إلى أشقائنا في السعودية.. هذا هو معنى: "خيركم وشركم من اليمن"
الثلاثاء 13 أبريل ,2021 الساعة: 12:04 صباحاً

ربما لا يوجد شخص "واحد" فقط، ترك أثرا وذكرى مازالت قائمة في الشرق الأوسط خلال المائة سنة الماضية مثل عبدالعزيز آل سعود.
ويقال أنه ترك وصية.

أولا: الوصية الملكية

يُحكى أن مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود، جمع أولاده حوله في أيامه الأخيرة وأوصاهم بوصية حمالة أوجه وتحتمل الكثير من التفسيرات المتناقضة: "خيركم وشركم من اليمن"

1- الطيبون والوصية

الطيبون، ذوي النوايا الحسنة، يفسرون: "اليمنيون، هم جيرانكم وأشقاؤكم وأنسابكم ويشتركون معكم في اللغة والثقافة والدين والتاريخ والجغرافيا حتى قبل نزول الأديان."

"وإذا نزل عليهم الخير، فسيعم الخير ليشملكم"
"وإذا نزل علينا الخير، فسيعم ليشملهم"

"وإذا أصاب الأذى والشر أيا من اليمن أو السعودية، فسيصيب الشر والأذى البلدين."

2- الشكاكون والوصية
*
الشكاكون، الذين لا علاج لشكوكهم، يفسرون:

"لا تسمحوا لليمن أن تكون قوية، لأنها ستهددكم"
"لا تسمحوا لليمن بأن تنعم بالخير، لأن خيركم ينتهي إن جاءها الخير"
"إحذروا اليمن، فلن يأتي منها إلا كل شر"

3- اليمنيون والوصية

اليمنيون، عادة يتجنبون ذكر هذه الوصية لأن المفهوم الشائع هو السيئ ونحن معنا علاقات متشعبة معكم ولا نريدها أن تتأذى أو تسوء.
الذي يستدعي هذه الوصية بالمعنى السلبي ويرددها، إما شكاك وعنده بارانويا أو غاضب ويشعر بالمرارة منكم من شيئ ما.

4- السعوديون والوصية

لم أسمع سعوديا يذكر هذه الوصية على الإطلاق، إما لأنه لا توجد أصلا وصية ملكية بهذا المعنى، أو لأنها مخجلة، أو لأنهم- بطبعهم المعروف- لا يحبون أن يدخلوا بهذا النوع من الجدل والقيل والقال.

ثانيا: اليمن- الآن- واقعة في الشر

يصنفوننا عالميا- كل لغرض في نفسه- بأن اليمن تمر بأسوأ كارثة إنسانية في العالم في التاريخ الحديث.
لقد وقعنا في الشر.
وجاءكم الشر، عندما وقعنا نحن في الشر.
بهذا يصبح الجزء الثاني من الوصية- إذا صحت- صحيح ١٠٠٪؜.
"شركم من اليمن"

ويكون تفسير الوصية قد تحقق بحسب تفسير الطيبين:
"الشر عندما يقع في اليمن، ينتشر ويصل إلى السعودية"
"ويجب أن تساعد السعودية أشقائها وجيرانها لينجوا من كل شر."

ثالثا: وجاءت السعودية لتساعد اليمن
الشر الحالي الواقع في اليمن، هو استيلاء الحوثي على اليمن بمساعدة إيران عدوتها وعدوتنا اللدودة.

هذه هي أركان مساعدة السعودية لليمن:
1- حملة جوية
2- حصار
3- دعم الشرعية اليمنية

كان المفروض أن نصنف هذه المساعدات على أنها خير عظيم قادم من أشقاءنا في السعودية، وربما حتى أن نجملها تحت الجانب الطيب من الوصية.

لكن بكل أسف:
1- قصف الطيران- وحده- لا يحقق انتصار
2- تملص الحوثيون والإيرانيون من تأثير الحصار
3- شعب اليمن، يعاني من الحرب والتشرد والنزوح والدمار
4- ربربة وتسمين رموز الشرعية وحكومتها ورئاستها في الرياض، يشوهها ولا يمكن أبدا تسميته بدعم للشرعية
5- تَبَنِّي دولة الإمارات للانفصال في اليمن، هو أكبر شر يمكن أن يحدث لمستقبل اليمن
6- تشكيل وتمويل وتدريب وتسليح ميليشيات معادية للشرعية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في عدن والمخاء وسقطرى، لا يمكن أن يسمى دعما للشرعية.

صحيح أن حروف كلمات معادي للشرعية وداعم للشرعية، تتشابه ولكن المعنى مختلف تماما.

خلاصة هذه النقاط، هي أن هناك شر يصيب اليمن من هذه المساعدة بالطريقة الحالية.

هذا أشبه بحكاية الدب الذي رأى صديقه الإنسان نائما تحت الشجرة بينما ذبابة على أنفه تقلق منامه، فقام الدب بإلقاء حجرة ضخمة هشمت وجه الصديق وطارت الذبابة ونجت بحياتها وانتحى الدب جانبا يبكي حزنا على صديقه وامتنع عن الطعام حتى فارق الحياة.

