تريم .. مدينة المساجد والقصور والتراث القديم
الأربعاء 20 أبريل ,2022 الساعة: 02:44 صباحاً

تزخر مدينة تريم في محافظة حضرموت، شرقي اليمن، بمعالم تاريخية وحضارية كثيرة وعديدة، منها المساجد، والأسوار، والزوايا العلمية، والقصور، والأبراج، التي تمتاز بفن معماري خاص، تتزين برسوم وألوان بديعة.

وتعتبر مدينة تريم الواقعة شرق مدينة سيئون، ثاني كبرى مدن حضرموت، من أبرز المدن العلمية ذات الموروث الثقافي والديني الفريد والمتنوع، وتشتهر بكثرة المساجد التي تقدر بنحو 360 مسجدا.

ولعل هذه المدينة الشهيرة بالعلم والعلماء، تحتل بسبب ذلك مكانة رفيعة لدى اليمنيين، ففي العام 2010، اختيرت من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسسكو) كعاصمة للثقافة الإسلامية.

ويعد مسجد المحضار، نسبة إلى "عبدالله المحضار"، واحدا من المعالم الدينية والأثرية البديعة في المدينة، والذي يشتهر بمنارته الأثرية ذات اللون الأبيض النقي، التي يصل ارتفاعها إلى 40 مترا.

أما "حصن الرناد"، فهو من أشهر الحصون التاريخية الواقع وسط تريم، والذي يسمى حاليا "حصن الشعب".

 

مدينة المساجد

وفي هذا السياق، يقول أحمد كرامه باحماله، مدير مركز الرناد للتراث والآثار والعمارة إن مدينة تريم، تعتبر مدينة العلم والعلماء، ومدينة المساجد، إضافة إلى تسميات وأوصاف أخرى تعرف بها هذه المدينة منها أيضا "مدينة الغناء".

وأَضاف في حديث لـ"عربي21 لايت" : "وقد سميت بالغناء لكثرة العصافير التي تتغنى في بساتينها، وسميت بمدينة القصور لكثرة قصورها، حيث توجت في العام 2010 عاصمة للثقافة الإسلامية".

 

مساجد وأربطة

وأشار باحماله إلى أن هناك العديد من المعالم الدينية في مدينة تريم لعل أهمها  مسجد المحضار التاريخي والمعروف بمئذنته الشهيرة، ومسجد باعلوي ومسجد الوعل، إحدى أقدم المساجد فيها ومساجد كثيرة يصل عددها إلى 170مسجدا تقريبا.

وتطرق إلى الأربطة العلمية في المدينة كـ"رباط تريم أزهر حضرموت" و"قبة أبو مريم"، وكذا الزوايا العلمية كـ زاوية الشيخ سالم بأفضل، وزاوية مسجد سرجيس، وزوايا أخرى منها قريبة و ملاصقة للمساجد.

وأكد رئيس مركز الرناد للتراث والآثار على أن المدينة تمتاز بطابع معماري مميز، إذ بنيت مبانيها من الطين من بينها مئذنة مسجد المحضار وقصور تريم وعدد كبير من المساجد.

وتابع: "وقد صارت تلك المباني أحد أبرز المعالم التاريخية والسياحية للمدينة، فمئذنة مسجد المحضار هي أطول مئذنة مبنية من الطين في العالم، حيث تمتاز بشكلها المربع الفريد والمميز، والذي بني بطريقة هندسية رائعة حيث يبلغ طولها 46 متراً تقريبا.

 

20 قصرا

وحسب المتحدث ذاته فإن قصورا أثرية تنتشر في المدينة ويبلغ عددها أكثر من عشرين قصرا، وأشهرها قصور "عشة و الرناد والتواهي وحمطوط ودار السلام" إضافة إلى" قصر الرياض وقصر سلمانه وقصر عبدالرحمن بن شيخ وحداد الكاف وقصر يماني وقصر القبة".

 وقال : "كثير من هذه القصور هي عبارة عن مزيج بين العمارة الشرق الآسيوية والعمارة الحضرمية الذي يغلب عليه التأثر بالطراز (الكولونيالي) الذي يسود فيه الأداء النيوكلاسيكي".

