مطار في جزيرة عبدالكوري: عندما تكتشف الحكومة فجأة موقعًا استراتيجيًا!
الخميس 20 مارس ,2025 الساعة: 01:54 مساءً

في حدث لم يكن متوقعًا حتى من سكانها، استيقظت جزيرة عبد الكوري فجأة على صوت مقص الوزير وهو يقطع شريط افتتاح مطار دولي! الجزيرة، التي لم يكن يتذكرها أحد سوى خرائط الجغرافيا القديمة، تحولت في لمح البصر إلى بؤرة اهتمام حكومي لمجرد أن الإمارات قررت ذلك.

لكن لحظة، كيف حدث هذا؟ هل جلس الوزير ذات مساء وهو يحتسي الشاي، وفجأة تذكر أن هناك جزيرة نائية تحتاج إلى مطار؟ أم أنه تلقى “الوحي الاستثماري” من أبوظبي ليعلن عن هذا الإنجاز الاستراتيجي، الذي لا نعرف لمن سيكون أكثر فائدة: لسكان الجزيرة البالغ عددهم 500 شخص، أم للطائرات العملاقة التي تحتاج إلى مدرج آمن بعيدًا عن أعين الفضوليين؟

وطبعًا، كأي مشروع تنموي حقيقي، لا بد أن الحكومة قد استكملت كل الخدمات الأساسية قبل بناء المطار، أليس كذلك؟ هل أصبح لكل بيت كهرباء ومياه نظيفة؟ هل شُيّدت مدارس حديثة ومستشفيات؟ هل تحولت الجزيرة إلى “سنغافورة صغيرة” أم أن المطار مجرد استعراض جوي في جزيرة بلا بنية تحتية؟!

وفي الوقت الذي تحصل فيه جزيرة مهجورة على مطار دولي، هناك محافظات يمنية كاملة لم تحصل حتى على موقف باص محترم. خذوا مأرب على سبيل المثال، المدينة التي تحولت إلى “اليمن الصغير” وتضم 3 ملايين شخص ومساحة تعادل 17405 كيلومترات مربعة، لا تزال تنتظر مشروع نقل واحد يحترم عدد سكانها. ربما الحل الوحيد لمأرب هو أن يقوم أهلها بعملية تخفيض سكانية حتى يصلوا إلى 500 شخص فقط، عندها قد يحظون بنفس الاهتمام، وربما يحصلون على مطار مشابه، مع رحلة أسبوعية مجانية إلى عبد الكوري!

لكن الحقيقة الواضحة للعيان هي أن هذا المشروع ليس لعيون اليمنيين، بل هو ترتيب لوجستي بلمسة إماراتية. الإمارات، التي حولت سقطرى إلى مستعمرة سياحية تحمل نكهة خليجية، يبدو أنها قررت استكمال مشروعها التوسعي، وهذه المرة على حساب جزيرة أخرى، ربما استعدادًا لاستقبال الطائرات العملاقة المحملة بشيء أكبر من السياح… ربما الأسلحة؟ ربما مشاريع نفوذ جديدة؟ وربما “فتح مبين” بطابع استثماري؟

أما الحكومة اليمنية، فهي كعادتها، لا تسأل ولا تُسأل، كل ما عليها هو أن تبتسم للكاميرا، تحضر حفلات الافتتاح، وتترك “القيادة الفعلية” لمن يقرر أين يجب أن تكون التنمية، ومن يستحق المشاريع، وأين يجب أن تبقى البلاد غارقة في النسيان!

إلى ذلك الحين، إذا كنتم في مأرب أو أي محافظة يمنية أخرى تحلم بمطار، ابدؤوا في تقليص عدد السكان إلى 500 شخص، فربما يأتيكم الوزير يوماً ما، ويكتشف فجأة أنكم تستحقون قليلاً من الاهتمام!


Create Account



Log In Your Account