لماذا اعتبرت مدرسة الاجتهاد اليمنية أن التكفير بالإلزام من أعظم مزالق الأقدام؟
الثلاثاء 19 أُغسطس ,2025 الساعة: 09:54 صباحاً

من أعظم أسباب التخبط في الخطاب الدعوي في اليمن إهمال الدعاة والخطباء لمنهج علماء مدرسة الاجتهاد اليمنية الذين رفضوا التكفير بلوازم الأقوال والمذاهب والمآلات، وأكدوا قاعدة راسخة:" لازم المذهب ليس بمذهب"

فقد بيّن الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في كتابه إقامة الدليل على ضعف أدلة تكفير أهل التأويل أن أهل التأويل لا يجوز تكفيرهم. وأكد الإمام محمد بن علي الشوكاني في السيل الجرار هذا الأصل بقوله:

"قد علم كل من كان من الأعلام أن التكفير بالإلزام من أعظم مزالق الأقدام، فمن أراد المخاطرة بدينه فعلى نفسه جنى."
وهما في ذلك يسيران على منهج مؤسس مدرسة الاجتهاد اليمنية ابن الوزير اليماني، الذي  أكد أن “التكفير بالإلزام، ومآل المذهب رأيٌ محضٌ لم يرد به السمعُ لا تواتُرا، ولا آحادا، ولا إجماعا” ويضيف ابن الوزير” وهو عندي في غايه الضعف، والفرض أن أدلة التكفير والتفسيق لا تكون إلاَّ سمعيةً، فانهدَّت القاعدة، وبَقِيَ التكفير به على غير أساس”

حتى مع وجود تناقض ظاهر بين بعض المذاهب وأصول الإسلام، فإن ذلك لا يسوّغ تكفير المنتسب إليها طالما أنه يصرّح بإسلامه، ويكفي أن يُعدّ تناقضًا فحسب. وقد أوضح ذلك ابن تيمية بقوله:

"أكثر ما فيه أنه قد تناقض، وقد ثبت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين."
ولما سُئل: هل لازم المذهب مذهب؟ أجاب:
"الصواب أن مذهب الإنسان ليس بلازم له إذا لم يلتزمه؛ فإنه إذا كان قد أنكره ونفاه كانت إضافته إليه كذبًا عليه."

ويتفق هذا مع كلام ابن حزم:

"من كفّر الناس بما تؤول إليه أقوالهم فقد أخطأ؛ لأنه كذب على الخصم وتقويل له ما لم يقل به... والتناقض ليس كفرًا، بل قد أحسن إذ قد فرّ من الكفر."

وقد أدرك العلامة صالح المقبلي خطورة هذا الباب، فحذّر في كتابه العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ من التكفير بلازم القول، وذكر أنه تصفّح كتابًا في العقيدة "فإذا هو لم يكد يسلم منه أحد من التكفير"، وضرب أمثلة على تساهل البعض في الحكم بالكفر بناءً على الإلزامات والمآلات.


Create Account



Log In Your Account