 

 العمارة بالطين

 ووفق أحمد بن حماله فإن العمارة الطينية أثبتت أنها ملائمة لكل زمان ومكان وأثبت البناؤون  من مدينة تريم مدى قدرتهم على تطويع العمارة وملائمتها، وهو ما بدى ذلك، من خلال العمارة الضخمة الفارهة والزخارف الهندسية والنباتية والرسومات الرائعة والباذخة الجمال المعمولة من الطين في تلك القصور.

 وقال باحماله الذي يرأس مؤسسة الرناد للتنمية الثقافية إن الطين هي مادة أساسية في العمارة في حضرموت عموما، وفي تريم خصوصا، حيث بنيت منها المعالم المدنية كـ"البيوت والقصور" والمعالم الدينية ك"المساجد والمدارس والكتاتيب والأربطة" والمعالم الحربية كـ"الحصون والأسوار والأكوات (أبراج)"، مشيرا إلى أن هذه الطريقة لازالت حاضرة في كثير من المباني في تريم، وبالطرق التقليدية التي يتم العمل بها.

وأرجع استخدام الطين كمادة أساسية في البناء بمدينة تريم إلى كونها "رخيصة، وكثير من الناس لازالوا يبنون بها، وملاءمتها للبيئة في المدينة وطبيعتها الحارة صيفا، والباردة شتاء".

فالطين ـ حسب المتحدث ذاته ـ تعد مادة عازلة، تستطيع امتصاص الحرارة وعزل البرودة.

 

"معالم حربية"

أما المعالم الحربية والأكوات (أبراج دفاعية) فتذكر كتب التاريخ، يتحدث أحمد باحمالة، أن مدينة تريم سورت أربع مرات في فترات مختلفة، وكل سور به منظومة من الأبراج والحصون، فيما لاتزال بقايا بعضها موجودة إلى اليوم وبحاجة إلى اهتمام وإعادة تأهيل.

كما تحتوي مدينة تريم على عدد من الحصون والتي هي في أمس الحاجة إلى ترميمها، منها حصن "مطهر و بلغيث و نافي والعر وبن يماني" وغيرها، حسبما ذكره المصدر ذاته

 

قيمة تاريخية كبيرة

 ويرى رئيس مركز الرناد للتراث أن تلك المعالم التاريخية والأثرية تشكل قيمة كبيرة، لكنها تعاني من الإهمال وخطر الزحف العمراني الذي بات ينافس تلك المعالم.

ودعا في الوقت ذاته، السلطة المحلية والمنظمات الدولية بـ "سرعة ترميم تلك المعالم والاهتمام بها ووضع حلول للمعالم الخاصة ليتم شراؤها وإعادة توظيفها".

كما حث على الاهتمام بالمعالم الحربية والمدنية، موضحا أن المعالم الدينية في تريم، تحظى باهتمام، لكننا بحاجة إلى وضع خطط لتوظيف تلك المعالم جمعاء وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية.

 

ذاكرة المكان والزمان

من جانبه، قال عبدالله بن حميدان، مدير مكتب الثقافة في مدينة تريم، إن المعالم التاريخية والثقافية، تشكل بلا شك، قيمة حضارية عالية للمدينة وسكانها، فهي ارتبطت بذاكرة المكان والزمان وكانت شاهدة على كافة التحولات الثقافية التي شهدتها المدينة.

وتابع حديثه لـ"عربي21 لايت": "تلك المعالم الثقافية والتاريخية استطاعت أن تميز مدينة تريم عن غيرها من المدن وذلك بتفردها في نمط العمارة الطينية المعبرة عن هوية وثقافة الإنسان فيها".

وأضاف: "ولعل الناس في تريم قد ارتبطوا ارتباطا وثيقا بمعالمها التاريخية والثقافية المعبرة عن الانتماء والاعتزاز بالأرض، يتجلى ذلك، في التراث الثقافي والغنائي بشكل عام".

وأكد مدير الثقافة في تريم على أن بعضا من تلك المعالم التاريخية والثقافية شكلت ملمحا من ملامح الحياة الثقافية وارتبطت ارتباطا وثيقا بالإنسان في تريم، يتجسد بالحفاظ عليها وإبرازها عبر صور مكبرة داخل البيوت سوى كان في الوطن أو المهجر.

وتعد مدينة تريم، من أشهر المدن ذات التراث الإسلامي، وذلك لما تمتلكه من تراث عظيم وكتب إسلامية قديمة جدا ومهمة.

 

نقلًا عن صحيفة عربي21


Create Account



Log In Your Account