الجمعة 12 سبتمبر ,2025 الساعة: 04:14 مساءً
إضاءتان :
- لقد كان فرعون غبياً أيّ غباء وهو يذبح الأطفال!
ولو أنه افتتح مدرسة وعلم الأطفال أنه إله: فإن فكرته ستجد الرواج والقبول والإجلال والحب والتقديس!
- العقل المستهلك للثقافة التي ولدت في زمن أو واقع مختلفٍ:
هو أشبه بمن يشتري عبوة الأندومي وصب عليها الماءالساخن وبعد ثوان معدودة تناولها، ثم خرج يطلق ادعاءاته أنه طباخ ماهر يعيش حياة الحضارة المعاصرة.!
التوقيع / نذير.
إذا تأملنا بعمق في هاتين الإضاءتين
- دلالة ، ومفهومهاً ، وظلالاً، نجد أنهما قد رسمتا سهماً يشير بجلاء إلى أصل الداء الضارب الأغوار في مسارب ذهنية النخبة العربية عموماً المتغربة والمحافظة.!
بل وتوضح للقارئ عمق وسعة جراحنا المتقيح، الجراح الذي أصاب عقلية النخبة العربية بكساح مزمن، جراح طال أمده حتى اللحظة دون أية معالجة جادة على المستوى السياسي والفضاء التعليمي والتربوي العام!
وعليه :
فماهي الحلقةالمفقودة؟
الجواب: أولاً : (غياب فلسفة السنن الحاكمة للحياة) إنسانياً وفكرياً وتربوياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً وحضارياً.
والسبب هو:
1- أن العقل الإسلامي المحافظ والمنافح على قيم الأمه من الذوبان والتلاشي أمام الثقافة الغازية، هو عقل متشبع بموروث فكري - منطوقه ومفهومه، تحريم الاشتغال بالفلسفة..!
2 - الجمود والتقليد الذي حدث مطلع القرن الرابع داخل الفكر الإسلامي، فهذا الجمود حال دون إعمال العقل النظري في الأسباب والعوامل التي أدت الى تحريم بل وتجريم الإشتغال بالفلسفه، وبالتالي لو كان العقل يمتلك أسلوب البحث العلمي والمسؤولية الأخلاقية، كان سيجد أن أسباب تحريم الفلسفه متصلة بمجال العقيدة،
والشعائر التعبدية فقط!
وهذا لاخلاف عليه؛ كون عقيدة الإسلام قائمة على الوحي المعصوم الغني عن الفلسفات.
ثانياً:
القاصمة الفكرية:
قاصمتنا الفكرية هي إنسحاب تحريم وتجريم الفلسفة من ميدان العقيدة إلى ميادين الحياة العامة القائمة على فهم الحكمة من إرادة الله في خلق سننه الكونية التسخيرية الحاكمة للنفس والاجتماع..!
لا نبالغ إذا قلنا أن وطأة الجمود والتقليد كانت ولا زالت أقوى الموانع الفكرية والفقهية التي أقصت العقل الفقهي بعيداً عن النظر في مقاصد القرآن ومقاصد تصرفات الرسول (ص).
النخبة التغريبية:
النخبة الليبرالية والحداثية واليسار الماركسي واليسار القومي:
بريق الحضارة المادية كان قد عصف بهذه العقلية، الأمر الذي دفعها الى التسرع - وهي في ذروة دوخانها- الى فرض ثقافة الغرب في واقع مختلف ثقافياً وحضارياً مستخدمة قوة السلطة لإسكات الصوت المحافظ، يصاحب هذ الاستبداد والطغيان نعيق إعلامي يشيد بالفلسفة الغربية..!
ردة الفعل المحافِظة:
اتجه العقل المحافظ الى نبش الموروث الفكري الاسلامي المحمل بتجريم الفلسفه ومساوئها والعقوبات!
باختصار:
نخبتنا بمجموعها تعيش فقراً مدقعاً في مجال فلسفة الحياة. سيقال هناك علماء
مجددون، نقول نعم، وهم على قلتهم يعيشون بين شقي رحى..!
