الإثنين 06 يناير ,2025 الساعة: 08:44 صباحاً
الحرف28 - خاص
كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في اليمن عن اختلالات جسيمة وتجاوزات قانونية رافقت عملية التعاقد لشراء طاقة كهربائية بقدرة 100 ميجاوات من شركة "برايزم انتر برايس".
وأوضح التقرير أن العقد تضمن شروطاً غير عادلة تفضل مصلحة الشركة المتعاقد معها على حساب المصلحة العامة. وأشار إلى أن المسؤولين في إدارة قطاع الكهرباء تجاهلوا المخاطر المترتبة على التعاقد، حيث تم إلزام القطاع بدفع دفعة مقدمة بلغت 12,805,680 دولار، أي ما يعادل 20% من قيمة العقد، دون حصول قطاع الكهرباء على أي ضمانات بنكية، وهو ما يعرض حقوق الدولة لخطر الضياع في حال أخلت الشركة بالتزاماتها التعاقدية.
وأبرز التقرير أن العقد خالف قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية، الذي ينص على ضرورة إجراء مناقصة عامة لضمان الشفافية والمنافسة. ومع ذلك، اقتصرت المنافسة على عدد محدود من الشركات، مما حرم قطاع الكهرباء من الحصول على عروض أفضل من حيث الأسعار والجودة.
وأشار التقرير إلى أن مزاعم الإسراع في توفير الطاقة لم تكن مبرراً كافياً، حيث استغرقت إجراءات تنفيذ العقد أكثر من عامين، وهو ما يتعارض مع مبدأ السرعة المزعوم.
انتقد التقرير منح الشركة المتعاقدة إعفاءات ضريبية، بما في ذلك ضريبة الدخل والإعفاءات الجمركية، مما شكل عبئاً إضافياً على الخزينة العامة للدولة.
كما أوضح أن الشركة تأخرت في استقدام السفينة العائمة وتشغيل المحطة، وهو ما أدى إلى استمرار قطاع الكهرباء في شراء الطاقة من محطات تعمل بوقود الديزل، بتكلفة إضافية بلغت نحو 107 ملايين دولار سنوياً بسبب ارتفاع أسعار الوقود عالمياً.
وأكد التقرير وجود تجاوزات مالية أخرى، حيث تم إلزام قطاع الكهرباء بدفع 17,856,600 دولار لتنفيذ خطوط النقل ومحطة التحويل، وهي تكلفة تزيد بأكثر من 10 ملايين دولار عن العروض المقدمة من شركات أخرى، ما يعد هدراً صريحاً للأموال العامة.
وأوصى التقرير بإعادة النظر في إمكانية التعاقد مع شركات متخصصة لتنفيذ هذه المشاريع بأسعار أقل.
من ضمن التجاوزات التي رصدها التقرير، عدم إدراج شروط واضحة تلزم الشركة المتعاقدة بتحمل مسؤولية الأضرار البيئية المحتملة الناتجة عن تشغيل السفينة العائمة. وأعرب التقرير عن مخاوف جدية من أن يؤثر تشغيل المحطة العائمة سلباً على البيئة البحرية والثروة السمكية، التي تمثل مصدراً مهماً للدخل الوطني.
ودعا الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إلى محاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات، وإعادة النظر في العقود المبرمة مع الشركة المتعاقدة لضمان حماية المال العام وتحقيق مبدأ العدالة والشفافية في التعاقدات الحكومية.
تعد هذه الفضيحة الجديدة مثالاً صارخاً على الفساد المستشري في قطاع الكهرباء في اليمن، الذي يعاني أصلاً من تدهور كبير في الخدمات وارتفاع في التكاليف، ما يزيد من معاناة المواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.