التي نتوقعها من هكذا مدارس، ومن معلم بلا خبرة،مطحون، نفسيا ومعيشيا، لايجد ما يسد رمقه!

على الدولة أن تلتفت إلى المعلم، فهو من يشكل اللبنة الأولى في أي أمّة، وإذا كان الساس ركيكا..لابد أن ينهار المبنى..
كما أن على وزارة التربية أن تحرص على مراقبة هذه المدارس وألا تترك لها الحبل على الغارب..


ثمةَ كوارث أخرى فيما يخص هذه المدارس واساليب تدريسها، لاحظتها واقعا، سأفرد لها مقالات أخرى لاحقا، نظرا لأهمية ذلك..


Create Account



Log In Your Account