في ذكرى تأسيس حزب المؤتمر: عن  الحاجة إلى أحزاب قوية وفاعلة
الثلاثاء 24 أُغسطس ,2021 الساعة: 01:09 مساءً

 في كتابه الثقافة والثورة يعيد أديب اليمن عبدالله البردوني ثقافة معاداة الحزبية إلى مرحلة الإمامة الكهنوتية في ثلاثينات القرن الماضي ويؤكد أن هذه  الثقافة من مخلفات العهود الظلامية وترعرعت في أقبية المخابرات و الأنظمة الفاشية التي حولت الانتساب إلى أي حزب سياسي تهمةً تستحق الملاحقة ، وكان لحزب المؤتمر الشعبي العام في مرحلة الحزب الواحد دوره في نشر هذه الثقافة المتخلفة وتجريم التعددية السياسية. وقد أكدت لنا  الأيام أن البديل عن صراع  الأحزاب هي الصراعات الطائفية والمناطقية والقبلية ولكل ذلك ليس في مصلحة الوطن غياب  حزب  المؤتمر الشعبي العام من الحياة السياسية، و كلما كان يهمنا قبل وبعد ثورة فبراير  هو تحرير المؤتمر  من تملك الرئيس السابق وعائلته للحزب، وأن يكرس المؤتمر  حضوره السياسي بعيداً عن المؤسسة العسكرية والأمنية والإعلام الرسمي والمال العام، والا يكون مظلة للفاسدين. والمطلوب من المؤتمر هو المطلوب من جميع الأحزاب بلا استثناء، فالأحزاب يجب أن تشكل رافعة للنهوض بالوطن وأن تحتشد للدفاع عن المصلحة العامة ولا تتمترس للدفاع من مصالح الفاسدين في أي طرف كانوا.

وفي ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي أتمنى التفاف المؤتمرين حول حزبهم والنهوض به والحفاظ على تماسكه، لأن انهيار أي حزب كبير هو انهيار للحياة السياسية والمدنية وعودة إلى جحيم العصوبيات المناطقية والقروية والطائفية.

وبالعودة إلى نقد  البردوني لثقافة معادة الحزبية أتذكر نقطة مهمة   للغاية أشار إليها البردوني و نلمسها اليوم في جحيم الحرب الأهلية بعد ظهور الجائحة الحوثية المعادية للثقافة الحزبية حين أشار إلى أن الصراعات الحزبية بما فيها الصراعات الدموية تظل أرحم بكثير من الصراعات القبلية والطائفية ويؤكد البردوني هذه الحقيقة فيقول" تقاتلت الأحزاب في عدن عام 66 وتقاتلت في صنعاء 68 وكان قتالها أقصر أمداً من الحروب العشائرية والطائفية" ويعزو البردوني تجنب الأحزاب السياسية للحروب الطويلة لإدراك كل تنظيم بديهتين  من علم السياسة : الأولى أن السياسة فن الإمكان، والثانية لا مستحيل في السياسة. ولهذا قبلت التنازل عن  التفرد بالسلطة  أحزاب كانت تمتلك قوة البقاء بتفردها المعهود. ويشير البردوني إلى انتهاء الصراع في عدن 1986 في اثنا عشر يوماً فقط؛  لأن الحزب الاشتراكي رغم تأثير القروية فيه حسم القضية وأكد حضوره السياسي وامتيازه عن العشائرية. و يعيد البردوني الفرق بين طبيعة  الحروب الحزبية و طبيعة الحروب الطائفية لكون الطائفة غير محددة الغاية من البداية و لأن الحزب تكون من قاعدة سياسية ملموحة الغاية: فإما أن يواصل السير إلى الغاية أو يقفز إن سمحت له الطريق؛ أو يرجع خطوتين لكي يقطع ثلاثا،  أو يغير الطريق لأن السياسة لا تستدعي طريقاً واحداً وإنما تقبل التعرجات والالتواءات لأنها أمام وجهة السائر من كل طريق لأن طريق الأحزاب في أقدامها لا على الأرض.


Create Account



Log In Your Account