الثلاثاء 03 يونيو ,2025 الساعة: 07:29 مساءً

الحرف28 - خاص
- أكثر من ثلثي سكان اليمن تحت خط الفقر
- تراجع تمويل خطة الاستجابة الإنسانية إلى 9% فقط من المطلوب
- 19.5 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية
- 4.3 مليون نازح داخليًا.. بينهم 2.2 مليون في مأرب وحدها
- توقف أكثر من 70% من مشاريع إدارة المخيمات و60% من خدمات التعليم والصحة
- تمويل خطة الاستجابة لعام 2025 لم يتجاوز 9.59 مليون دولار من أصل 2.47 مليار
- تقليص الاستهداف من 10.5 ملايين إلى 8 ملايين شخص فقط
- 18 ألف أسرة نازحة مهددة بالإخلاء في ظل غياب الموارد
- أكثر من 56 منظمة إنسانية تعمل في نفس المناطق سهلة الوصول
حذر خبراء ومنظمات إنسانية واقتصادية من تداعيات الانهيار المتسارع للتمويل الدولي المخصص للأنشطة الإنسانية في اليمن، في وقت بات فيه أكثر من 19.5 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدات، ووسط عجز فادح في تغطية خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2025، التي لم يُمول منها سوى 9.59 مليون دولار من أصل 2.47 مليار مطلوبة، أي بنسبة تغطية لا تتجاوز 0.4%.
جاء ذلك في ندوة نظمها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي لمناقشة أثر تراجع التمويل الدولي على الوضع الإنساني، بمشاركة خبراء اقتصاديين وممثلين عن منظمات أممية ومحلية، شددوا على خطورة الوضع، ودعوا إلى تبني سياسات أكثر كفاءة واستدامة، بما يتجاوز الإغاثة الطارئة إلى خطط تنموية تعالج جذور الأزمة.
قال مصطفى نصر، رئيس المركز، إن الأزمة الإنسانية في اليمن لا تزال واحدة من أسوأ الكوارث العالمية، حيث يعيش أكثر من ثلثي السكان تحت خط الفقر، ويُواجهون أوضاعًا متدهورة في ظل غياب الخدمات الأساسية وتزايد معدلات النزوح.
وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية، التي كانت تشكل لعقود عموداً أساسياً للاستقرار في البلاد، تراجعت بشكل كبير خلال 2025، إذ لم تُغطَ سوى 9–10% فقط من خطة الاستجابة التي تُقدَّر كلفتها بـ 2.5 مليار دولار.
وأوضح نصر أن الانكماش في التمويل يعود إلى عوامل عدة، من أبرزها الحرب في أوكرانيا، وأزمة غزة والسودان، ما أدى إلى إعادة ترتيب أولويات المانحين، إلى جانب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت قدّمت منذ عام 2015 ما يزيد عن 6.4 مليار دولار، وتوقفت عن تقديم الدعم منذ إدارة الرئيس ترامب.
من جانبه، أشار إبراهيم الحداد، رئيس وحدة المعلومات والتحليل والاتصال في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إلى أن الوضع الإنساني في اليمن يمر بمرحلة غير مسبوقة من الانهيار.
وقال الحداد إن ما جُمع حتى الآن لا يكفي سوى لتغطية 8 ملايين مستفيد من أصل 19.5 مليون بحاجة ماسة، ما اضطر المنظمات لتقليص نطاق عملها وتخفيض ميزانية الاستجابة إلى نحو 1 مليار دولار فقط.
ولفت إلى أن بعض المنظمات أوقفت أنشطتها كليًا، وأغلقت مكاتبها، وأن التحديات الأمنية، مثل الغارات الجوية واعتقال العاملين، أدت إلى فقدان ثقة المانحين، مما فاقم الأزمة التمويلية.
كما انتقد الحداد "الازدواجية في التدخلات"، إذ تعمل أكثر من 56 منظمة في منطقة واحدة سهلة الوصول، بينما تُهمل المناطق النائية التي تعاني من أعلى معدلات الاحتياج.
وفي مداخلة له بالندوة، كشف سيف مثنى، مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، أن عدد النازحين في اليمن تجاوز 4.3 مليون شخص، منهم 2.2 مليون نازح في مأرب وحدها.
وأوضح أن انسحاب المانحين، وعلى رأسهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أدى إلى توقف أكثر من 70% من مشاريع إدارة المخيمات، إضافة إلى تعطّل 60% من برامج الصحة والتعليم في المحافظة، رغم أنها تستضيف 62% من إجمالي النازحين.
وانتقد مثنى استبعاد مأرب من منحة صندوق الأمم المتحدة للعام 2025، رغم الأرقام الكارثية التي تشهدها المحافظة، مشيرًا إلى أن أكثر من 18 ألف أسرة نازحة تواجه خطر الإخلاء بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وغياب التمويل.
ودعا مثنى إلى التحول من الإغاثة الطارئة إلى مشاريع إسكان دائمة، مثل بناء مساكن عمودية وتخصيص أراضٍ للنازحين، مشددًا على ضرورة ربط العمل الإغاثي بالأولويات الاقتصادية والتنموية.
من جهته، تساءل جمال الفقيه، منسق الهيئة العليا للإغاثة، عن مصير مليارات الدولارات التي أُنفقت منذ بداية الأزمة، داعيًا إلى مراجعة شفافة لآلية توزيع المساعدات وتحديد أسباب فشل الوصول إلى المناطق الأشد احتياجاً.
وانتقد الفقيه غياب التنسيق بين الجهات المانحة والسلطات المحلية، مؤكدًا أن الكثير من المساعدات تذهب لمناطق آمنة نسبياً بينما تبقى المناطق الريفية والنائية خارج نطاق الاستجابة، داعياً إلى اعتماد مراكز إغاثة لامركزية تغطي المناطق المختلفة.
كما شدد على ضرورة تقليص الاعتماد على المساعدات العينية والنقدية قصيرة الأمد، داعيًا إلى دعم مشاريع سبل العيش المستدامة، التي يمكن أن تساعد الأسر على الخروج من دائرة العوز.
بدورها، قدّمت بشرى الوسواس، خبيرة التنمية والعمل الإنساني، رؤية استراتيجية دعت فيها إلى مراجعة جذرية لمفهوم التدخل الإنساني في اليمن، واستبداله بإطار شامل يقوم على ما يسمى بـ "الترابط الثلاثي"، الذي يجمع بين المساعدات الطارئة والمشاريع التنموية وتهيئة الظروف لبناء السلام
وانتقدت الوسواس الاعتماد المفرط على توزيع السلال الغذائية، معتبرة أن هذا النمط خلق مجتمعًا اتكاليًا، ودعت إلى توطين العمل الإنساني عبر دعم المنظمات اليمنية وخفض التكاليف التشغيلية للمنظمات الدولية التي تستهلك جزءًا كبيرًا من الميزانيات.
واوصت الندوة بإعادة هيكلة العمل الإنساني ليكون أكثر كفاءة وعدالة، وتوحيد الجهود بين المؤسسات الدولية والمحلية.
كما دعت الى بناء تحالف وطني يشمل القطاع الخاص والمجتمع المدني، الى جانب استئناف الحوار مع الشركاء الدوليين لتعزيز الثقة، مشددة على ضرورة التحول نحو مشاريع تنموية مستدامة بدل الاعتماد على الإغاثة.