الثلاثاء 25 فبراير ,2025 الساعة: 07:41 مساءً
في خضم التدهور الاقتصادي وارتفاع الأسعار، كانت آمالنا معقودة أن تختار الحكومة اليمنية أسلوبا غير تقليدي في تبرير فسادها.
توقعنا أن يتقنوا فن الكذب بصدق، وأن يخونوا بأمانة، أن يتلاعبوا بنا بكل إخلاص، أن ينفذوا كل ذلك بحماسة تليق بحجم المليارات التي تم نهبها.
أما أن تسرق البلاد بهذه الطرق البدائية، تم سرقة الوديعة، سرقة أنابيب النفط، وتم توزيع رواتب بالدولار، فهذا فساد يرفضه أباة الناهبين، وترفضه أعراف الفاسدين. لابد من إبداع وحرفنة تليق بعصر الذكاء الاصطناعي.
يجب أن يعلموا أن ما يحدث يعد تشويها ومخالفا لقانون النهب على مدار التاريخ، فهناك اتفاق تاريخي وأدبيات للنهب والفساد.
التجربة الدنماركية وغياب الشخصية الوزارية الحضارية
هل شاهدتم فيلم سرقة ونش المترو وسط التحرير؟
هل تابعتم تصريح رئيس وزراء الهند عن أشهر ألفين ساحر هندي؟
هل قرأتم عن قصة سرقة بنك موسكو 2004؟
هل قرأتم عن الساحر الروسي الذي طلبه ستالين وأثبت قدرته على السرقة والسحر، لتصبح قصته معجزة العصر؟
نحن بدورنا نريد ناهبين أقوياء لا أغبياء. نريد أن نتفاخر بفسادكم بين الأمم، بلاد المليون حرامي، لنشعر بأننا نواجه عتاولة فساد عددا وعدة، لا تافهين مبتدئين.
السرق الوحدويون: دعه ينهب، دعه يسرق
أيها اللصوص، تحركوا وابدعوا! يا لصوص اليمن اتحدوا! نريد أن نشعر بأننا أمام سرق وحدويين، نريد فسادا يلغى الحدود ويوحد الجبهة ويعمل على استمرار النظام، ونريد أيضا منافع للفساد.
سابقا، الفساد لعب دورا في استمرار النظام السياسي، فلماذا تخيبون الظن وتجهلون أصول اللعبة حتى أصبحنا أمام دول من الفساد داخل وطن واحد؟
الفساد هو الوظيفة الأولى باليمن لكبار الموظفين
نريد منكم أن تكونوا مبتكرين بفساد يعكس جمال الفساد اليمني. نريدكم أن تكونوا كالنمس، يظهر في كل مكان لكنه لا يُمسك بسهولة.
نريد فسادكم أن يكون مثل البصل، كلما قشرت طبقة زادت الدموع والحرقة من العبقرية والفن.
نسألكم بكل معاني النذالة وقيم الرذيلة: لا تبهذلوا بسمعة الفاسدين، ولا تشوهوا نموذج الفساد اليمني الذي يمتاز بالحنكة والذكاء والفهلوة، ولا تكونوا أول من يسن سنة فاسدة بالفساد!
عبقرية تقليص الأحجام: عندما تصبح المنتجات أصغر!
الحكومة اللامباركة، نريد منكم توجيه فاسديكم للبحث عن سحر جديد من الفساد. إليكم بعض الأفكار:
إذا كانت الحكومة عاجزة عن خفض أسعار السلع، لماذا لا تفكر في تقليص حجم العبوات بدلاً من رفع الأسعار؟ فمثلاً، علبة الزبادي يمكن أن تبقى بسعر 500 ريال، لكن بحجم أصغر! أليس هذا مذهلاً؟
القناع أهم من الوجه: الشكل أهم من الجوهر
هنا تكمن عبقرية الحل في اختزال حجم المنتجات لتناسب جيوب المواطنين، بدلاً من البحث عن حلول حقيقية. ومن جانب آخر، ستبقى الأسعار كما هي، وسيكون لليمني فرحتان:
الفرحة الأولى: الغلاء يزداد في العالم، بينما في اليمن ثابت. الفرحة الثانية: شعوره بذكاء وقدرة الحكومة على تثبيت الأسعار! دجاجات وخراف: أحجام جديدة في عالم الغرائب
يمكن للحكومة أن تُصدر قرارًا بتقليص حجم الدجاج والخراف، مستعينة بالصين لاستيراد خراف صغيرة بمقاسات صغيرة، حيث يكون أكبر خروف وزنه 6 كيلو، برأس كبير وثربة أكبر.
