كشفت أحاديث لمسؤولين غربيين وسعوديين، عن مأزق كبير تعاني منه الرياض باليمن، في حرب استنزفتها على مدى 5 سنوات، مع غياب استراتيجية خروج من الحرب المكلفة، في الأفق. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول غربي مطلع على سياسة الرياض في اليمن قوله "على غرار الإمارات، يرغب السعوديون في أن يقولوا إن هذه الحرب انتهت بالنسبة لنا". واضاف: "لكن الوضع على الأرض صعب للغاية".
وأعرب مسؤولون سعوديون كبار أيضا عن إحباطهم من الاقتتال الداخلي الذي يعرقل حملتهم المشتركة ضد الحوثيين الذين يسيطرون على مساحات واسعة في اليمن. وقال المسؤول الغربي "تم عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، والتوترات تتصاعد مرة أخرى في الجنوب بالتزامن مع تصاعد القتال في الشمال". وبحسب المسؤول، فإنه يبدو أن السعودية "تواجه السلام مثل الحرب عبر المبالغة في تقدير قدراتهم والتقليل من قدرة الجانب الآخر على الانخراط في هجوم مضاد". ويؤكد محللون أن المملكة لا تزال تملك مفاتيح حل الصراع الشائك في اليمن. وتقول إيلانا ديلوجر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "السعوديون في أفضل وضع للقيام بذلك لأنهم يملكون علاقات مع كل اللاعبين الأساسيين في اليمن". ولكنها حذّرت من أن "قدرة السعودية على المناورة لإنهاء الحرب بشروط يمكنها القبول بها، قد تتقلص". وحتى الآن، لا تلوح أي بوادر في الأفق لإنهاء الحرب في اليمن، التي أكد مسؤولون سعوديون أنها رئيسية لمواجهة ما وصفوه بخطر التوسع الإيراني. وكتب الأستاذ المساعد في جامعة أوتاوا الكندية توماس جونو في تحليل لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: "تعتقد الرياض أن انسحابها المفاجئ سيضعف التحالف أو يؤدي إلى تفككه، ما يخدم الحوثيين وداعمهم الخارجي، إيران". وأضاف: "في الوقت نفسه، تريد الرياض خفض تكاليف تدخلها في اليمن، فقد أدركت أنه ليس بمقدورها تحمل التكاليف المالية والعسكرية على المدى الطويل". وتوقعت الرياض انتصارا سريعا عندما قررت التدخل في اليمن على رأس التحالف في 2015 لقتال المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. ولكن الحرب كشفت عن حدود قدرات السعودية العسكرية، إذ عجزت الرياض حتى الآن عن التغلب على الحوثيين، من مراكز قوتهم في شمال البلاد، وسعت دون جدوى إلى وقف الاقتتال الداخلي المميت بين حلفائها في الجنوب. وتبدو المملكة وحيدة إلى حد كبير الآن بعدما قامت حليفتها الإقليمية الرئيسية الإمارات في 2019 بخفض تواجدها العسكري في اليمن، في خطوة قال مراقبون إنها تهدف إلى الحد من خسائرها. ووفقا لوكالة "فرانس برس" فإنه ليس أمام السعودية طريق سهلة للخروج من اليمن. وكانت الأطراف المتنازعة أبدت في السابق اهتمامها بخفض التصعيد، مع إعلان مسؤول سعوديّ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أنّ المملكة تقيم "قناة اتصال" مع الحوثيين من أجل إنهاء الحرب. وعرض الحوثيون أيضا وقف كافة الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة ضد السعودية. ويبدو أن هذه الجهود لم تسفر عن شيء بينما يرى مراقبون أن الحوثيين ربما قاموا باستغلال فترة الهدوء من أجل تعزيز قدراتهم العسكرية.