رفض رشوة للإفراج عن شحنة مخدرات.. مكافأة ضابط يمني بطريقة مختلفة: التعذيب في سجن سعودي حتى الموت
الإثنين 28 أكتوبر ,2019 الساعة: 09:43 مساءً
مازن فارس

عندما ذهب الضابط اليمني، إبراهيم الشمساني (35 عاما)، لحماية جزيرة "بكلان" المنسية في عرض البحر، بكل تفاني وإخلاص، لم يكن في حسبانه أن يتحول تفوقه إلى مأساة وأن يصبح ضحية في لحظة ما على يد من تطلق عليهم بلاده بـ "الأشقاء" (التحالف العربي بقيادة السعودية).

 

تعود قصة "الشمساني" الذي التحق ضمن قوات خفر السواحل اليمنية، إلى مطلع العام الجاري عندما تلقى تدريبات ودورات لدى القوات البحرية السعودية، على إثرها نُقل للعمل في جزيرة "بكلان" الواقعة إلى الغرب من مدينة ميدي، التابعة لمحافظة حجة شمالي غرب اليمن.

 

وتخضع "يكلان" (8 كم مربع) التي تبعد عن الساحل اليمني نحو 20 ميلاً بحرياً، ويشتغل سكانها بالصيد، لسيطرة قوات سعودية (بحرية وحرس حدود) مع وجود شكلي وبسيط لقوات يمنية.

 

 

لأشهر ظل يعمل الشمساني في الجزيرة التي تعد أحد منافذ التهريب بين اليمن والسعودية، وفي إحدى المرات تمكن من ضبط قارب يحمل شحنة مخدرات.

وقد حاول أحدهم، كان على متن القارب ،رشوة الضابط بمبلغ يقدر بعشرة آلاف دولار مقابل إطلاق سراح الشحنة، لكنه رفض.

 

يقول يوسف الشمساني، شقيق "إبراهيم" إن إخلاص وتفاني شقيقه دفعه لرفض أخذ الرشوة وإحالة من كانوا على متن القارب إلى الجهات المسؤولة.

 

نال سلوك الملازم الشمساني، استحسان قائد قوات خفر السواحل خالد القملي، الذي قام بتكريمه، ليتم نقله بعد ذلك إلى جزيرة ميون القريبة من باب المندب.

 

مطلع مايو الفائت، زار "إبراهيم" الذي ينحدر من مديرية مشرعة وحدنان محافظة تعز، أسرته ليقضي معها إجازة عيد الفطر، ثم عاد اليها مطلع أكتوبر الجاري جثة هامدة.

 

يضيف شقيقة للحرف 28 "بعد انتهاء اجازته العيدية عاد إلى جزيرة ميون عقب استدعائه من قبل قيادته العسكرية..".

 

اختفاء "إبراهيم" وانقطاع التواصل الغير معتاد دفع أسرته للبحث عنه، حتى تبين في منتصف يوليو أنه تم استدعائه إلى منطقة جازان السعودية. وفقاً لما أفاد به زملاء إبراهيم لأسرته.

 

ظل خبر مصير الملازم "إبراهيم" طي الكتمان في إحدى سجون الاستخبارات السعودية بمنطقة جازان حتى مطلع أكتوبر الجاري.

 

يقول الناشط الحقوقي ياسر المليكي إن السلطات السعودية أفصحت عن وفاة الجندي إبراهيم الشمساني "مدعية بانه انتحر". مشيراً في منشور على صفحته بالفيسبوك إلى أن التقرير الطبي لجثة المجني عليه " لا يوجد ما يؤكد الانتحار".

 

يؤكد تقرير الطب الشرعي الصادر عن النيابة العامة، أن المجني عليه "إبراهيم" تعرض للتعذيب والخنق ما تسبب في وفاته.

 

وبحسب التقرير – حصل "الحرف 28" نسخة منه - شوهد على جسد المجني عليه ازرقاق سيانوزي داكن اللون بالشفتين والأظافر والأذن بالإضافة إلى سحجات احتكاكية متكون بمنطقة الرسغين من أثار القيود.

 

وأشار التقرير الى وجود آثار ضرب على قاع قدمي المجني عليه، لافتاً إلى أن الدلائل تؤكد تعرض "الشمساني" للتعذيب قبل وفاته.

 

ويتهم يوسف، الحكومة وقيادة خفر السواحل بالتواطؤ في تعذيب شقيقه إبراهيم والتسبب في وفاته.

 

صباح الخميس الفائت، شيعت أسرة الشمساني جثمان الملازم إبراهيم، إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه "مشرعة وحدنان" وسط حضور شعبي كبير، مطالبين بالكشف عن ملابسات الحادثة ومحاسبة المتورطين.

 

الخشية أن الدفن لم يكن لجثة إبراهيم فقط، بل للجريمة التي تشير الى ضلوع جهات صاحبة قرار في شبكة تجارة مخدرات. فإبراهيم قام بواجب يبعث على الشرف، لكن المتضررين من ضبط الشحنة ورفض المساومات، أغضبهم الأمر وتم اقتياده الى سجن سعودي في جازان.

 

هناك جرى مكافأة الضابط بطريقة مختلفة: عذبوه حتى الموت.

 

تلك النهاية المخيفة، تحكي سرا غامضا عن نفوذ العصابات وتجار المخدرات على الحدود وقدرتهام على استخدام السلطات لتصفية ضابط شريف.


Create Account



Log In Your Account