بطريقة المساعدة الحالية، سينجو الحوثي وإيران مثل الذبابة والباقي يسهل استنتاجه.

رابعا: هذا الشر ينتظر السعودية
الذي يقرأ ما يدور في العالم، يستطيع أن يرى هذه الشرور "الحقيقية" التي بانتظار السعودية.

1- أمريكا، لا تريد

أمريكا، لا تريد البقاء في منطقتنا.
أمريكا، لا تريد أن تحارب إيران أبدا.
بحساب ميزان المصلحة والخسارة، ترى أمريكا أن ترك المنطقة أربح تجارة.
أمريكا، تتدخل الآن وتحاول- بدون نفس وبدون همة- إنهاء الحرب من باب الجرجرة والسحببة والقصور الذاتي، وليس من باب المصلحة أو الدافع أو الإستراتيجية الجيوسياسية.

أمريكا، تتدخل في اليمن بدون أي تحمس بل وهي غارقة بالضجر والملل.

2- أمريكا، لا توجد عندها أي ورقة ضغط لإقناع إيران بالتخلي عن دورها في اليمن ولا التوقف عن مساعدة الحوثي.
أي أن أمريكا، لا فائدة ترجى منها لا للسعودية ولا اليمن.

3- كلام نهائي:
إيران تريد أن تستمر الحرب في اليمن إلى مالا نهاية.
مكاسب إيران، كبيرة من استمرار الحرب وغرامتها قليلة.

4-  إيران، ستستمر بممارسة الضغط الخفيف الذي لا ينقطع على السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة وعن طريق الحوثيين، حتى تصبح من الأمور العادية الروتينية التي تقابل بامتعاض خفيف من العالم.

5- هذا هو ما تريده إيران من السعودية

أ- الأفضل أن تستمر السعودية في مستنقع اليمن إلى أجل غير مسمى.
ب- أن تنسحب السعودية من اليمن تماما وتخضع لسيطرة الحوثي.
ج- أن تطرد السعودية من اليمن كما سبق وأن طردتها من لبنان والعراق وسوريا.

6- الحوثي، لا يلعب
الحوثي لم يقم بكل ما قام به للتسلية أو المزاح أو المداعبة أو للحصول على عدة وزارات أو مشاركة بالحكم.

كلام نهائي:
•الحوثي، يريد الحكم والسيطرة الحصرية الكاملة على اليمن.
•الحوثي، يريد الاستيلاء الكامل على حكم اليمن بالقوة والسلاح ولن يوافق أبدا على نزع سلاح أو التخلي عن ميليشياته.
•الحوثي، لن يتخلى عن علاقته الحميمة والإستراتيجية بإيران.

خامسا: هذا هو خيركم من اليمن

الخير، يُصنع ولا يأتي وحده مثل الغيث والمطر.

الخير، هو دحر الحوثي ونزع سلاحه والتخلص من دور إيران من اليمن.

وهذا الخير الذي لا يمكن أبدا أن يحصل عليه السعوديون واليمنيون بالحظ والنصيب وسحاب المطر،
ولا يستطيع أن يصنعه ويعمله ويبذله ويضحي من أجله وينتصر به إلا أهل اليمن.

ويحتاج أهل اليمن إلى السعودية لتحقيق هذا الأمل وهذا الخير.

عندها سيتحقق المعنى الطيب لكلمات: "خيركم من اليمن"
سادسا: هذا هو طريق الخير

1- كسب عقول وقلوب اليمنيين

2- عدم تبني وتمويل وتسليح المجالس السياسية والميليشيات الرافضة للشرعية

3-  إعادة الرئيس والنائب والحكومة ووزارة الدفاع والأركان إلى عاصمة اليمن المؤقتة: عدن

4- حسن إدارة المناطق المحررة

5- غرفة عمليات مشتركة هي التي تدير حرب اليمن في كل مكان وفي كل الجبهات

6-  تطبيق فنون الإدارة والمساءلة والمحاسبة والثواب والعقاب لكل من يدير المسائل المدنية أو العسكرية في كل من البلدين

7- يجب أن تكون رسالة السعودية واضحة بأن من مصلحة المملكة العليا، هي أن يكون اليمن حرا مستقلا يبسط سيادته على كل أراضيه من صعدة إلى المهرة إلى سقطرى.

لا يمكن حشد اليمنيين في معركة تاريخية عظمى لإحضار "الخير" لليمن والسعودية وهم غارقون بالشكوك بشأن نوايا السعوديين.

وختاما: إلى أشقائنا في السعودية
إذا وقعت اليمن في براثين الشر، فستصل إليكم كل الشرور طال الزمن أو قصر.
إذا نجت اليمن وعَمَّ ربوعها الخير، فستنجون معنا ويصلكم خير اليمن.
"خيركم من اليمن وشركم من اليمن"


Create Account



Log In Your Account