الأربعاء 20 نوفمبر ,2024 الساعة: 02:47 مساءً
الأوضاع الاقتصادية الكارثية، التي نعاني منها اليوم، ليست سوى انعكاس أكثر بؤسًا وكارثية لوضع سياسي مخجل.
كيف وصلنا إلى هذه الحال؟
كيف أصبحنا متعايشين مع المهانة، نمد أيدينا طلبًا للمساعدة، بينما تُنهب ثرواتنا أمام أعيننا، وتُمارس ضدنا سياسات تجويع ممنهجة مِمَن ادعوا أنهم جاءوا لإنقاذنا؟
لماذا لا نعيد مساءلة المشهد بجرأة وصراحة أكثر، فنضع كل شيء على الطاولة؟
هل هؤلاء، الذين يديرون المشهد، حلفاء أم محتلون؟
كيف يُمنع الصيادون اليمنيون من ممارسة عملهم في البحر، بحثًا عن قوت يومهم، من قِبل قوات أجنبية؟
ما حدث في منطقة "شحير" بغيل باوزير على سواحل محافظة حضرموت يعكس مأساة مستمرة ومنسية.
صيادون يكافحون -بشتى الطرق الاحتجاجية- للحصول على إذن من القوات الإماراتية بالنزول إلى البحر، دون أن تلفت معاناتهم أحداً، طوال 8 سنوات.
لا استجابة أو تحرك من الحكومة أو السلطات المحلية، أو تفاعل من الأحزاب، أو حتى من منظمات حقوق الإنسان والإعلام.
وأخيراً، قرر هؤلاء اقتحام الشاطئ بدعم شعبي، وتحدوا هذه القوات، التي لاحقتهم في عرض البحر.
لا أحد يعلم كيف ستنتهي الأمور هناك، لكن الشرعية اليمنية -على ما يبدو- تعتبره شأنا سيادياً إماراتياً!
شاهدتُ، في مقطع فيديو، سعادة صيادين عادوا من رحلتهم الأولى وقد امتلأ قاربهم بالأسماك، ثم قرروا الاحتفال بتوزيعها مجانًا؛ تعبيرًا عن امتنانهم للدعم المجتمعي.
هذه الحادثة تسلّط الضوء على الممارسات غير المعلنة لدول التحالف في اليمن.
لماذا تُغلق مطاراتنا وموانئنا؟
ولماذا تستحوذ هذه الدول على جزرنا، ويُدار بعضها وكأنها أملاك تخصهم، حيث يتم تفويج السِّياح إلى بعضها من عواصمهم؟
كيف ابتلعنا ألسنتنا بينما تُسيطر الإمارات على منشآت حيوية؛ مثل منشأة بلحاف للغاز، عائداتها كفيلة بإنقاذ العملة من الإنهيار دون الحاجة إلى التسوّل، في حين يعيش الشعب مجاعة فعلية؟
كيف توقفنا عن استغلال مواردنا إذعاناً لصفقات التحالف والحوثي، وقبلنا بهذه المذلة نرقب انهيارنا، وكأننا شعب من الهوام؟
حتى مواردنا البحرية لم تسلم من هذا النهج المدمّر والتخريبي.
الصيادون في حضرموت وسقطرى وشبوة والمخا ممنوعون من الاصطياد بأوامر من القوات الإماراتية.
هل تعلمون أن أبوظبي أصبحت مصدّرة للغاز، وهي التي تستورد حاجتها -من هذه الطاقة- من قطر؟
من أين سقطت عليها هذه الثروة الغازية المفاجئة؟
في عهد علي عبد الله صالح، حيث كان هناك ما يشبه الدولة، كانت المياه الإقليمية اليمنية مستباحة أمام شركات الصيد الأجنبية. أما اليوم، وقد أصبحت البلاد مجزأة بين أطراف متعددة، فما الذي يحدث هناك في تلك البحار المترامية على طول أكثر من 2500 كيلو من السواحل اليمنية، ومئات الجزر المهمة؟
الإمارات زعمت انسحابها من اليمن في 2019، ولكن من هم الذين يسيطرون على تلك المناطق الآن؟
حرب السعودية والإمارات مع الحوثي انتهت فعليًا، منذ 4 سنوات على الأقل، فلماذا تستمر هاتان الدولتان في الوجود العسكري والسيطرة على حياة اليمنيين؟
الحوثي يحتل الجزء الأكبر من الشمال بدعم إيراني، بينما تحتل السعودية والإمارات ما تبقى من البر والبحر بإسناد الانتقالي و"الشرعية"، الشرعية التي صممها التحالف لتكون غطاءً لسلوكه دون أي التزامات حيال الشعب!
لقد انتهت الحرب المزعومة من قِبل السعودية والإمارات ضد الحوثي ومن خلفه إيران بتفاهمات ضمنية، لكن الحرب الحقيقية، التي تشنها هذه الأطراف مجتمعة ضد الشعب اليمني، مستمرة بلا نهاية.
نقلاً عن موقع بلقيس