من تداعيات الحرب .. التمزق الاجتماعي
الإثنين 06 ديسمبر ,2021 الساعة: 03:20 مساءً

للحرب تداعياتها على مختلف جوانب الحياة في اليمن، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية، ومن ضمن أخطر الجوانب التي تضررت بفعل الحرب الجانب الاجتماعي، وما حدث من تمزق في هذا الجانب،  نشأت الجماعات المسلحة وتموضعت داخلها كيانات أما مناطقية أو أسرية، وبخاصة داخل التشكيلات الجديدة كالجيش الوطني الذي لم يتدرب أفراده بشكل جيد ولم يتم إيجاد جهاز للتوجيه المعنوي بشكل صحيح، بحيث يكون أفراد التوجيه ممن يتصفون بالثقافة الوطنية والإسلامية، للعمل على غرس القيم الوطنية والإسلامية من أخلاق الجندية وصفات الرجال في نفوس المنتمين للمقاومة أو الجيش، وتسبب ذلك في كثير من الفوضى وبخاصة في عدن وتعز، وانعدام للأمن والاستقرار، حيث تنشأ الصراعات بين هذه الكيانات الأسرية والمناطقية، في عدن ولحج وتعز، وعادة ما تكون هذه الصراعات حول أراضي تم سلبها من أصحابها، أو على نقاط جباية يتم من خلالها جمع أموال لهذا أو ذاك من مسؤولي هذه النقاط ومن يقفون خلفهم.

والجانب الآخر ما نتج عن الحرب من عملية نزوح وتفرق وتمزق التكتلات الاجتماعية، حيث تفرقت الأسرة الواحدة إلى مناطق مختلفة وكذلك الجيران والأقارب بعد أن اعتادوا السكن في اطار جغرافي متقارب، وفي المخيمات تشكلت علاقات جديدة وصلات جديدة،  لكن هذه المخيمات لا يمكن أن تحل محل الجغرافيا التي كانت قبل الحرب جغرافيا المكان وجغرافيا السكان،  وبسبب الحرب اضطرت بعض الأسر للنزوح من المدن إلى القرى، حيث أصولها القديمة بعد أن كانت قد شكلت لها موطناً جديداً في المدن،  أما لارتباط المدينة بالعمل وعدم قدرة رب الأسرة على السفر وتكاليفه، وأما بسبب مشاكل أسرية اضطرت بسببها هذه الأسر من الانتقال إلى المدينة أملا في استقرار افضل بعيداً عن إشكاليات الريف، عند عودة هذه الأسر إلى القرى حدثت في كثير من الحالات تصادمات مع الريف وعاداته وتقاليده المحافظة وانفتاح المدينة المنعكس على الأسر التي كانت في المدينة،  وفي بعض الحالات خرجت الخلافات القديمة من جديد نتيجة عودة الناس وجهاً لوجه بعد ان هدأت هذه الخلافات نتيجة الارتحال للمدينة.

 من إحدى هذه الحالات عادت احدى الأسر إلى الريف، واحتاجت هذه الأسرة للحطب، ذهب رب الأسرة يحتطب من احدى الأشجار التي تملكها أسرته وقد كان عليها خلاف قديم،  هناك من ذهب ليبلغ شقيقه فأتى شقيقه بسلاحه الآلي ليمنعه واطلق على أخيه الرصاص ليرديه قتيلاً، وفي قصة أخرى يذكر لي جاري في حوض الأشراف انه نزح إلى قريته في الاعروق، ولكنه تعرض لمضايقات فاقت تحمله حتى توصل الى قرار ان يعود إلى مسكنه في المدينة القريب من دائرة الخطر خيرٌ له من أن يمكث في القرية تحت وقع هذه المضايقات واصبح عنده أن يموت كريماً وبشموخ هناك في المدينة على أن يحيا في أمان القرية مع شعور بالذل أو الخضوع أو  الأذية المتواصلة والشعور بعدم ارتياح محيطه هناك بمكوثه بالقرية، القصص كثيرة تلك التي تحدثنا عن تمزق اجتماعي نتيجة الحرب واستمرارها، وكذلك تفرق التكتلات السكانية في الحارة الواحدة والمنطقة الواحدة في مناطق جغرافية متعددة.

هناك أيضا من كانت لديهم مصادر دخل مالي وكانت هذه المصادر تلمهم وتوحدهم، وعندما توقفت هذه المصادر وافتقروا ظهرت الخلافات والتباينات فتمزقوا كنتيجة من نتائج هذه الحرب وجزء من تداعياتها السلبية، ونحن نتحدث او نكتب عن التداعيات السلبية فلا ننكر او نتغافل عن جوانب اجتماعية مشرقة أظهرتها الحرب الا أنها قليلة مقارنة بالجوانب السلبية الخطيرة على المجتمع اليمني الذي يتطلع الى نهاية قريبة لهذه الحرب التي غدت بنظر الكثيرين حرب عبثية ..


Create Account



Log In Your Account