اليمن وإثيوبيا: استثمارات مشبوهة أم علاقات طبيعية؟
الجمعة 21 مارس ,2025 الساعة: 09:46 مساءً

على مدى العقدين الماضيين، تحولت إثيوبيا إلى ملاذ استثماري لمسؤولي الحكومات اليمنية المتعاقبة، فيما تزايدت استثماراتهم بشكل لافت في هذا البلد الإفريقي الصاعد والمتنامي بشدة.
والشاهد أن الأمر لم يقتصر على مشاريع تجارية واستثمارات زراعية أو صناعية، بل امتد إلى أنماط أخرى من العلاقة، وصولا إلى اختيارها وجهة مفضلة لقضاء شهر العسل لكبار المسؤولين!، بمن فيهم من يمثلون حكومة "الشرعية".

طبعا تثير هذه الظاهرة أسئلة جوهرية حول الدوافع الحقيقية التي جعلت إثيوبيا خيارا استثماريا مفضلا لمسؤولي اليمن، في حين يعاني بلدهم من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة. فهل هو تواطؤ أم مجرد استغلال لفرص استثمارية؟

بالتأكيد تتمتع دولة إثيوبيا دولة بنمو اقتصادي متسارع وسياسات استثمارية جاذبة، ولكن اختيارها بالذات يبعث على الريبة في ظل تراجع الدور اليمني في القرن الإفريقي وتزايد النفوذ الإقليمي والدولي في المنطقة. فهل يمكن اعتبار هذه الاستثمارات وسيلة لنقل الثروات اليمنية خارج البلاد، تحسبا لأي انهيار سياسي أو تغير في موازين القوى؟

في الحقيقة لا يمكن عزل هذه الظاهرة عن الفساد الذي نخر مؤسسات الدولة اليمنية لعقود، اذ اعتاد المسؤولون توظيف مناصبهم لضمان مصالحهم الشخصية بدلا من خدمة بلدهم. واللافت أن هذه الاستثمارات لم تقتصر على شخصيات محسوبة على النظام السابق، بل شملت مسؤولين من مختلف الأطراف السياسية، بمن فيهم من يرفعون شعارات الإصلاح والدفاع عن الشرعية.

ولقد كشفت سنوات الحرب كيف تم تهريب الأموال إلى الخارج، وإقامة مشاريع تجارية في دول مثل تركيا ومصر والإمارات وماليزيا، لكن إثيوبيا ظلت الوجهة الأكثر غموضا، ربما بحكم قربها الجغرافي وصعوبة تتبع الأموال فيها.

على إنه في وقت يعاني فيه اليمنيون من الفقر وانهيار الخدمات الأساسية، تأتي تلك الاستثمارات لتزيد من مشاعر الغضب والإحباط. فكيف لمسؤولين يزعمون تمثيل الشعب أن يكدسوا أموالهم في الخارج بينما البلاد تنهار؟ كيف يتحدثون عن الولاء للوطن وهم يقضون شهر العسل في أديس أبابا بدلا من عدن أو صنعاء؟
والواقع إن هذه الظاهرة ليست مجرد مؤشر على الفساد، بل تعكس تحولات في أولويات النخب الحاكمة، تلك التي لم يعد الوطن سوى محطة عابرة في طريق البحث عن ملاذات آمنة. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيسمح اليمنيون بأن يظل بلدهم مستباحا لصراعات السلطة ونهب الثروات، أم أن ساعة الحساب قادمة لا محالة؟

نقلاً عن صفحة الكاتب على فيسبوك


Create Account



Log In Your Account