محطة المخا الكهربائية.. منشأة حكومية معطلة للإستخدام الخاص (تقرير خاص)
الأربعاء 09 يوليو ,2025 الساعة: 05:59 مساءً
الحرف28 – تقرير خاص

بعد سنوات من جهود إعادة تأهيل محطة المخا البخارية لتوليد الكهرباء على الطرف الساحلي من محافظة تعز جنوب غربي البلاد، لا زالت المحطة معطلة بقرار غير معلن، وتوجه اتهامات لسلطة الأمر الواقع بقيادة طارق صالح باستخدامها لأغراض خاصة بينما يتم تزويد المواطنين بكهرباء تجارية باهظة الثمن. 

تقول المعلومات التي حصل عليها الحرف 28 من مصادر محلية وأخرى وثيقة الإطلاع إن المحطة في وضعها الحالي لا تعمل وأن خزاناتها الضخمة جرى تخصيصها لمصلحة تاجر مشتقات نفطية مقرب من عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، قائد القوات المدعومة إماراتياً. 

وعلى الرغم من مرور قرابة 8 أعوام على إعادة تأهيل المحطة التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 160 ميجاوات، كانت تغطي قبل الحرب كامل مديريات المخا والبرح ومدينة تعز، فإن مدينة تعز لا تزال بلا كهرباء في حين تعتمد مدينة المخا على كهرباء تجارية تزودها بها شركة خاصة مملوكة لمقربين من طارق صالح. 

وحسب المعلومات فإن الشركة المزودة للخدمة بدأت بفرض تسديد فواتير الكهرباء بالريال السعودي وفقا ً لاعلان نشرته الشركة على صفحتها بالفيسبوك وتابعه "الحرف28". وبررت الشركة هذه الخطوة بتجاوز تكلفة التشغيل للعائد المحصل بالعملة المحلية بسبب انهيار الصرف وكون جميع مدخلات الإنتاج (معدات الشبكة، قطع الغيار، والديزل) تُستورد بالعملة الأجنبية. 

متى تأسست المحطة ؟

تأسست محطة المخا البخارية في عام 1986، لتكون واحدة من أهم محطات توليد الطاقة الكهربائية في اليمن. كانت المحطة تتمتع بقدرة إنتاجية كبيرة تصل إلى 160 ميجاوات، وهي طاقة كافية لتزويد محافظة تعز والعديد من المناطق المجاورة بالتيار الكهربائي، مما جعلها ركيزة أساسية للتنمية والخدمات في المنطقة، وبعد الوحدة جرى ربطها بالشبكة الموحدة. 

مع اندلاع الحرب في اليمن، تعرضت محطة المخا لأضرار جسيمة حيث تبادل التحالف والحوثيين مع حليفهم في الإنقلاب آنذاك علي عبدالله صالح الإتهامات بقصف المحطة، لتتوقف تماماً عن الخدمة. 

بعد تحرير مدينة المخا من قوات الحوثيين وصالح في مطلع عام 2017، بقوات محلية مسنودة من التحالف، بذل محافظ محافظة تعز علي المعمري جهوداً كبيرة لإعادة تأهيل المحطة ولم يمر وقتاً طويلاً حتى تم إنجاز مشروع إعادة تأهيل المحطة وجرى استعادة 140 ميجا من قدرتها التوليدية بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي الذي تولى تمويل إعادة صيانة المحطة. 

وفي 6 اغسطس من العام 2018  افتتح رئيس الوزراء الاسبق، أحمد بن دغر محطة المخا الكهربائية، ثم  جرى تدشين إعادة تشغيل المحطة رسمياً، لكن الكهرباء لم تصل الى المنازل بالمحافظة، ليتضح لاحقا ان التدشين كان صورياً. 

خلال هذه الفترة كان التحالف يعيد تشكيل السلطة المهيمنة على المخا بعد إسناد قيادة القوات المشتركة عسكرياً إلى طارق صالح القائد العسكري الميداني المنشق عن الحوثيين وقد تلقفته الإمارات وبنت له قوات عسكرية كبيرة، ومكنته من السيطرة الفعلية على المديريات الساحلية لمحافظة تعز بالإضافة إلى الحديدة. 

وخلال العامين 2019 و2020  أعلن أكثر من مرة عن إعادة تشغيل المحطة رسمياً وخصصت وسائل إعلامية أماراتية واخرى تابعة لعائلة صالح مساحة لتغطية حدث التشغيل ، لينتهي الأمر كسابقه.


أسباب التوقف  

تشير العديد من المصادر إلى أن أسباب التوقف غير واضحة، فالمحطة جرى صيانتها وإعادة تأهيلها بكامل طاقتها وهي 160 ميجا واط، تكفي لإضاء محافظة تعز بكاملها، غير أن سلطة الأمر الواقع فرضت إيقاف تشغيل المحطة، وتم حرمان مدينة المخا نفسها من طاقة المحطة. 

