الإثنين 23 يونيو ,2025 الساعة: 08:29 صباحاً
بينما تتطاير شظايا التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل عبر سماء الشرق الأوسط، وصلت أصداء الحرب إلى الأسواق اليمنية سريعاً، لتُفاقم من تدهور اقتصادي مزمن يعانيه البلد منذ سنوات.
فقد شهد الريال اليمني انخفاضاً جديداً في قيمته أمام الدولار، متجاوزاً حاجز 2750 ريالاً للدولار الواحد نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن يتراجع بشكل طفيف، في وقتٍ رفعت فيه الحكومة أسعار الوقود للمرة الرابعة هذا العام، ضمن إجراءات اعتُبرت اضطرارية، لكنّها فاقمت من مخاوف الشارع.
وتوقّع محللون اقتصاديون، وفقا لصحيفة الشرق الاوسط، أن تؤدي تداعيات الحرب الإقليمية إلى تزايد الضغوط على الاقتصاد اليمني شديد الهشاشة، وسط اعتماد البلاد على الاستيراد بنسبة تفوق 95% من احتياجاتها الأساسية، وتهديدات باضطراب سلاسل الإمداد في حال توسّعت رقعة النزاع لتشمل الممرات البحرية القريبة من اليمن.
وأمام هذا الوضع المتفاقم، أعلنت الحكومة اليمنية عن خطة طارئة تمتد لـ100 يوم لمواجهة الانهيار الاقتصادي، أكد خلالها رئيس الوزراء سالم بن بريك أن الخطة تهدف إلى تأمين الرواتب الأساسية وتحقيق استقرار نسبي في الأسواق، واصفاً إياها بـ"اختبار حقيقي لقدرة الدولة على الصمود".
لكنّ مراقبين شككوا في قدرة الحكومة على تنفيذ الخطة في ظل الضغوط المتصاعدة، وتحذيرات من تراجع التحويلات المالية للمغتربين – المصدر الأهم للعملات الأجنبية – نتيجة تعقيدات الصراع الإقليمي.
ويحذر الباحث الاقتصادي فارس النجار من أن تفاقم الحرب قد يؤدي إلى تسارع المضاربة بالعملة المحلية وهروب الأموال إلى الخارج، ما يرفع من احتمال انهيار أعمق في قيمة الريال، وتضاؤل قدرة البنك المركزي على التدخل لضبط السوق.
من جهته، يرى الباحث رشيد الآنسي أن الحرب قد لا تؤثر بشكل مباشر على الريال، بالنظر إلى الانقسام النقدي القائم بين مناطق الحكومة والحوثيين، لكنه لم يستبعد ارتفاعاً كبيراً في تكاليف الشحن والتأمين البحري إذا ما أُدرجت المياه اليمنية كمناطق عالية المخاطر.
ويُحذر محللون من أن اضطراب الملاحة في مضيق باب المندب أو سواحل اليمن سيزيد من كلفة السلع المستوردة، وسيُعطل استئناف تصدير النفط – وهو ما يمثل طوق نجاة وحيد للحكومة في تأمين النقد الأجنبي.
محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب حمّل الحوثيين المسؤولية عن "إغراق البلاد في أعمق أزمة اقتصادية"، مشيراً إلى استهدافهم الموانئ النفطية وفرضهم أسعار صرف غير واقعية، وإجراءات تهدد بقاء القطاع المصرفي.
وفي بلدٍ أنهكته الحرب والانقسام، بات اليمن مهدداً اليوم ليس فقط بأزمة نقدية، بل بأزمة غذاء مرتقبة، في حال استمر التصعيد الإقليمي وازدادت تكاليف الإمدادات العالمية، ما ينذر بأن يكون اليمن مرةً أخرى الضحية الصامتة لصراعات الآخرين.