السبت 11 أكتوبر ,2025 الساعة: 03:51 مساءً

متابعات
كشفت مؤسسة تمكين المرأة اليمنية (YWEF) في تقرير حقوقي جديد عن تصاعد مروّع في معدلات الانتحار باليمن خلال السنوات العشر الماضية، مؤكدة أن الانتحار بات “ظاهرة مجتمعية مقلقة تعكس انهيار منظومة الدعم النفسي والاجتماعي في البلاد”.
وجاء التقرير، الصادر بعنوان “بين القهر والخذلان: الانتحار في اليمن”، بالتزامن مع اليوم العالمي للصحة النفسية، كأول محاولة وطنية شاملة لرصد الظاهرة بالأرقام والقصص الإنسانية، مستندًا إلى بيانات ميدانية ومصادر أممية وإعلامية.
ووفقًا للتقرير، تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن اليمن يسجل أكثر من 1,660 حالة انتحار سنويًا، بمعدل 5.2 حالات لكل 100 ألف نسمة، ليصل العدد الإجمالي خلال الفترة من 2015 إلى 2025 إلى ما بين 13 و16 ألف حالة.
كما وثّقت المؤسسة 200 حالة انتحار بالأسماء والتفاصيل في 18 محافظة، غالبيتها في مناطق سيطرة الحوثيين، بينها 34 طفلًا و32 امرأة و64 معلمًا وموظفًا حكوميًا، فيما تصدّرت محافظات إب، تعز، صنعاء، وذمار قائمة المحافظات الأعلى تسجيلًا للحالات.
وأشار التقرير إلى أن 78% من إجمالي الحالات وقعت في مناطق الحوثيين، في حين أن الابتزاز الإلكتروني والعاطفي كان سببًا مباشرًا في ما لا يقل عن 22% من حالات انتحار النساء والفتيات.
وأوضح التقرير أن اليمن يشهد انهيارًا شبه كامل في منظومة الدعم النفسي، حيث لا يتجاوز عدد الأطباء النفسيين 60 فقط، مع إغلاق 80% من المراكز والعيادات النفسية، وغياب أي برامج وقائية أو خطوط طوارئ.
وتضمّن التقرير قصصًا إنسانية مؤلمة لضحايا الانتحار، بينهم الطفل أحمد الحسيني (12 عامًا) الذي أنهى حياته بسبب الفقر وحرمانه من التعليم، والطالبة مثنّى (22 عامًا) التي انتحرت بعد ابتزازها إلكترونيًا، والمعلم ياسر جنيد (45 عامًا) الذي أقدم على الانتحار بعد انقطاع راتبه واعتقاله، والمخترع عبدالمجيد علوس (32 عامًا) الذي أُجبر على ذلك بعد التضييق عليه ومصادرة اختراعاته.
وقالت المؤسسة في بيانها إن “الحرب لم تكتفِ بقتل اليمنيين بالقذائف، بل دفعت الآلاف منهم إلى قتل أنفسهم تحت وطأة الفقر والخذلان واليأس”، معتبرة أن “السكوت عن الانتحار تواطؤ مع الألم”.
ودعت مؤسسة تمكين المرأة اليمنية إلى إنشاء برنامج وطني للدعم النفسي والاجتماعي بإشراف أممي، وإعادة تفعيل إدارة الصحة النفسية في وزارة الصحة، وإطلاق خط ساخن مجاني لتقديم الدعم النفسي، إلى جانب تمكين منظمات المجتمع المدني من تنفيذ حملات توعية لكسر الصمت حول الظاهرة.
وأكدت المؤسسة في ختام تقريرها أن “الانتحار في اليمن لم يعد فعلًا فرديًا، بل نتيجة مباشرة للسياسات القهرية والفقر المدقع وانهيار قيم الأمل”، داعية المجتمع الدولي إلى التعامل مع الظاهرة كـ قضية حقوق إنسان لا مجرد قضية طبية.