الأحد 20 أبريل ,2025 الساعة: 05:58 مساءً

الحرف28 -متابعة خاصة
شنّت القوات الأمريكية غارة جوية في 17 أبريل 2025 استهدفت منشأة رأس عيسى النفطية الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من جزيرة رأس عيسى بمحافظة الحديدة، ما فتح ملفاً معقداً يجمع بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والإنسانية.
المنشأة، التي بدأت كمشروع استثماري تابع لشركة الخليج اليمنية لتكرير البترول المملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، كانت قد استُحوِذ عليها من قبل الحوثيين عقب سيطرتهم على مدينة الحديدة. ومنذ ذلك الحين، استخدمتها الجماعة كمصدر لتدفق الوقود والدخل لدعم عملياتها العسكرية.
وحسب تقرير متخصص لمنصة فردويكي، قالت مصادر ميدانية، ان الضربة الأولى استهدفت بوابة المنشأة ما أدى إلى محاصرة عشرات الشاحنات، تلتها ضربات أخرى طالت أجزاءً من الموقع، وأسفرت عن اندلاع حرائق ضخمة امتدت إلى خزانات الوقود، ما تسبب في تدميرها إلى جانب احتراق كامل الناقلات الموجودة بالموقع.
تشير التقديرات الأولية إلى سقوط أكثر من 110 قتلى، من ضمنهم عناصر حوثية وموظفون مدنيون وسائقو شاحنات وقود، فيما لا تزال بعض الجثث مفقودة أو متفحمة، ما يعكس حجم الكارثة داخل منشأة تفتقر لأبسط معايير السلامة.
من الناحية البيئية، أدى القصف إلى تسرب كميات كبيرة من النفط إلى البحر الأحمر، مما ينذر بكارثة بيئية تهدد الحياة البحرية والشعاب المرجانية ومصادر الرزق للصيادين المحليين، وسط مخاوف متزايدة من تعقيد عمليات الإنقاذ والتنظيف بسبب التوترات العسكرية في المنطقة.
يؤكد التقرير المتخصص، لمنصة فردويكي، ضرورة التمييز بين منشأتي رأس عيسى التابعة لشركة العيسي ومنشأة شركة صافر المجاورة، إذ غالباً ما يقع الخلط بينهما في وسائل الإعلام. كما يحذر التقرير من استغلال الحوثيين للمدنيين كدروع بشرية في مواقع عسكرية حساسة، وسط غياب شبه تام لإجراءات السلامة والوقاية.
وبينما تُحمّل أصوات محلية المسؤولية للحوثيين في الزج بالمدنيين في مناطق الخطر، تتعالى الدعوات لمحاسبة القوات الأمريكية على النتائج المروعة للعملية، بما فيها الأثر البيئي والإنساني الذي سيتجاوز حدود موقع الضربة.
تُعد منشأة رأس عيسى من أبرز نقاط الاستغلال الحوثي لتمويل العمليات الحربية، حيث نُقلت إليها العديد من العمليات النفطية بدلاً من ميناء الحديدة، وظلّت المنطقة مغلقة وتحت سيطرة عسكرية مشددة، ما صعّب التحقق من حجم النشاط الحقيقي داخلها.
وفي ظل التهديدات البيئية المستمرة من سفن مثل "صافر" و"نوتيكا"، التي تسيطر عليها الجماعة أيضاً، يبدو أن البحر الأحمر يواجه أزمة متعددة الأبعاد تتفاقم يومًا بعد آخر، في غياب تدخل دولي فعال لردع التهديدات ومنع كارثة أشمل.
تشكّل حادثة رأس عيسى محطة فارقة تكشف هشاشة الوضع البيئي والإنساني في مناطق الصراع اليمني، وضرورة مراجعة السياسات الدولية تجاه حماية المدنيين والبنى التحتية الحيوية من التورط في النزاعات المسلحة.