وفيما يتعلق بالدجاج، يمكن أن تكون أكبر دجاجة بحجم 500 جرام، فتبدو الحكومة وكأنها صاحبة الأفكار الملهمة، وقد تصبح هذه الحيوانات الصغيرة رمزًا للرخاء والصحة والعافية.
نباتيون حتى النخاع
لماذا لا تعتمد الحكومة على خبراء الأعشاب لتعزيز ثقافة النباتيين بدلًا من اللحوم؟ وطالما أن حكومتنا معظمها في مصر، يمكنها استيراد البرسيم المصري وتصديره لليمن، ليصبح اليمني الأول عالميًا في استهلاك البرسيم، وهذا سيُحسب كبراءة اختراع.
وزارة السعادة (الهلوسة)
لماذا لا تُحدث الحكومة وزارة معنية بالسعادة؟ تكون مهمتها تسهيل تناول القات بأسعار رخيصة، وزراعته في البرازيل أو الصين، مما يساعد الشعب على تقليل الرغبة في الطعام.
يمكن للصين تقديم نماذج مبتكرة: قات على شكل حبوب، مشروبات، أوراق، وأكياس للمدارس والحوامل وأخرى للرجال والنساء. وشرط ذلك توفير باقات إنترنت سريعة ورخيصة.
خبراء اقتصاديون: حكايات من الخيال
إذا كانت الحكومة بحاجة إلى مزيد من الإبداع، لماذا لا تستعين بمجموعة من "الخبراء الاقتصاديين" لإقناع الشعب بأن الحياة في اليمن أرخص مما يعتقدون؟ يمكنهم تقديم مقارنات مثل:
كان الثور بوزن 200 كيلو بسعر 200 ألف ريال (ما يعادل ألف دولار)، أما اليوم فبنفس الوزن يبلغ سعره مليون وأربعمائة ألف ريال (ما يعادل 500 دولار). مرة أخرى القات: من الرفاهية إلى الأوهام
كان سعر علاقي القات 5000 ريال، ما يعادل 100 ريال سعودي، أما اليوم، فالسعر وصل إلى 30 ألف ريال، أي ما يعادل 50 ريالاً سعودياً.
حكومتنا المباركة، للأمام سر!
إنه الرخاء في أوج قوته، وإنها الخصوصية اليمنية الخالدة، التي ستدخلكم قائمة الخائبين المائة: خيبة، وفضاعة، وظلما، وقبحا.
وزارات الشؤم: تكرار نفس الأخطاء
ينبغي على الحكومة إعادة صياغة وزارات الحكومة اليمنية، على نمط وزارات رواية "1984" لجورج أورويل، حيث تلعب دورًا محوريًا في ترسيخ النظام:
وزارة الحقيقة: مسؤولة عن تغيير الحقائق. وزارة السلام: تدير شؤون الحرب النفسية. وزارة الحب: تعنى بنشر الكراهية والقلق. وزارة الوفرة: تدير الاقتصاد رغم نقص السلع. مرسوم حكومي بتغيير النشيد الوطني
حماة الديار لا أمان لكم ولا سلام
لنمضي معًا نذل نفوس الكرام
عرين السعيدة بيت مملوء بالحرام
وعرش بلقيس أصبح يُضام
نحاكي بفسادنا السماء
وننهب من دم كل شهيد مداد
فمنا الفاسدون ونحن القاسطون ونحن أبناء لئام