الشق الاول :
الخوف من وصمهم بالتغريب والإنبطاح والعماله وصولاً الى التكفير!
الشق الثاني وهو نتيجة للأول:
وهو أن دعاة التجديد لا يتمتعون بحضور قوي في الفضاء الثقافي والفكري العام، فالصوت الأكثر حضوراً هو الجمود والتقليد المحروس بالإرهاب الفكري والاستبداد السياسي والاجتماعي والديني.
ثالثاً:
الصنمية بثوب جديد:
من المسلّمات البدهيه أن الو سط التربوي والأكاديمي هما مصنع الأفكار والعقول،
وعليه:
فهل الوسط التربوي والأكاديمي العربي صنع فكراً إنسانيا وحضارياً، ملحوظاً في واقعنا؟
لسنا بحاجة الى استعراض البراهين على كثرتها، وإنما نشير الى موقف الوسط الأكاديمي مع الثورة المضادة للربيع العربي.
غير خافٍ موقف حملة أعلى الشهادات في الوسط الأكاديمي والجهاز التنفيذي للسلطة، انكشفوا أنهم مجرد دجالين مؤدلجين.
لقد سقطت الأقنعة فتعرت أوهام المعرفه لاهثة ساعية الى التقرب من بيادة منقلب على الديمقراطية، أو مليشياوي منقلب على الشرعية الدستورية ناهيك عن إدانة زعيم خائن..!
رابعاً:
الصنمية الأكاديمية:
العقل المستهلك لثقافة الغير، هيهات لطباخ الأندومي أن يبدع.!
جل ما أنتجه الوسط الأكاديمي هو صنمية الدكتور أمام الطلاب فقط لا غير، فالدكتور هو الحاكم بأمره ولامعقب لحكمه!
وكم ياضحايا من النابغين المتميزين حقاً، لكن .د. الصنم المقدس يقرر حرمان أو رسوب او هضم معدّل الطالب، وليس هناك مجال للمناقشة.
هل هذا وسط علمي يبني عقولاً أم هو مستنقع أحقاد واستعلاء
للصنمية باسم العلم؟
في اليابان، طفل الصف الرابع الأساسي يناديه المدير والمعلم والمشرف والموجه ب: أسم يا أستاذ، واكاديمياتنا العربية هي مقابر للإبداع!
غياب القيم:
المقصود بالقيم هو القيم العلمية والفكرية والخلقية، فمهما راينا .د. يصلي، ونجده يهضم الطالب ظلماً ولارادع من دين ولا زاجر من ضمير، فأين هي القيم الخلقية؟
أين الأمانه العلمية ؟
نعم، الطالب المتميز يسقط والفتاة كسولة الفهم تفوز وبتميز!
هذا عمل متكرر سنوياً.
كارثة الإتجار بالتعليم:
صنمية المال .. الزبون الأول :
هذا الشعار الفج هو وليد شرعي للاتجار بالتعليم، وكم تفاءل البعض بنهضة التعليم؟
تصور معي أيها القارئ أن الموظف في الأكايمية الخاصة يصدر التعليمات لأعضاء
هيئة التدريس قائلاً :
يجب على المدرس أن يصيغ أسئلة الأختبارات من عناوين الفصول أو المباحث،
ولا يحق له أن ينتزع السؤال من وسط الصفحة، يشهد الله عليّ أن هذا حاصل..!
ويضيف الموظف: إذا وجدنا أن نسبة 'النجاح أقل من 50% فلن نقبل النتيجة..!!
وهكذا تتهاوى الصنمية التي تمارس في الجامعات الرسميه، ها هي الصنمية تتهاوى مقابل مبلغ تافه جداً، قلما يصل إلى ربع ما يتقاضاه في الجامعة الحكومية، والسبب المحوري ان غالبية الاكاديميين فقراء قيمياً !
والدليل على الفقر القيمي يتجلى لدى خريجي الجامعات بوضوح.
