السبت 26 أكتوبر ,2024 الساعة: 05:05 مساءً
يكاد اليمن والبحر الأحمر أن يتحولا إلى ساحة اشتباك دولية، متعدد الأطراف، ويتجاوز هذا الاشتباك في استحقاقاته العسكرية والأمنية سقف الأزمة اليمنية وتعقيداتها، والمقتضيات التي أدت إلى تدخل عسكري عربي في الساحة اليمنية، تهيمن عليه السعودية، وتتحكم بأجندته ومفاعيله الولايات المتحدة الأمريكية.
وثمة دليل ساقته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، التي أفادت استناداً إلى اثنين من المسؤولين الأوروبيين بأن "الحوثيين تمكنوا من استخدام بيانات الأقمار الاصطناعية الروسية لاستهداف سفن بصواريخ باليستية ومسيّرات.. تم تمريرها إلى الحوثيين من خلال أعضاء في الحرس الثوري الإيراني".
قد ترغب الولايات المتحدة في البحث عن سبب إضافي لشيطنة روسيا، لكن ما من سبب يستبعد إمكانية ضلوع روسيا في تحويل المشهد المسرحي الذي صممته واشنطن في البحر الأحمر إلى تحد حقيقي قد يفرض على الولايات المتحدة التعاطي مع التصعيد الأمني في البحر الأحمر بآلية مختلفة مع شعور مصحوب بالقلق.
هذا يعطينا مثالاً واضحاً على المآلات الكارثية لمسار الحرب في اليمن، بعد أن أفضت إلى هذا المشهد العبثي الخطير جداً. صحيح أن المساس بالموقف العسكري للحوثيين شكل أحد الخطوط الحمر الأمريكية الموضوعة أمام ما يسمى "تحالف دعم الشرعية"، إلا أن استسهال احتواء للطرف الشرعي في الحرب، وتفكيه وإضعافه، والانسياق وراء إغراء التحكم المطلق بالفضاء الجيوسياسي لليمن؛ استناداً إلى واقع تتصارع فيه قوى عاجزة عن الحسم، هو الذي أضاف سبباً آخر لأن يستفيد الحوثيون من الغطاء الأمريكي.
من الواضح أن روسيا التي تقيم علاقات جيدة مع الرياض، ربما أرادت فقط المناورة مع الولايات المتحدة، التي تضغط عسكرياً لصالح أوكرانيا، لكن ما من ضمانات إلى أن تجر الساحة اليمنية أكثر من لاعب سيئ، وفي هذه الحالة فإن الارتدادات لن تتوقف على إيذاء اليمن وإطالة أمد أزمته ولكن أيضاً يمكن أن تكون هناك ارتدادات حتمية على استقرار دول المنطقة برمتها وفي المقدمة منها دول الخليج النفطية.
الذي لا ريب فيه هو أن ما كان يعرف بـ"تحالف دعم الشرعية" قد فهم وأدرك فعلاً خطورة الاستثمار في جماعة الحوثي وهي الأداة الإيرانية التي بنيت وفق البنية الحركية للحرس الثوري الإيراني، غير أنه للأسف مرغم لأسباب عديدة، للإذعان للأولويات الأمريكية في عدم المساس بهذا اللغم الطائفي المزروع في الجسد اليمني، وما نعتقده هو أن الظرف الحالي يضع واشنطن والرياض أمام اختبار المصداقية بشأن الموقف من جماعة الحوثي وعما إذا كان دورها القذر لا يزال مطلوباً لإدامة أزمة اليمن وتعميق معاناة شعبه.
نقلا عن صحفة الكاتب على منصة إكس