تلفت بعض المصادر الإنتباه إلى ان الإمارات مولت أيضاً انشاء محطة كهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 60 ميجاوات، غير أن الكهرباء التي يعتمد عليها المواطنين تجارية وتفرض مبالغ باهظة. 

قام "الحرف28" بعملية تقصي للتعرف على دوافع حرص سلطة الأمر الواقع عن إبقاء محطة المخا خارج الخدمة، فتبينت عديد حقائق، أهمها، تشير أن هذا التوقف ليس لأسباب فنية بل هو قرار متعمد من قبل ما يسمى قيادة المقاومة الوطنية، يهدف إلى تحقيق مكاسب شخصية. 

وتُوجه اتهامات صريحة لطارق صالح بتحويل محطة المخا البخارية من مرفق وطني عام إلى مشروع استثماري خاص يهدف إلى بيع الكهرباء بأسعار تجارية باهظة على سكان سواحل تعز. 

تتجاوز الاتهامات مجرد تعطيل المحطة، لتشمل استغلال بنيتها التحتية لأغراض تجارية بحتة، فحسب مصادر محلية في مدينة المخا، تحدثت لـ"الحرف28"، فقد تم منح خزانات الوقود التابعة للمحطة لشركة تتاجر بالمشتقات النفطية. 

وحسب المعلومات فإن رائحة الفساد فاحت، ليتم لاحقاً معالجة الأمر بشرعنة إجراء تعطيل المحطة والتصرف الخاص بها من خلال منح الشركة المستوردة للمشتقات النفطية عقد إيجار بتواطؤ محافظ المحافظة نبيل شمسان ويتهم هذا الاخير بالخضوع المطلق لصالح طارق عفاش أكثر من رئيس مجلس القيادة العليمي.

وفقا للمصادر ذاتها، فإن الشركة تقوم باستخدام خزانات محطة الكهرباء الحكومية لبيع الديزل والبترول للقطاع التجاري، وأنه يجرى إدخال المشتقات النفطية دون ضرائب أو جمارك. 

في السياق، اشارت مصادر أمنية طلبت عدم الكشف عن هويتها، الى انه منذ  2018، استخرج عدد من القيادات في قوات طارق صالح تراخيص رسمية لإنشاء محطات لبيع النفط في الساحل الغربي، كان من بينهم ابراهيم عريك. 

ويعيد هذا الإسم التذكير بواقعة مهمة،  فنجل  عريك "هيثم" الذي كان قائداً لكتيبة في قوات طارق انشق عنها في 2021 ليلتحق بمليشيا الحوثي. 

وطبق المعلومات الميدانية أيضاً فإن الكميات التي يستوردها التجار الجدد يتجاوز الاحتياج، الأمر الذي يؤكد ما أفادت به مصادر محلية بأن كميات كبيرة من النفط يتم تهريبه الى مناطق سيطرة المليشيا الحوثية.

اسكات المطالبين

طوال السنوات الماضية أثارت هذه التصرفات تذمراً واسعاً في صفوف المواطنين الذين صدموا بحجم التلاعب بمنشآت استراتيجية في مدنيتهم، لكن القبضة الأمنية القوية لطارق صالح كانت في مواجهتهم. 

وتداولت خلال الفترة من 2018 الى 2021، وسائل اعلام محلية مختلفة، معلومات عن اعتقال ناشطين لانتقادهم التلاعب بمحطة المخا وتحويل خزانات الوقود التابعة لها الى مشروع استثماري خاص لبيع الوقود. 

بسبب توقف المحطة، فقد أكثر من الف موظف اعمالهم، ولم يتبق لهم سوى راتب بسيط يتم صرفه كل عدة اشهر. 

عاملون في المحطة أكدوا انها باتت معرضة للتلف نتيجة توقفها عن العمل وغياب الصيانة للمعدات التي بدأت تتعرض للصدأ. 

المصادر اشارت أيضا الى أن عمليات الصيانة التي أجريت للمحطة لم تكن بالشكل المطلوب، فمثلا لم يتم حل مشكلة السخانات ما ادى الى انفجار احدها في 2018، ما تسبب بوفاة احد الموظفين. 

حرمان محافظة تعز من الطاقة

خلال سنوات الصراع، كانت تعز هي مركز الحرب المتعددة، فبالإضافة إلى الهجمات الوحشية الحوثية والفصف والقنص للمدنيين، وفرض حصار خانق على المدينة، وصل حد حرمانها من الماء، شهدت حروباً باردة وساخنة على مستوى الخدمات، كانت الكهرباء أحد محاورها الكبيرة كما يقول ناشطون. 

يمثل استمرار تعطيل محطة المخا رغم جهوزيتها عن العمل، قراراً بالحرمان المباشر لسكان محافظة تعز وسكان المخا من الكهرباء الحكومية، كما أن الاتهامات بنهب المعدات واستغلال البنية التحتية للمحطة لمصالح تجارية، تثير قضايا فساد خطيرة تتطلب تحقيقاً شفافاً ومحاسبة للمسؤولين وفقا للمصادر.


Create Account



Log In Your Account