خامساً :
عجز في جانب الإبداع:
أصنام الأكاديمية وخصوصاً في مجال العلوم الإنسانية- تاريخ ، علم اجتماع ، علم النفس وفروعه ، علم اللغة العربية ، الأدب وفروعه، أصول التربية، الإدارة، العلوم السياسية ، القانون وفروعه، والقانون الدستوري والفكر الاسلامي، و الفلسفه :
كم هناك من رسائل الماجستير، وكم هناك من اطروحات-دكتوراه
في هذه المجالات في كل الجامعات العربية خلال 50 عاما فقط؟
هل تجد فيها نظرية جديدة؟
كم هي البحوث الخاصة بالترقية من. د. إلى أستاذ مشارك أو أستاذ دكتور؟
تخيل معي أنه ركام مهول جداً من البحوث العربية خلال 50 عاماً، لاتجد فيها نظرية واحدة؟
هل هذه أكاديميات أم معامل تجهيل وتكريس للصنمية؟
سادساً:
في ورشة أكاديمية دعت اليها مؤسسة ثقافية في تعز بعد11 سبتمبر، تمحورت الورشة حول سؤال :هل المقررالجامعي يحتوي على بذور الارهاب؟
الورشة استمرت قرابة اسبوع، وفيها أكاديميون أشقاء!
باختصار :
تقدم أحد أكاديميي الفكر الاسلامي برسم بياني وضح من خلاله نسبة فقر المقرر الصانع للفكر، ونسبة مقرر الحفظ ومقررات مكررة! فكانت النتيجة 2% للفكر، هذه النسبة من حيث الكم، أما من حيث المدخلات الصانعة للفكر فهي أقرب إلى مقرر الحفظ بنسبة عاليه!
الغريب أن جل الحاضرين في الورشة والذين أسهموا في الأوراق أو المداخلات تورمت أنوفهم امتعاضاً، واستنكاراً لتلك النتيجة المخزية!
غير أن قفشة أسوأ واخزى، أطلقها أحدالحضور قائلاً :
تغيير المقرر يعني تعذيباً للدكتور في صياغة اسئلة الاختبارات لأن أغلب الدكاتره لم تتغير اسئلتهم منذ عشر سنوات فأكثر وتعالت الضحكات، فالصمت!
وصدق الرسول ( ص):
اذا لم تستح فاصنع ماشئت.
سابعاً:
المجتمع المدني:
غير خاف أن ميدان التعليم هو المدارس والجامعات، بخلاف ميادين التربية فهي كثيرة: المسجد ، الشارع ، النادي ،السوق ،
النقابة ، المنظمه ، الجمعية ، الحزب ، والمنتديات ، والمدارس والجامعات أيضاً..!
فهل هذه الميادين قدمت شيئاً في المجال التربوي؟
في أحد المنتديات استشهد أحدهم في مداخلته بالفضيحة المشهورة : بيع الغاز اليمني الى كوريا الخ..!
ورغم قلة تفاعل الحضور، فقد انبرى صوت. د.لغة عربية من طرف المجلس موبخاً المتحدث فقط، ومعرضاً بإدارة المنتدى: لاتسيؤوا الى الأحزاب الأخرى بهدف النكاية وبدأ يتفاصح، فقاطعه شخصان من الحزب الحاكم بأن الفضيحة صحيحة اولاً!
وثانياً، لا حجر على حرية الرأي، فانتفض الأستاذ الدكتور وقاطع الحضور الى المنتدى!
انبرى د. آخر ممتعضاً أنه، لا يجوز أن يخسر المنتدى هذه القامات!
قامات ؟
الأحزاب العلمانية والليبرالية واليسارية، افتضحت و هتكت أقنعتها الأيدلوجية رفضاً للديمقراطية لأنها لم توصلهم الى الكرسي؟
فهل يرجى من هؤلاء بناء للأجيال؟
الخلاصة:
لا غرابة إذا وجدنا أكاديميين يلعقون نعال المليشيا الإرهابيه الإنقلابية، وآخرين لم يجرؤوا على إدانة الزعيم المفسد الخائن للوطن حتى اللحظة!
متى يستوي الظل والعود اعوجُ؟
نلتقي بعونه سبحانه مع
الحلقة الرابعة
هدم الصنمية!