رمضان سيمفونية السعادة
الإثنين 03 مارس ,2025 الساعة: 08:23 مساءً

مع حلول شهر الخير والصوم تهب على القلوب نفحات من السكينة وتفتح السماء أبوابها لتنثر على الأرض البركات ، وتدلف القلوب والأرواح إلى موسم التغيير والتجديد ، لتشرق الزوايا المعتمة بنور الطاعة فتغدو الحياة أكثر إشراقا ، وتعانق السعادة الأعماق لا كمشاعر عابرة بل كيقين يستقر في مدارك الأرواح .

ما أعذبها من لحظات حين يهل رمضان فتتشوق الأنفس لمعانقة أيامه ولياليه ، وتغمرنا البهجة كطفل يتهيأ للقاء أحب الناس إليه، وتغدو الأرواح وكأنها عصافير وجدت أوطانها بعد طول ترحال ، فتهدأ في محراب الطاعة وتأنس بآيات القرآن ، وتزدان القلوب بالحب لهذه الموسم   الذي يزورنا كل عام ليعيد انتاج ذواتنا المتعبة وأرواحنا المشتاقة للتغيير .

ما يدركه المحبون أن رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام والشراب بل هو ابتعاد عن كل ما يثقل الروح ، وموعد لتهذيب النفس ، وفرصة لتطهير القلب ، وحين يمسك الصائم عن المفطرات برضاه واختياره طاعه لمولاه فإنه يسمو نحو مدارك العلى ، فتتذوق روحه لذة القرب وسعادة الوصل ، وتتجلى في قلبه فرحة لا يدركها إلا الصائمين المخلصين .

ليالي رمضان ليست كغيرها من ليالي العام ففيها تعرج القلوب في رحلة نحو السماء وهي تتلذذ بصلاة التراويح والقيام في مشهد بديع تصطف فيه الأقدام وتتوحد الأصوات تالية وداعية لترسم سيمفونية إيمانية تتكرر كل ليلة تغتسل فيها القلوب ، وتدمع فيها العيون ، وتبتهل الأرواح ، فما ألذها من لحظات وما أغناها من ليالٍ يبدو فيها المناجي قد تحرر من همومه وتخلص مما ران على قلبه .

من قال أن رمضان مجرد شهر رمضان يمضي؟! إنه روح تبقى معنا حتى بعد الرحيل إن أحسنا استقباله ونجحنا في اغتنام لحظاته ، والسعادة التي تغمرنا فيه ليست مؤقتة زائلة ، بل هي زاد يرافقنا لبقية العام فنظل أقوياء في  مواجهة الانكسارات ، ومن ظنه شهراً عابراً كأقرانه فقد ظلمه وظلم نفسه ، إنه مدرسة نتعلم فيها كيف نسمو بأرواحنا نحو طبيعتها الروحانية الملائكية ، وندرب أنفسنا على الصبر ، وأكفنا على العطاء ، وأرواحنا على السمو ، وقلوبنا على الثبات على الطاعة .

دمتم سالمين .


Create Account



Log In Your Account