الأحد 03 ديسمبر ,2023 الساعة: 08:49 مساءً
الحرف28 - متابعة خاصة
مع تواصل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة غزة لما يقرب من شهرين، لا تزال صواريخ الاحتلال تقصف المدنيين وتستهدف المنشآت الصحية، بزعم استخدامها في الأعمال العسكرية من المقاومة الفلسطينية.
هذه المزاعم الإسرائيلية استنكرها البروفيسور الفرنسي كريستوف أوبرلين، الذي عمل متطوعا في مستشفيات قطاع غزة لأكثر من 20 عاما، وفي مقابلة مع الجزيرة نت، استنكر الجراح الفرنسي ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي بوجود أنفاق لحركة حماس تحت مستشفى الشفاء، أكبر مستفيات قطاع غزة.
وبفضل تجربته المهنية والشخصية، أشاد أوبرلين بمهارات الأطباء الفلسطينيين، منتقدا في الوقت ذاته ما وصفه بـ "الدور الباهت" الذي تؤديه منظمات دولية وأوروبية عدة على رأسها المحكمة الجنائية الدولية، لمحاسبة إسرائيل على "الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني"، حسب تعبيره.
وعن تجربته كطبيب في قطاع غزة، قال "أعمل متخصصا في الجراحة وعلاج الأطراف الثانوية، ورحلتي الأولى إلى غزة تعود إلى 2001. خلال هذه الرحلة، وصلتني قوائم تضم أسماء جرحى أصيبوا بشكل رئيس بأعيرة نارية، ويعانون من شلل في الساق والقدم واليد، فضلا عن حالات أخرى".
وأضاف "أخبرني الأطباء -آنذاك- أنهم عاجزون عن علاجهم بسبب غياب متخصصين في هذا النوع من الإصابات. وعلى ضوء ذلك، بدأت العمل في المستشفيات الحكومية مع أطباء وجراحين فلسطينيين".
وتابع ".. أصدرت شهادتين كنت مسؤولا عنهما بجامعة الطب في فرنسا، بما في ذلك "دبلومة" في جراحة الأطراف والجراحة المجهرية. كما أنشأت العديد من مختبرات التدريب على الجراحة المجهرية في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس ومستشفى الشفاء في غزة".
وأشار الطبيب الفرنسي إلى علاقته بالأطباء الفلسطينيين في قطاع غزة، قائلا "على المستوى المهني، أسهمت في تخرج حوالي 20 طبيبا متخصصا في جراحة الأطراف، 12 منهم أعرفهم جيدا وأعود لرؤيتهم والعمل إلى جانبهم 3 مرات في السنة لمدة 10 إلى 15 يوما لفترة تزيد عن 20 عاما. كما يترأس اثنان من طلابي وأصدقائي أقساما في مستشفى الشفاء والمستشفى الأوروبي في خان يونس".
وتابع "على المستوى الشخصي والإنساني، أعرف اليوم أطفالا وأحفاد الأطباء الذين تجمعني بهم علاقات طيبة على مدى سنوات. لذا، في كل مرة أشعر أن عائلة كبيرة تنتظرني هناك وأتوق إلى لقائهم".
واعتبر أن ما يحدث كارثة حقيقية عقب مضاعفة عدد أسرّة المستشفيات بمقدار 4 أضعاف، حيث هناك أكثر من 700 شخص يدخلون إلى مستشفى صُمّم لاستيعاب 200 سرير فقط، وهذا أمر فظيع جدا.
وحول ادعاءات إسرائيل حول وجود أنفاق تحت مستشفى الشفاء، قال : أشرت في وقت سابق إلى أنني سمعت هذه الدعاية للمرة الأولى على لسان قنصل فرنسي في القدس المحتلة بعد حرب 2009. مضيفا "واليوم، يمكنني الحديث عن الدعاية الإسرائيلية التي فُضحت بعد استيلاء جنود الاحتلال على مستشفى الشفاء في ظروف رهيبة للغاية، وعلى حساب مذبحة حتمية".
ولفت إلى أنه رغم كل محاولاتهم، لم يتمكنوا من إثبات أي شيء، حتى إنهم وجدوا أنفسهم في محل سخرية. ولكنهم مع الأسف استمروا في قصف واستهداف المستشفيات. وأضاف" من تجربتي الخاصة والممتدة لأكثر من 20 عاما، لم أسمع أبدا أي شخص يتحدث عن مركز للقيادة تحت مستشفى الشفاء".
وتطرق الطبيب الفرنسي في حديثه إلى وضع الأسرى الإسرائيليين، مؤكدا أن الأسرى الصهاينة يتلقون معاملة جيدة.
ويؤكد انه يجب أن تأخذ الجنائية الدوليةعلى عاتقها مسؤولية ما يجري اليوم، ويشارك المدعي العام في استمرار هذه الجرائم. لذا فمن الملحّ للغاية أن يفعل ما طلِب منه، وألا يتوقف عند حد عقد مؤتمر صحفي فاتر.
وحول وصول السفينة "تونير" الفرنسية أو المستشفى العائم إلى سواحل قطاع غزة، والتي اعلنت باريس إمكانية استقبال بضع حالات فقط على متنها، يرى الطبيب الفرنسي ان ما فعلته بلاده هو عار وطني حقيقي ويجب أن تتم المحاسبة؛ لأن السفينة قادرة على استيعاب حوالي 60 مريضا بشرط توفير الترتيبات اللازمة لاستقبالهم.
في المقابل، ما حدث فضيحة بكل المعايير إذ أُرسلت على حساب الشعب الفرنسي من ميناء تولون إلى إسرائيل، ليعلن قبطانها فيما بعد أنه يستطيع استيعاب شخصين إلى 4 أشخاص فقط.
ومن العار -أيضا- إرسال سفينة ثانية تدعي إنقاذ الجرحى الفلسطينيين بأعداد سخيفة فعلا، في حين أن هناك ما بين 30 إلى 35 ألف جريح، جزء منهم يفارقون الحياة في ممرات المستشفيات في قطاع غزة. لهذا، أرى أن هذا الجانب المدوّي من دبلوماسيتنا مخزيا حقا، ولا أستطيع وصفه.